وجب التنويه عن حرق لبعض الاحداث في المراجعة..
🌸 هل هو ميثاق نساء ؟ ام ميراث نساء؟
النساء هن : البنات .. الامهات .. الجدات.. سلسلة متصلة مضفرة بميثاق وميراث ... ميثاق من التعاطف ... وميراث من الألم ..
الرجال هم : الجد .. الاب ... الزوج ... امتداد للحاكم بأمر الله في ❞ ذلك الخليط من الحكمة والتهوُّر، والخيْط الرفيع الذي يفصل بين الرحمة والقسوة، والقرارات التي يطغى عليها شيء من الذكاء وينفِّذها الجنون ❝
سلسلة اخرى من الغرائبية والمزاجية و ازدواجية المعايير ...
ما بين السلسلتين توصلت البطلة الى نتيجة ❞ أنَّ المشكلة لا تكمن في الدين بحدِّ ذاته، بل في الرجال الذين يتقمَّصون دور الله، ويحكمون بالنيابة عنه، وفي النساء اللاتي يقبلن بالمنطقة الرماديَّة بين المعرفة والخرافة، ويقبلن بمسرح الدجاجة كبراحٍ آمنٍ يقيهنَّ مخاطرة التخطيط لحيواتهنَّ بأنفسهنَّ. ❝
🌸 هذه قصة عائلة درزية في جبال لبنان عبرها تعرفنا على طائفة دينية منغلقة على نفسها معلوماتي عنها انا شخصيا لم تكن وافية .. عقيدتهم .. قوانينهم .. عاداتهم .. ازياؤهم .. مزاراتهم .. الكثير عنهم .. عائلة من اب وام متدينين واربع بنات .. الكاتبة ذكرت حياة اثنين منهن بتفاصيل اكثر .. امل و نيرمين .. بالاضافة الى قصة الام .. والجدة والعمة .. نساء كلهن مسهن الضر كل بطريقته .. فاختلفت اجابتهم لهذا الضر ..
اجابة بالقسوة كالجدة ..
وبالهلاوس كالعمة ..
وبالاستسلام والتعايش كالأم...
وبالبكاء اولا ثم التسليم ثانيا ثم التأقلم ثالثا ثم الوجع أبدا كرحمة ...
وبالتمرد ( على العائلة مرة وعلى الزوج مرة ) كنرمين ..
وبإبرام الصفقات ( الرابحة ) كأمل ...
لا أستطيع انا كقارئة ان اجزم بالطريقة المثلى للاستجابة .. فالبشر عامة والنساء خاصة اعقد من ان تكون لهم اجابة نموذجية للضرر ..
❞ ربَّما أدركت في تلك اللحظة أنَّ هذا هو «ميثاق النساء» الحقيقيّ. ميثاقٌ من التضامن والفهم والوجع لم يخطّه أحدٌ في كتاب، ولم يفرضه أحدٌ على النساء. ميثاقٌ يجعلنا نتواصل ونترابط على بُعدٍ آخر. بُعدٍ لا علاقة له بالدين والثقافة والجغرافيا. نحن متَّصلاتٍ كجذور أشجار السنديان العتيقة التي تمتدّ لعشرات الأميال وتتعانق تحت سطح الأرض. شيءٌ ما يتحرَّك في المرأة حين ترى امرأةً أخرى تعاني، شيءٌ ما يوقظ أنثى الذئب المتوحِّشة في أعماقها فيستيقظ تعاطفها وتتحرَّك أمومتها ❝
بهذه الكلمات ربطت الكاتبة بين بطلاتها وقارآت الرواية ... بخيط من التعاطف والتماهي .. ففي قصة كل منا روح من نساء حنين الصايغ .. وكلنا ربما تألمنا آلاما مشابهة في وقت ما ..بغض النظر عن الأسباب فقد لمست فينا شيئا ما ..
برعت الكاتبة في وصف المشاعر المتباينة لبطلاتها .. ونجحت في جعلنا نتعاطف او لا نتعاطف معهن.. وعقد مقارنات غير مباشرة بينهن فتظل طوال القراءة تبحث ايهن كانت على حق ؟جعلتنا الكاتبة نشهد معها كنساء على ( ميثاق النساء ) ...
