في رواية "عروس الغرقة: سيرة انتفاضة الماء" تنسج الكاتبة أمل الصخبورية حبكتها السردية بخيوط مشدودة بين الواقع والأسطورة، بين التاريخ الشخصي والجماعي، في سرد يتلوى كالماء، يفيض حينًا، وينحسر حينًا آخر، دون أن يفقد نداءه العميق في وجدان القارئ.
سيرة الماء والمرأة
غدق، الشخصية المحورية، ليست فقط امرأة تواجه إعصار جونو بعد أسبوع من زواجها، بل هي استعارة حية للأنثى التي تُبتلى بالعواصف، وتخرج منها متشققة ولكنها واقفة. بينما تحكي أختها نيابة عنها، يختلط صوت الراوي بصوت الأنثى الغائبة، وكأننا نقرأ اعترافات الماء وهو يكتب سيرته عن امرأةٍ لم تغرق، بل انتفضت.
زنجبار: الذاكرة البحرية
في موازاة قصة غدق، تتجلى رسائل زيانة حمد سالم من زنجبار، كأنها مرايا تاريخية لوجه الحكاية الآخر. ترصد الرواية مرحلة زمنية شديدة الحساسية من أواخر القرن التاسع عشر، وتربطها بواقعة حديثة (إعصار جونو) في نوع من التضفير الزمني الذي يتطلب وعيًا تاريخيًا وسرديًا مرهفًا. هذا التوازي يحمّل الرواية بُعدًا ثقافيًا غنيًا ويمنحها عمقًا إنسانيًا نادرًا.
اللغة والأسلوب
جاءت اللغة شاعريّة، حاملة في طيّاتها نبرات الحنين، وفيض الرمزية، خصوصًا في تعاطي الكاتبة مع رموز الماء، الغرق، والأنوثة. الجمل محمّلة بإيحاءات تفتح باب التأويل، مما يجعل القارئ متورطًا في النص لا مجرد متلقٍ له.