مع مرتبة الشرف
Amr Hussein
دار دَوِّن للنشر والتوزيع Dawen Publishers
256
■ قصَّة كلّ إنسانٍ هي قصَّة بحث. كلنا يبحث عن السَّعادة وعن الحياة، وعن نصفه الآخر، وعن النَّجاح والأموال والتحقق، كلنا يبحث بشكلٍ أو بآخر عن الحياة، بغموضها وأسرارها، وعن حياة أخرى يؤمن بها وينتظرها.
بالنسبة لي هذه قراءة اولى لقلم الكاتب بالرغم من إشادة الجميع بقلمه الا ان الحظ لم يكن في صفي وحينما قرأت العمل أدركت فعلا مدى روعة قلمه حيث أن لدي قناعة أن هناك البعض حباهم الله بملكة تسخير اللغة وأرى الكاتب منهم فجاء العمل بلغة عذبة بسيطة مع سيطرة تامة على جوانحك وانسياب الافكار والشعور بداخلك مما جعلها رحلة ممتعه جدا.
تحكي الرواية عن وليد أبو المكارم سليل عائلة الأطباء بداية من جده طبيب الملك فاروق وحتى والده ووالدته واخته وزوجها وعمه ليقرر وليد كسر تعويذة الطبيب في العائلة والإنضمام إلى كلية الهندسة لتبدأ حياة جديدة لم يتوقعها حينما عاهد والديه على الحصول على شهادة الدكتوراة في الهندسة كي ينال لقب الدكتور مثلهم بل وعمادة الجامعه ايضا.
كما يقال مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة ولكن ليست كل الخطوات متشابهه فهنا يجد البطل نفسه في وسط سلسلة من التحديات فهو في جامعه جديدة وليس هناك داعم له في الفهم او الشرح سوى مجهودة وهو غير ما حدث ل مروة مثلا فكان التحدي أصعب ولكنه قرر خوضه بإمتياز لينال ثاني اختبار له قبيل الامتحان النهائي من عامه الاخير فتميل كفته بعدما كان المرشح الاول ليكون معيد في جامعته بعدما أصبح في الترتيب الرابع على جامعته ليقبل ببديل اخر على ان يجتهد في دراسة الماجستير ولكنه يجد في هدية عيد ميلاده القانون رقم ٤٩ لسنة ١٩٧٢ حلا لمعضلته ولكن هيهات فالمتظلمين كثيرين والحياة لا تلين لأحد بل على العكس كلما واجهتها كشرت عن انيابها اكثر وهو ما شعر به البطل الذي توالت خطواته الواحدة تلو الأخرى حتى اكتشف ذاته وشغفه الحقيقي فكانت خطوته الأخيرة والاولى في نفس الوقت لحياة مختلفة لم تكن في حسبانه او ضمن خطته.
من اول صفحة في العمل يعترف البطل بأنه شخص يصعب عليه اتخاذ القرارات بسهولة فهو يضع الخطة جيدا ويسير عليها وفي رأيي كان مهزوزا يفتقد للشعور بالثقة بالرغم مما حققه من نجاح ولعل ذلك مرجعه لحداثة سنه مثلا فبينما كان في بدايات عمره قد اعتاد ان يحل مشاكله محسن او مروة او والده او وسام فحينما رأى شغفه الحقيقي قام باتخاذ قراره بلا رجعه .
العمل يقدم حالة خاصة لفترة الثمانينات والتسعينات من حيث ظهور اجهزة الموبايل وشبكات المحمول وظهور نشاط السمسرة بحيث كان نقلة كبيرة لمن يمارسه بالاضافة لمناقشته قضايا هامة وقتها وان كانت مستمرة ليومنا هذا مثل مشكلة الماديات في الزواج وتعسف الأهل تجاه تأمين حياة بناتهم ورحلة البحث عن الشقه وتشطيبها كذلك ناقش قلة العائد المادي نتيجة التدريس الأكاديمي مقارنة بالقطاع الخاص مما يجعل الشاب في مواجهة صعبة بين اختيار المكانة الاجتماعية او الامان المادي كذلك ناقش تعسف المشرفين في الدراسات العليا في كثير من الأحيان. كما ناقش ايضا نظرة الانبهار بالغرب وحرص الغرب على استغلال قدرات الافراد بما يفيدهم وفي مجال قدراتهم وهو عكس ما يحدث في السوق المصري للأسف.
