#مسابقات_مكتبة_وهبان
#مسابقة_ريفيوهات_مع_مرتبة_الشرف
#اقتباسات_مع_مرتبة_الشرف
#أبجد
#مع_مرتبة_الشرف
"مع مرتبة الشرف"
الكاتب عمرو حسين
دار دوّن للنشر والتوزيع
قد تصاب بحالة من الارتباك عند قراءة هذا النص الأدبي، وتعجز عن تصنيفه، هل هو "نص روائي" أم "سيرة ذاتية".
فالرواية توصف بأنها «متخيلًا سرديًا» يقوم على أحداث ليست لها مرجعيات لاواقعية حقيقية، أي لا يتطابق الحكي فيها مع أحداث واقعية، ولها مقوماتها الفنية وسماتها الجمالية المعروفة، بينما السيرة الذاتية كما يعرفها فيليب لوجون بأنها «سرد استعادي نثري يخص به شخص ما حياته الخاصة»، وتدور السيرة الذاتية كذلك في ثلاث سمات، كما يوضحها جيرار جينيت بقوله: «مصير ذاتية حقيقية، وصيغية (سرد استعادي على لسان المتكلم) .
ورغم تلك الفروق، فإنه بالضرورة يكون هناك تداخل واضح بينهما، ذلك أن سارد السيرة الذاتية يحكي رواية حياته، وسارد الرواية يصنع سيرًا ذاتية خيالية لشخوص لا بد لها في نهاية الأمر من أن تتمثل واقعيًا في وعي المتلقي ليستقبلها.
والنص الذي بين أيدينا، أقرب إلى فنّ أدب السّيرة الذاتية. حيث أن السارد المهندس وليد يشبه في تخصصه تخصّص الكاتب عمرو حسين، وهو بالفعل في مثل سنّه.
والرواية أو السيرة الذاتية "مع مرتبة الشرف" ، تحكي بضمير " تاء " المتكلم ، حكاية "وليد" الذي خرج عن المعهود في أسرته والتحق بكلية الهندسة عوضاً عن الطب وكان هدفه ووعده لوالده أن ينجح ويتفوق بل ويترأس الكلية فالجامعة من بعدها - فاجتهد في دراسته وحقق الكثير من أحلامه.
إنّ “أصعب ما في الرواية هو الفقرة الأولى. فالرواية الجيدة، والممتعة حقاً، تبدأ بجملة أو فقرة مشوقة، قد تكون مثيرة، أو مدهشة، أو مرحة، أو حزينة، ولكنها قادرة على أن تجذب انتباه القارئ وتحفيزه على مواصلة القراءة.
ولقد نجح الكاتب جذب الانتباه بالجملة الآفتتاحية " اهتزت القاهرة " ، ومن خلال بنية مبتكرة، بنى البناء السردي للرواية كشكل محتويات البحث العلمي المنهجي، فبدت الرواية كورقة بحثية تبدأ بملخص ومقدمة، وعرض للدراسات السابقة وللمنهجية المتبعة في البحث، يليها عرض للنتائج المستقاة ومناقشة تلك النتائج، ثم أخيراً الاستنتاجات واستعراض قائمة المراجع، هكذا كانت فصول الرواية تحاكي خطوات أي بحث.
ولكن تصدير الفصول ببعض الكلام التنظيري على لسان الراوي - أهمية السعي وراء تحقيق الذات والأحلام، وأهمية الحرية والتحرر من التقاليد والقيود المجتمعية-يولد لدى القارىء إحساسا بأنه يقرأ كتابا في التنمية البشرية بالإضافة الى فقدان التواصل السلس بين الفصول .
"مع مرتبة الشرف" نصّ روائي لغته السردية بسيطة بلا تكلف ولا تصنع ، غلب عليها الأسلوب التقريري الإخباري، و غاب عنها أساليب البلاغة والبيان، فلا كلمة تثير انتباهك فتتوقف عندها، أو جملة يمتعك تركيبها وجمال صياغتها ماعدا الرسالة التى أرسلها " وليد " إلى "وسام"
عندي حديثٌ أريدُ اليومَ أذكرهُ
وَأنتَ تَعلَمُ دونَ النّاسِ فَحواهُ
بمتابعة القراءة، تفاجئك بساطة الأحداث، وواقعيتها وتشابهها مع أحداث مرت بِنَا أو بأحد نعرفه، فلا أحداث خيالية ولا تحديات خارقة ملهمة.وأن وليد شخص عادي مثله عشرات الأشخاص، والتحديات التي واجهته كانت في سياق المتوقع العادي.
