#قلم_وكتاب
البكاؤون
الكاتب البحريني: عقيل الموسوي
الدخول في عوالم فئات معيّنة تعدّ من الأقليات في المجتمعات العربية والحديث عنها وعن تفاصيل عقائدها وعاداتها وتقاليدها، أمر أصبح شائعاً في الرواية العربية الحديثة.
فقد وصلت إلى قائمة "بوكر " العربية روايتان: الأولى «ميثاق النساء» التي طرقت باب الطائفة الدرزية في لبنان، والثانية رواية "البكّاؤون " للبحريني عقيل الموسوي
عن الرواية :
الرواية تكشف لنا تفاصيل بيئةٍ لم يطّلع عليها كثيرٌ من القرّاء؛ وهي المجتمع الشّيعي في البحرين،وذلك من خلال تتبّع حياة أفراد عائلة "آل كاظم" التي ينتمي إليها بطل الرواية الأول "صادق جواد". بكل تفاصيل حياتهم وشعائرهم، وعلاقاتهم بجماعة البهائيين ، وبجامعة السفارة ( جماعة التجديد ) وتتخللها علاقات اجتماعية متعددة وخصوصا العلاقة مع المأتم والحسين والعزاء واللطم ،،، والخلافات الشيعية داخل البيت الشيعي ونقد مبطن لبعض الممارسات.
العنوان :
جاء العنوان -البكاؤون - معبرا عن ثيمة الرواية الأساسية - البكاء -، و مصائر ثلاثة أجيال متنافرة الأفكار والأهواء والاتجاهات، أجيال تختلف في كل شيء، ولا يوحّدها سوى البكاء والدمع سريع الجريان.
فكل شخصية في الرواية لها دواعيها للبكاء، من الجدة حسينية التي بكت عندما غادرت مدينتها للمرة الأولى، إلى الجد عبد علي، الذي بكى بعد تقاعده من شركة النفط، مرورا بالأبناء والبنات، ولكلٍّ سببه وصولا إلى الأحفاد الذين بكى بعضهم على خسارات المنتخب البحريني في دورات عديدة من كأس الخليج. وهذا ما حدا بأحد بطلات الرواية أن تصف سيرة البكاء في عائلتها بقولها «بكينا كثيرا وسنظل نبكي ما دمنا على قيد الحياة». لذلك ليس من الغريب أنّ أوّل جملة صدرت بها الرواية، كانت «دموعي العابرة غبيّة جداً، لكنها صادقة جدا» وآخر مقطع منها كان «إننا قوم بكاؤون، جئنا إلى الدنيا لكي نسطّر حياتنا بالدموع»، وما بين هذين الحدّين البكائيين.
علما بان وصف "البكاؤون " اول من اطلقه على الشيعة هو الكاتب فهمي هويدي عندما زار ايران بعد انتصار الثورة فيها على شاه ايران عام 1979.
السرد واللغة :
- في الرواية صوتان فقط: الأول راوٍ عليمٍ بالأحداث، والآخر صادق جواد، الذي يسافر إلى لندن ويعشق فتاة بهائيّة، وسيشترط أهلها أن يدين بدينهم للموافقة على زواجهما.
- الراوي في الرواية لا يكتفي بنقل الأحداث، بل يغوص في عمق الشخصيات، مقدّمًا عالمًا نفسيًا معقدًا مليئًا بالتوترات التي تعكس ليس فقط الصراعات الداخلية للأفراد، ولكن أيضًا تلك الصراعات الأكبر التي تعيشها المجتمعات التي يحمل أبناؤها إرثًا طويلًا من الظلم والمظلومية.
- الرواية بدون ذروات فارقة، فلا يوجد في الرواية عقدة واضحة ولا ذروة في تتابع الأحداث، بل هي سيرة حياة أفراد العائلة الواحدة التي تتشابه مع حياة أسر أخرى.
- المائة صفحة الاولى تبدو مملة، ويلاحظ وجود ( قفز زمني وتجاوز الشخصيات وتحولاتها)، وقد يفسر ذلك بأنه اختصارًا وتكثيفًا، ولكنه كان سببا لوجود بعض الاختلال في السرد وبناء الشخصيات،
- لغة الرواية بشكل عام، لغة سهلة وبسيطة، مناسبة لما حمّلته لشخصياتها.
- أسلوب الكاتب سلس وجاذب في الحديث، لكنه يبقى من ضمن العادي والمتوقَّع.
- تراوح السرد بين التقريرية مثل الفصل الذي شرح فيه الكاتب مبادئ البهائية، والحكائية المشوّقة في فصول الكتاب الأخيرة.
على هامش الراوية:
- الرواية توثّق لمرحلة سياسية حساسة من تاريخ البحرين، وهو أمر أجاده الكاتب وقدمه في قالب مقبول من دون الانحياز إلى جماعة ضد أخرى.
- تناولت الرواية قضايا كثيرة، خصوصاً ما يتعلّق بالبحرين وأبنائها، ومنها بشكل ملطّف علاقة زاهر بكرة القدم، وعلاقات الأعمام وأبنائهم، وقصص الحب التي نقرأ الكثير منها، وخصوصاً انتصار الحبّ في حياة صادق وضياء في النهاية في مواجهة ظلم الانتماء إلى طائفة.
وختاما :
"البكاؤون": روايةٌ تتعانق فيها تراجيديا الدم وفوران الدّمع في المآقي مع الحب الرومانسي الجارف، وتتناسل أحداثها من قلب المنامة القديمة، ومن ذاكرتها .
#د_ماجد_رمضان