1️⃣ الموضوع : قراءة نقدية
2️⃣ العمل : رواية " مع مرتبة الشرف "
3️⃣ التصنيف : إجتماعي
4️⃣ الكاتب : Amr Hussein
5️⃣ الصفحات : 285 Abjjad | أبجد
6️⃣ سنة النشر : 2025 م
7️⃣ الناشر : دار دَوِّن للنشر والتوزيع
8️⃣ التقييم : ⭐⭐⭐⭐
♦️ مقدمة :
ـ في دوّامة الدنيا وتحقيق الأحلام ، حيث تصطرعُ الآمالُ والآلام ، وتتنازعُ الأرواحُ والأبدان ، ويصطبع الوهن على الأجفان ، بين أملٍ يَسري ، ويأسٍ يجري ، وجهد جهيد ، وثمن زهيد ، واقع صامت ، ومستقبل باهت ، هناك من يتمسك بحبال النجاح ، وآخرون يهزمهم اليأس والكفاح ، فيصل الأوائل إلى مبتغاهم ، ويضل الآخرون عن مسعاهم ، ولكنها أقدار مقدرة ، وما أحلاها إن كانت مع المحبرة إلى المقبرة.
ـ في زمنٍ تتقاطع فيه الدروب بين الطموح والخذلان ، وتتشابك فيه الأحلام مع القيود والإمكان ، يطلّ علينا عمرو حسين بعمله الروائي "مع مرتبة الشرف" الصادر عن دار دون للنشر والتوزيع ، حاول أن يُمسك بجمر الواقع ، ويصوّر صراع الفرد في خضم دوامات الحياة ، ونقل التعب والهم والمعاناة ، بأسلوبٍ سرديّ طويل ممتدّ ، يحتمل التأمل كما يحتمل الضيق . ويعين على بلوغ الطريق ، أو يعيق !
♦️ ملخص موسع للقصة:
ـ وُلد الفتى من سُلالةِ علمٍ ونور ، وميراثِ فضل وحبور ، لا يعرفُ للكسل بابًا ، ولا للركونِ جنابا .. نشأ في بيتٍ يزهرُ بالطبِّ والرداء الأبيض ، ويُضاءُ بالمعرفةِ كالفجرِ لا يمرض ، غير أنه اختار أن يسيرَ على جسرٍ آخر ، في معمعانِ الهندسةِ والأرقام ، ليخطَّ دربًا له وحده ، ويحقق فيه غايته وسعده ، لا يرثه من أحد ولو أبواه ، بل يفخر بما صنعت يداه .
ـ فانطلق يسابقُ الزمن ، ويتحاشى ما يقابله من وهن ، يصارعُ العثرات ، يغالبُ النكبات ، متوشّحًا بالعلمِ وحده ، متسلحًا بالعزيمة ليحقق وعده .. لكنه ، وفي السنةِ الأخيرة ، عَصَفت به الريح ، ووقع له الخبر القبيح ، فزلّ من القمّة ، وفترت منه الهمة ، وأفلت المركزُ الأول من بين كفّيه ، كما تفلتُ القطرةُ من ورقةِ الندى، لكنّه لم ييأس، ولم ينكسر.
ـ فبالنصِّ العادلِ من القانون ، وُعِّد بالتعيين معيدًا ، وجاءه الوعدُ غير مكدود .. ثم ما لبث أن تقدّم ببحثَ الماجستير ، ليلقى على بوابة العلم حارسةً متعنّتة ، أغلقت عليه دروب الرحمة بالألم ، وداست كرامته في سبيل الورقةِ والقلم ، فصبر، وتجلّد، وآثرَ الطريقَ الأوعر .. عسى في الغد أن يُجبر.
ـ ترك الحبّ عنوة ، وأعرض عن الزواج ، هجَر الأنس وصنوه ، وأغلق عليه أبوابَ الابتهاج ، فكان بينه وبين السلام سدًّا من جُهد لا ينقطع ، أتى فيه بما يستطيع وما لم يستطع ، حتى أتمّ بحثه ، على وجهٍ يُرضي الطموح ، ويُقنع الجموع ، ثم مضى يتقدّم لمنحة الدكتوراه في بلادٍ بعيدة ، لا يعرف فيها وجهًا ، ولا يأنسُ بها وطنًا ، فكان له ما أراد.