لذلك نظرتي لهذا العمل لن تخلو من التحيز .. لم استطع ان اراها من منظور بعيد عن كوني امرأة.. ولم استطع تحييد مشاعري فهي رواية مبنية اصلا على المشاعر وعلى التضامن مع اي امرأة موجوعة ..
* وصف مشاعر تجربة الحقن المجهري بما فيها من مهانة و عجز وقهر اذا كانت خارج الارادة...
* الشعور بالانسحاق وعدم الاستحقاقية والاحساس المستمر بالذنب وجلد الذات من ابشع المشاعر التي تفيض بها نفوس النساء في مجتمعاتنا ..
* احساس الترقب والتردد والخوف ( وعدم الاستحقاقية ايضا ) في انتظار اعلان اي نتيجة للقبول في الجامعة او في الوظيفة او حتى الحب .. نتيجة امتحان .. ونتيجة تحليل حمل ...
* الاكتئاب غول يسكن الروح ويأكلها شيئا فشيئا ..يشل الجسد ويطوي الايام ببطئ مميت .. صورت الكاتبة معاناة البطلة مع الاكتئاب المسكوت عنه من قبل الزوج.. ومن قبل أمل نفسها ( وكأنها تتمادى في دور الضحية .. او كجزء من احساسها بالذنب تجاه سالم فتعاقب نفسها برفض العلاج ... او كجزء من احساسها بعدم الاستحقاقية ان تكون امرأة كاملة فلتكن اذن زوجة وام ومتعلمة و موظفة وباحثة وسائقة وشاعرة ولكن ...
<< مكتئبة>> ... ) هذا يجيب على السؤال : .. لم لم تذهب امل الى الطبيب بنفسها رغم انها نالت جزءا كبيرا من حريتها بذهابها الى بيروت حيث الجامعة ؟
* هل غياب الحب ورتابة الحياة هو سبب الاكتئاب؟ ام هو ترسبات الطفولة تطفو على السطح وتعكر صفو ماء الحياة ؟ ام هو ميراث النساء من القهر ينتقل جيلا بعد جيل ويبقى كبقعة في القلب تؤلم فقط بعض المرهفات دون غيرهن من النساء ...
🌸 امل ونرمين / سالم وجاد 🌸
* الحوار بين الاختين القى الضوء حول فروق التربية بين مجتمع جاف كالغرب و مجتمع مغلق كالدروز .. الاول جاف اجتماعيا فتضيع الهوية .. والاخر منغلق دينيا فيضيع العقل ..
نرمين لا تريد طفلا لانها ترى ان المجتمع الامريكي غير مناسب لتربية طفل .. اما امل فاسبابها لم تكن مقنعة بالنسبة لي ( باستثناء صغر سنها طبعا )
* من الطبيعي ان لا يطيق جاد سالم فقد نشآ في مجتمعين مختلفين تماما واظن ليس من حق جاد ان يحكم على زواج امل وسالم بالفناء لمجرد رغبة سالم بالانجاب وهو لا يريد ... مثلما امتعض هو لتدخل سالم في حياته .. الحرية الشخصية مكفولة للطرفين ..
* من البداية زواج امل بسالم كان مصلحة وهي التعليم .. وكذلك زواج نرمين وجاد كان مصلحة هي السفر .. كلاهما لم يكن حبا ... وكلاهما ( زواج صالونات ) وان اختلف شكل الصالون ..
* تحولت العشرة بين نرمين وجاد الى حب على مر الزمن .. ولكن ...
هل تكفي التضحية في سبيل من تحب حتى يحبك من تحب ؟
كل الشقاء ان تتحرك نحو حبك بينما يبتعد هو عنك ...
🌸 كنت اتمنى ان يكون الحوار كله بالعامية اللبنانية لنستمتع بجمالها لكن للاسف تأرجح الحوار بين الفصحى والعامية.. عن نفسي انا من أنصار ان يكون الحوار في الروايات بلغة محلية فهذا يعطيني واقعية اكبر ...
🌸 وصف الاماكن كان رائعا .. وشاعريا .. لجبال لبنان وبحرها ... بيوت الضيعة و سمائها ... بيروت وجمالها ... الجامعة الامريكية وعراقتها .. في جو عام من الصفاء وكأنك تستمع لأغنية للست فيروز ..
❞ «استروا ما شفتوا منَّا»، ❝
عبارة يقولها رجل نبيل عند الخلاف وعند الفراق ...
