لا جدوى حقيقية تذكر من نشر هذه المراسلات، أو الأصح مراسلات من طرف واحد.
فالكتاب لا يحتوي على مراسلات بين رجل وامرأة وقعا في الحب، أو على الأقل القصة من أحد الطرفين، إنمافيه الكثير من شعور الألم والقهر والذل والإهانة.
كيف للإنسان أن يستمتع بتعذيب نفسه في سبيل إنسان آخر لا يشعر به ولا يبادله الحب، أو لنقل درجة الحب نفسها. بل يستمتع في تعذيبه وإذلاله كما أشار الكاتب، ويظهر من خلال كتابته أنه يهرب من شيء ما، أو من نفسه، حينما كتب " لقد حاولت منذ البدء أن استبدل الوطن بالعمل، ثم بالعائلة، ثم بالكلمة، ثم بالعنف، ثم بالمرأة".
وكيف تمكنت الكاتبة من نشر هذا النوع من الرسائل تحت ذريعة "الأدب" و"الثروة الأدبية" على الرغم من أن الرسائل تحتوي على ما هو أبعد من مشاعر حب صادقة، إنما علاقة لها العديد من المسميات التي لا تتوافق مع نمط العلاقات المقبولة في المجتمع، وقد تحتوي على أذى للشخص نفسه ولعائلته.
لم تصف الرسائل الجانب العاطفي من الكاتب "غسان كنفاني" بقدر ما وصفت تعاسته، وعذابه، وحزنه. والملفت في الأمر هو ما كتبه عن شعور "الذل"، وبالأخص عندما يصف أنه أُهين في رجولته، من خلال حديث الآخرين عنه، فمن الغريب أن تستمتع امرأة تحب رجل كما ورد في الرسائل في إذلاله لهذه الدرجة، إلا إذا كانت لا تكن له أي مشاعر. والأسوأ أنها لم تكتف بذلك بل نشرت تلك الرسائل للعلن.