رواية "الجريمة الكاملة" – تأليف الدكتور أُغر الجمال
هذه الرواية هي أولى تجاربي مع أعمال الكاتب، وهي تجربته الروائية الأولى أيضًا. تدور أحداث الرواية حول جريمة غامضة وقعت في إحدى الفيلات بالقاهرة الجديدة، وكانت ضحيتها السيدة مديحة الشناوي، التي لقيت حتفها بطريقة مثيرة للريبة وغامضة.
اخترت هذه الرواية بعد فترة من الانقطاع عن القراءة بسبب فقدان الشغف، وقد كنت واثقة أن هذا الاختيار سيكسر حاجز التوقف ويعيد إليّ شغف القراءة. وقد صدق ظني، فالرواية تستحق القراءة بحق.
لأوّل مرة، لا أرغب في حرق الأحداث، لكن يمكنني القول إن أسلوبها السلس ولغتها الفصيحة، خصوصًا في الحوارات، زاد من إعجابي بها، لا سيّما لما تحتويه من عناصر التشويق والغموض.
لم أستطع التوقف عن القراءة؛ إذ جذبتني الرواية بشدة، وسلبتني فضولي، لتنقلني إلى عالم من الغموض والجريمة، حيث تحولت الجريمة إلى قصة مشوّقة مثيرة، مليئة بالشكوك حول علاقات الضحية، مديحة الشناوي.
تنوّعت الشخصيات وتداخلت مواقفهم، إذ تورّط العديد منهم في الجريمة الغامضة، وكان لكل منهم أسراره الخاصة، التي حاول إخفاءها خوفًا على حياته الشخصية. وقد برع الكاتب في عرض أفكارهم ومشاعرهم الداخلية، وكأن كل فصل يعكس منظور شخصية مختلفة، مما زاد من إعجابي بعمق السرد وتفرّده. ومن الواضح أن الكاتب يمتلك ذكاءً وموهبةً خاصة، ويسعى إلى تقديم دوافع الشخصيات الحقيقية من الداخل، وهو ما أراه هدفًا نبيلًا لفهم خفايا النفس البشرية.
الرواية مدهشة، دسمة بالتفاصيل، ما أضاف إليها كثيرًا من التعقيد والتشويق. وقد نجح الكاتب في الحفاظ على حبكة قوية، نسجها ببراعة من خلال سلسلة من الأحداث والمفاجآت والأسرار، التي انكشفت شيئًا فشيئًا عبر الكلمات وخيوط القصة التي امتدت إلى زوايا متعددة.
الأسئلة المتتالية والغموض العميق الذي رافق الرواية استهلكا وقتي وتركيزي، إذ لم أتمكّن من كشف هوية القاتل حتى النهاية، فقد تحولت الجريمة إلى واحدة من أصعب القضايا، بسبب الكذب، والغيرة، والكراهية، والحقد.
ومع استمرار القراءة، ظهرت المفاجأة الكبرى، وتجلّى المعنى الحقيقي للمقولة: "أقرب الناس إليك قد يطعنك من خلف ظهرك". وقد جسدت الرواية هذه المقولة بكل تفاصيلها.
كانت الشخصيات خادعة في مظهرها، وخصوصًا فيما يتعلق بعلاقات الضحية، التي اتّضح فيما بعد أنها أكثر تعقيدًا وغموضًا.
أما شخصية العميد محمود، فقد تميزت بذكاء وموهبة خاصة، فهو ضابط بارع في حل القضايا، وله اهتمام بعلم النفس وآفاق الوعي، ما أضاف عمقًا لشخصيته.
الرواية نجحت في خداعي، وأوقعتني في شبكة معقّدة خالية من الوضوح. وفي نهايتها، كُشفت أسرار خطيرة دفعة واحدة، وبرزت عبقرية الكاتب في تنفيذ "لعبة الجريمة الكاملة" بذكاء حاد.
القاتل، الذي لم يكن يخطر ببالي على الإطلاق، لم يكن من أقرب الناس، بل كانت قصته صادمة ومؤلمة، وقد ربطت الرواية كل الخيوط معًا بانسجام مدهش.
هذه الرواية ليست مجرد قصة، بل عمل أدبي متقن، مملوء بالحيرة والتعقيد، وأعتقد أنها كانت سببًا رئيسيًا في استعادة شغفي بالقراءة بعد فترة طويلة من الانقطاع.
وفي الختام، أود أن أتوجه بالشكر للكاتب، الذي ساعدني في استعادة متعة القراءة، وتجاوز التراكم والتأجيل والمماطلة. لقد كانت رواية "الجريمة الكاملة" اختيارًا موفقًا، ولم تخيّب ظني، وأوصي بها كل محبٍّ لأدب الجريمة، فهي جديرة بالقراءة دون مجاملة.