عايشت كل ما تم في الرواية فوضعني في حالة من النوستاليجا المحببة وتذكرت "اجندة الجواز" بما تحويه من تجهيزات ومستلزمات واسعارها وفيما يخص رحلة السفر للخارج لنيل الدكتوراة فقد عايشتها أيضا مع صديقتي العزيزة دينا على عامر في كل حرف مما كُتب ولا انسى بالطبع أجرها عن السيكشن وهي المعيدة والأولى على دفعتها والذي يقدر ب جنيه و ٧ قروش🥲 ولا انسى ابدا اثر الاغتراب في حياتها حين قالت لي ذات يوم انها تشعر انه حُكم عليهم بالشتات كما اليهود فأسال الله أن يهبها من الطمأنينة أضعاف ما لاقت ويؤنس روعها . كما ناقش فترة زلزال 92 وأحداث 11 سبتمبر ونيل دكتور زويل لجائزة نوبل وغيرها الكثير.
ازاء نظرة البطل لواقعه وأن الحياة تعانده دوما لم استطع التعاطف معه اذ كان يسيطر على عقلي حياة عجايبي طالب الهندسه في رواية الاختباء في عجلة هامستر للدكتور عصام الزيات ولسان حالي يقول حياتك انت صعبه انظر ل عجايبي وتعلم ولعل هذه هي روعة الكتابة انها تضعك في حالة مختلفة في كل قراءة بالرغم من تشابه المعطيات او الظروف احيانا.
احببت جدا ابيات الشعر في الرواية واعتقد ان وليد اُغرم بها ايضا إذ أصابته عدوى الكتابة فقرر كتابة تجربته. كما احببت شخصيات العمل سواء الدكتورة حنان بشخصيتها التي تبدو مزدوجة للبعض أو محسن الخل الوفي والذي يعتبر من المستحيلات حاليا للأسف كما احببت تخليد ذكرى والدته خلال الرواية، وبالطبع تجلى حس الكاتب الفكاهي في شخصية سمير مسمار
عمل رائع لطيف ينصح به كفاصل كما تميز بأنه لا يحتوي على ألفاظ خارجة او يحرض على فعل مشين فيستطيع المراهقين قراءته كحافز قوي للتقدم وبث الأمل.
تقييمه 3⭐️⭐️⭐️
كحاله ونوستاليجا 5⭐️⭐️⭐️⭐️⭐️
■اقتباسات:
● توجد في الحياة بعض المشكلات بلا حلّ سريع. بعضها يحدُث في وقتٍ وزمنٍ مُحدَّدين، ولو تغيّر المكان أو الزّمن، لتلاشَت المشكلة تمامًا! ولهذا قيل إنَّ الزَّمن كفيلٌ بحلِّ بعض المشكلات. ليس على المرء مُحاربة طواحين الهواء سعيًا وراء الانتصارات، فالهزائم واردة والاعتراف بوجودِها وحُسن استغلالها والتَّعامل معها، مِن شِيَم العظماء.
● للحياة نهاية واحدة وبدايات مُتعدِّدة! الولادة بداية، الحُبّ الأوَّل بداية، الاستيقاظ صباحًا بدايةٌ جديدةٌ ليومٍ قد تتغيَّر معه حياتك. الهجرة لبلدٍ جديدٍ بداية.
● الكتابة هي الوسيلة الوحيدة لتحويل لحظةٍ مرَّت سريعًا للحظة خالدة تعيش طويلًا، يتعدَّى عُمر تلك اللحظة أعمار مَن عاشوها بسنواتٍ طويلةٍ.
● في حياة كلّ إنسانٍ مرحلة يتغيَّر فيها إدراكه لما يحدُث حوله. يُصبِح كمَن ارتدى نظارةً طبيَّةً للمرَّة الأولى في حياتِه، فرأى الدنيا كلها أكثر وضوحًا. أو كشخصٍ رأى العالَم مِن زوايا عدّة، فأصبح مُؤهَّلًا لإعادة التَّفكير والتَّقييم واتِّخاذ قراراتٍ مُختلفةٍ.
● عجيب أمر «العِلم»، كُلَّما زاد علمُك، شعرتَ بأنَّ معرفتك ضئيلة، عكس الجاهل الذي يُراوده إحساس غير مُبرَّرٍ بالمعرفة.
#مسابقة_ريفيوهات_مع_مرتبة_الشرف
#اقتباسات_مع_مرتبة_الشرف
#أبجد
#مع_مرتبة_الشرف
#عمرو_حسين