لا عاش وطن تتطلب خدمته التجرد من الفضيلة!
مجرد وجود اسم مصطفى عبيد على الغلاف ضمان لجودة النص و دقته و بالفعل لم يخب الظن.
بحرفية بالغة صنع مصطفى عبيد من حكايته المعقدة القاسية نصا فريدا مثيرا و شيقا، رسم صورة قاتمة لأنها الحقيقة المرة لكنها تتغلل داخل ثنايا النفس البشرية فتتعجب كيف يجد الإنسان المبرر لنفسه؛ ليخرج أنيابه نظيفة من دم ضحاياه، و كذلك الخطوات العملية لتحول إنسان من لحم و دم يشعر بكل شئ لشيطان يشعر زيفا بألوهيته و يتصرف حيال ذلك.
تبدأ حكايتنا بالطفلة التي انتزعت نفسها من يد أهلها حين انسلت من ثوب براءتها مقدمة القربان أولا فتقبل منها بقبول. باعت نفسها دون إدراك و لم يكن الوطن في الحسبان و لكن عندما تتوافق انحرافاتنا مع مصلحة الوطن (كما نتوهم) فحي على السجود تحت ذيل الشيطان!
حكاية لا تصدق قاسية و مرة مرارة العلقم لأنها عين الحقيقة بدأت من نهايات العهد الملكي و استمرت حتى الخنجر المسموم الذي طعن الكبرياء المصري سنة ١٩٦٧.
حتى لا أفوت عليك متعة التقصي و إثارة السعي خلف الألغاز لن استرسل أكثر، لكن نحن امام حكاية استثنائية شائكة وقعت في يد رسام نابغ يجيد إبراز مابين السطور و تسليط الضوء على الهوامش حيث لا يراها أحد.
رواية ابنة الديكتاتور ستعيش كثيرا ستجلس بكل كبرياء بين "الحرافيش" على "قهوة المعلم كتكوت"و تضع قدما على قدم أمام "الزيني بركات" يتحدثون "حديث الأربعاء" المعتاد و كلها ثقة أنها ستزاحم الكبار رغم صعوبة التنافس في "أرض النفاق"
شكرا للأستاذ مصطفى عبيد