ـ نالت يداه الدكتوراه ، ونال معها سكينةً ما عرفها من قبل ، سكينة من يُكافأ بعد المشقّة ، ومن يُملك بعد الصبر حقه .. ورجع ، في يده شهادة ، وفي قلبه سعادة ، خلع عنه ثوب القيادة ، ولغى تفكيره في العمادة ، لأن الصواب ما وصل إليه ، وليس ما يوماً أراده ، وفي انتظاره محبوبته التي لم تخنه ، ولم تهجره ، بل عاشت لأجله تنظره ، في قلبها كل لحظةِ تَعَب ، وكل يومِ غُربة ونَصَب .. فما دام في القلبِ نبضٌ ، وفي الروحِ عزيمة ، فالحلمُ لا يموت…ولا تلحقه الهزيمة .
♦️على هامش الرواية:
ـ آثرتُ أن أستهلّ المقال بذكر القصة مختصرة اختصاراً يصل به كامل المعنى ؛ فإن اختصار ما تم بسطه في عشرات الصفحات ، ببضع فقرات ؛ لهو أمر عظيم ، وخطب جَلل ، ينبئ عن أحد أمرين: إما أن يكون ما خاضه البطل من صعاب لا نظير له .. أو أن الكاتب قد أسرف في التفصيل حد الملل ، وهو من أشد الخلل .
ـ والحق أن العمل ممتعٌ ومزعجٌ ، جامع غير مانع في آنٍ واحد؛ ممتعٌ لما طرحه من قضايا تمسّ صميم الوجدان المجتمعي ، ومزعجٌ لطوله المفرط ، وسرده الذي فقد كثيرًا من لونه التأثيري ، رغم ثراء لغته … جامع لمجموعة متنوعة من القضايا الهامة ، غير مانع من دخول الإطناب الشديد ، والعرض البعيد ، عن الهدف السديد .
♦️بين المميزات والهفوات :
ـ ومن أعظم مميزات العمل ، تسليط الكاتب الضوء على قضايا محورية تتعلق بالشباب والهوية والإرادة الحرة، من أبرزها:ـ
1️⃣ـ فكرة التحرر من "نسخة الآباء"، والتمرد على النمط الموروث ، وهو ما فعله "وليد" حين اختار طريقه الخاص ، متخليًا عن جلباب أبيه ، ساعيًا خلف حلمه الجامعي بعيدًا عن خريطة العائلة .. إنها قضية لا تروق للآباء ، وتستثير فيهم الهجر والغضب والإباء ، ولكن معالجتها في عمل روائي مختتم بنجاح المتمرد ؛ قد تُسهم في إعادة تشكيل نظرة المجتمع لها.
2️⃣ـ ومن القضايا المهمة التي أثارها العمل: النظام الأكاديمي الظالم الذي كان يعتمد التقدير الأخير في السنة الأخيرة لتحديد مصير الطالب ، متجاهلًا اجتهاده في سنواته السابقة .. وقد كانت مأساة "وليد" صورةً لهذا الظلم ، قبل أن يُصلَح النظام لاحقًا باعتماد المجموع التراكمي ، وهو إصلاح يُحسب للمؤسسات الأكاديمية.
3️⃣ـ ومن القضايا المثارة كذلك تسليط الضوء على فئةٍ مهمة ، وهم المعيدون وأعضاء هيئة التدريس ؛ فهؤلاء ما زالوا في دوامةٍ ، مطحونين بلا تقدير ، مقهورين بلا نظير ، مهمشين بلا احترام ، متروكين بلا اهتمام ، هؤلاء الذين تُفتح لهم الأبواب ، وتُهيَّأ لهم الأسباب ، وتُذلَّل لهم الصعاب ، في كل مكان، إلا هاهنا!
4️⃣ـ ومن زوايا الطرح المؤلمة ، تسليط الضوء على مسألة تعنت المشرفين على الرسائل العلمية ، وهي ظاهرة واقعية أرهقت الكثيرين من الباحثين ، وحرمت البلاد من عقول كانت لتبدع وتنتج لو أُتيحت لها بيئة أكاديمية عادلة ، وقد شهدت ذلك مِراراً ، وتجرعت من سماعه مَراراً.
5️⃣ـ ومن القضايا الهامة التي تناولها العمل بشيء من الواقعية القاسية ، فهي الهوس المجتمعي بامتلاك مسكن مكتمل التشطيب ، حتى وإن كلّف ذلك المرءَ عمره ، وأحلامه ، ومستقبله المهني .. كم من حلمٍ انكسر على عتبة بلاطٍ لم يُركّب ، وكم من عقلٍ تفرّغ لأعمال السباكة والتشطيب ، بدلًا من التفرغ للعلم والبحث والتنقيب!
6️⃣ـ كما أشار الكاتب ، إلى الفارق الكبير بين آليات توظيف الكفاءات هنا ، وفي الغرب المتقدم .. فبينما نكتفي نحن بسدّ الحاجة في المؤسسة ، يتفنن أولئك في استثمار الطاقات وتوظيف العقول بما يحقق أقصى استفادة للجميع.