أثناء القراءة تتولد في النفس مشاعر الحنين للماضي بما تضمنته الرواية من مفردات الحياة المصرية في ذلك الزمن، الزلزال والبيوت والشوارع والسيارات والعلاقات والأحلام، وبريد الأهرام لعبد الوهاب مطاوع وعمرو خالد، وأحمد زويل وطائرة نيويورك، بدايات شبكة الإنترنت وشركات الهاتف المحمول،
كأي عمل إبداعي لا مناص من ان يشوب النص بعض ما أعتبره هفوات وأخطاء عابرة مثل:
- ملأ ابي استمارة التنسيق ، حصلت على استمارة اخرى: يتم صرف بطاقة تنسيق واحدة لكل نجاح والتي يتم ختمها بما يفيد أنه سبق الصرف .
- مشهد وفاة والدة وليد ، عندما حضر عمُّهُ ـ الطبيب ـ ووقف وتحدَّث مع والده وشرح له الحالة ثم دخل العنايةَ وخرج بهدوءٍ ليخبرهم بحدوثِ الوفاة بسبب هبوط حاد في الدورةِ الدموية، مشهد عبثي ، لم يراع الكاتب كون الزوج أستاذا بكلية الطب.
- عدم التأكد من دقة تتابع الأحداث ، فقد جاء على لسان الراوي وليد ( فقد بقيت أيام قليلة قبل يوم المناقشة ) ثم ذكر بعد ذلك ان الدكتورة حنان لم تظهر بالكلية ( لأسابيع عدة ).
- التناقض في بناء شخصية وليد التي من المفترض ان تكون شخصية مبادرة، قادرة على اتخاذ القرار ، ولكن ماورد في سياق الأحداث مايناقض ذلك:
*أحتاج لوقت طويل لاتخاذ قرار ، أظل في شكوكي وظنوني وترددي لسنوات، فكيف سأتخذ قرار الفرار من الفيلا ينوقت الزلزال ( الصفحة الأولى)
*وماإن انتصبت واقفا حتى هدأت الأرض تماما وتوقف كل شيء
*أصر والدي ان استمر في طريقي، ترددت فيما يجب ان افعل.
*توسط والده له عند رئيس الجامعة لإعادة النظر في طلبه.
*مرت أشهر عدة، دون تواصل حتى بداية الصيف ، تلقيت مكالمة هاتفية مفاجئة منها.
*بعد ان أتممت الشراء، ساعدني الموظف في تركيب الشريحة، وطلب مني الانتظار لحين ظهور علامة الشبكة، وبعدها سأتمكن من اجراء المكالمات.
*قاطعني معتذرا: أسف تحدثت مع وسام ، وأخبرتها بأنك تريد التقدم لخطبتها.
*كدت استسلم ، لولا ان طلب مني محسن فرصة لاجراء محاولة اخيرة، عاد بعدها بالبشرى.
*بعد الإفطار، تحدثت مع مروة التي جاءتني لتؤكد تواصلها مع وسام
فكل ماسبق يرسم لنا ظلال وملامح شخصية وليد ، فهو شخص غير مبادر، بطىء رد فعله، يعتمد على مساعدة الآخرين.
من المآخذِ التي وجدتها في النص:
- الاستطراد والإسهاب في تفاصيل تشطيب الشقة
- الاستطراد والإسهاب في تفاصيل اتفاق الخطوبة
لم يرق لي أو أقتنع بالحوار الذي تم بين وليد والدكتورة حنان الذي تضمن قولها:
- الى أن جاء من يوقظني من نومي ، ويعطيني درسا في الحياة ،لن أنساه أبدا
فالكلام غير منطقي ، وليد صاحب التجربة العادية، والتي بالتأكيد مر عليها في مشوارها الأكاذيمي عشرات مثله ، واجهوا تحديات أكثر منه، وكانت تجربتهم إلهاما لغيرهم.
وفي الختام:
إن أهم سؤال يطرحه القارىء على نفسه،بعد قراءة أي نص ادبي هو: هل ترك في النفس اثرا لا ينسى، وهل هذا الأثر الذي تركه، ناتج عن سلسة من الحوادث، أو عن شخصية من الشخصيات ، أو عن فكرة من الفكر.
فالنصوص نوعان: نص تخرج منه متغيرا للأبد - يملك عليك نفسك من جميع جوانبها، نص يستأثر بإحساسك وتفكيرك ، نص يأسر لبك ويشغل فكرك - ونص عكس ذلك، والنص الذي يتركك كما أنت ليس نصا جديرا بالقرأءة أو الانشغال به.
فإلى أي النوعين يمكن تصنيف النص "مع مرتبة الشرف"، سأترك لك الإجابة على هذا السؤال، لذا أدعوك لقراءته.
#د_ماجد_رمضان