.❞ مستغنيا عن ضجيج المن والعتب ❝
❞ يغادر بهدوء مثل سحابة. وكأنَّه لم يكن يومًا. ❝
هكذا يكون الرجال ... امساك بمعروف .. او تسريح باحسان ..
🌸 أمل ..... 🌸
ربما تعاطفت مع أمل كامراة مثلي تعاني وجعا ما ... ولكني لم استطع أن اتماهى معها ... لم استطع ان اجد لها المبررات لما فعلت الا ان اعتبرها نفسا مريضة و انتاجا لمجتمع مريض .. هي حملت كل ميراث الغضب والقته في وجه من يحبوها .. وفي رحلتها للحرية داست عليهم جميعا ...
من البداية لم اكن اجد مبررا لغضبها من سالم ... ومع تصاعد الاحداث ومرور السنوات اتضحت معالم شخصية سالم ( الواقعية جدا وتشبه الكثير من الرجال في مجتمعاتنا ) و التي ليست بهذا السوء ...
اتفهم جدا ماذا يفعل الاكتئاب بامرأة .. واشعر جدا بامرأة مخنوقة الروح تكره رجلا حتى لو بدون سبب ظاهر ... لكن ربما كان سالم يستحق منها قليلا من الامتنان... ليس حبا بالتأكيد فحسابات الحب مختلفة وانما ودا وامتنانا ... هي لم تتأقلم .. هي قاومت التأقلم وعاشت الف عام من العزلة .. هي اعتبرت نفسها من البداية ضحية ضحى بها المجتمع في زواج تقليدي ( مع انه تم بارادتها وبثمن تعليمها ) وعاشت دور الضحية طوال الوقت .. وهو ضحى بالكثير من الأشياء في سبيل ان ترضى هي .. اما رفضها له جسديا ( وهو طبعا امر لا يستهان به ) فكان بالتأكيد أثر جراح الماضي في نظرتها أصلا للرجل كرجل بكل تفاصيل وصايته الجسدية والنفسية
.. وهذا امر كان ممكن تداركه مع الطبيب النفسي .. ولكن هي حتى لما ذهبت للطبيب ذهبت من أجل نفسها ومسيرتها التعليمية ولم تطلب من الطبيب سوى ادوية تساعدها على الدراسة والعمل وليس لان تحيا حياة طبيعية من من اجل اسرتها ..كانت انانيتها انتقاما لكل النساء اللاتي عرفتهن .. كان يمكن لأمل ان تنقذ حياة اسرتها وان تسير خطوة خطوة الى سعادتهم جميعا لكن ميراث الألم كان مصرا على دفعها في اتجاه معاكس ...
ايا كانت اسباب الانفصال .. يبقى السؤال الأكثر قسوة ... ما مصير الاطفال في كل ذلك ؟ حين يتعلق القرار بالانسان وحده فحريته مكفولة بالكامل .. اما ان يتعلق ذلك القرار بحق انسان آخر ضعيف يصبح قرارا خانقا .. فإما حريتي وإما معاناة ابنائي ليرثو ارثا آخر ربما ابشع من الذي ورثته ..
ألم رهيب وغصة في الحلق ونار في الضلوع .. احساس بالضياع وفقدان الأمان وعدم استحقاقية للحب ..
بكيت لقاءها بابنتها بعد الانفصال .. وبكيت في كل لقاء لها ووداع ... ثمن غال جدا ذاك الذي دفعته امل ..هل كان يستحق ما نالت كل ذاك الثمن ؟ !
ليست كل النساء مهيئات للامومة .. و لا حتى للزواج .. وكذلك الرجال ... ولكننا في مجتمع نمطي نسير في طريق رسمه الأولون لا نحيد عنه ..
اذا كان المجتمع الشرقي بمختلف طوائفه كمجتمع مغلق يحفر في نفوس ابنائه كل هذه الندوب ... واذا كان المجتمع الغربي كمجتمع جاف ينزع الهوية والحميمية من نفوس ابنائه فما هو المجتمع الأمثل لكي نأتي فيه بأبناء لا نحملهم ارثا من وجع ؟
رواية مؤلمة .. كاشفة لسوءات المجتمعات المغلقة.. تطرح تساؤلات عديدة .. وللاسف لا تقدم اجابات عليها ..