♦️ـ كل هذه الموضوعات المهمة تستحق الشكر والتقدير للكاتب ، إلا أنني لا أُخفي لومًا على طريقة الطرح ؛ إذ جاءت المناقشة سطحية، خاوية من العمق النفسي ، ومستوى التأثير المعنوي ، الذي يُحدث أثرًا لدى القارئ .. كأنني أتصادم مع جدار مصمت؛ لا وجدان يتحرك، ولا نبض يتفاعل.
♦️ـ رغم جزالة اللغة ، وسرعة السرد ، ومناسبة الحوار ، فإن العمل وقع في مطب التكرار والإطالة ، وبعض المغالطات التي كانت بحاجة إلى ضبط وتحرير .. وكان الأجدر بالكاتب أن يختصر المطولات ، ويتثبت من المعلومات ، حتى يُحكِم بناء العمل ، على الوجه الأمثل ، ولعله فيما هو قادم يفعل .
♦️أما عن الشخصيات :
▪️ـ فالشخصية الأبرز هي شخصية البطل ، فهو الذي كان يكتب ويدوِّن مذكراته ، ويحكي قصة حياته ، وهذه الشخصية تحديدًا رأيتها بمنظارين:
ـ الأول…فقد جاءت مترددة ، غير ناضجة ، لا ترقى لأن تُقدم كنموذج ملهم ، ولا أن تُصور في ثوب بطل خارق يحقق المستحيل .. وهذه تحسب للرواية لا عليها ؛ لأن العجيب أن هذا المتردد ، البسيط ، القلق ، المتحيّر ، قد حقق نجاحًا باهرًا ، عجز عنه غيره ، ممن استهوتهم الراحة والمال في غير العلم .. وهذا هو المستحيل بعينه .. وهو منظار القلب !
ـ الثاني…وهو كون هذه الشخصية تنجح ، فإن الوصول إلى هذا النجاح أمرٌ أقلُّ من العادي ، خاصّةً لرجلٍ وُلِد في أسرةٍ علميّةٍ أكاديميّةٍ بحتة ، يسكن في فيلّا .. فخِلافًا له، يصل إلى ما وصل إليه – ويزيد – مَن خرج من بيئةٍ سطحيّة، أو دُونيّة، أو غير أكاديميّة .. وتوظيف الشخصية في صراعٍ مع الحياة هناك، كان في غير محلّه .. وهذا منظار العقل."
▪️ـ ثم إنّ بقيّة الشخصيّات ، منها ما كان مؤثّرًا ، ومنها ما جاء سطحيًّا ؛ إذ لم يدخل الكاتب في أعماق الشخصيّات أبدًا ، وإنّما بدا عرضُهم استكمالًا للّوحةٍ يرسمها الواقع المجتمعي.
▪️ـ من أبرز الشخصيّات المؤثرة : الدكتورة حنان البسيوني ، ووالد البطل ، ووالدته ، ومحسن صديقه .. وعلى النقيض ، نجد أخته الدكتورة مروة ، كأنّها سَرابٌ معه إلّا قليلًا ، بل إنّ حبيبته المهندسة وسام ، لم ينقلها لنا نقلًا رومانسيًّا حتى ، يُضفي إلى القصّة مزيدًا من الحميميّة ، وهذه أيضًا من الملاحظات التي يمكن تلافيها .
♦️بعض الاقتباسات:
ـ ❞ قِيل قديمًا: إنَّ مشوار الألف مِيل يبدأ بخطوة. ما لم يقُله لك أحدٌ: إنَّ هذا المشوار لن يتم أبدًا إلا لو جاءت تلك الخطوة في الاتِّجاه الصَّحيح ❝
ـ ❞ الأصعب مِن اختيارك خوض مغامرةٍ في طريق مجهول، هو أن تُقرّر اجتياز الطّريق وحدك تمامًا. ❝
ـ ❞ أعظم المشاوير هي تلك التي تُدرِك فيها وجهتك جيِّدًا، لكنَّك لا تعرف على وجه الدِّقَّة ما ستجده هناك. دَعِ الفضول يقودك، وتأكَّد أنَّ نتيجة الرِّحلة ستكون أفضل وأهم ممَّا تتخيَّل. ❝
ـ ❞ تذكَّر جيِّدًا أفضل الطُّرق للوصول؛ فيومًا ما ستَصِف الطَّريق لآخرين. تأكَّد أنَّك عند نهاية المشوار، لن تكون أبدًا نفس الشَّخص الذي بدأ. ❝
#أبجد
#عمرو_حسين
#مع_مرتبة_الشرف
#مراجعات_محمود_توغان

