المنزل قبل الظلام
رايلي ساغر | ترجمة: شيرين هنائي
هناك روايات لا تُقرأ، بل تُسكن.
ورواية "المنزل قبل الظلام" واحدة من تلك الأعمال التي لا تتركك بمجرد أن تطوي غلافها الأخير، بل تبقى في عقلك كصوت خطوات خافتة في ممر مظلم، تذكرك بأن الحقيقة أحيانًا أكثر رعبًا من الخيال.
الرواية مبنية على فكرة مزدوجة: كيف نصنع قصصنا، وكيف يمكن لهذه القصص أن تصنعنا.
ماجي هولت، بطلة الحكاية، تعود إلى المنزل الذي غادرته طفلة، بعد أن قضت عشرين ليلة فقط داخله… عشرون ليلة صنعت كتابًا، وصنعت معها حياة كاملة من الشك، والظلال، والأسرار.
الرواية تتحرك بين خطين زمنيين بتناغم دقيق:
الماضي، من خلال كتاب والدها الذي يحكي قصة المنزل المسكون
والحاضر، حيث تبحث ماجي عن إجابات لما لم يُكتب
الكاتب لا يعتمد على الرعب الكلاسيكي، بل يصنع جوًا من القلق الهادئ. لا توجد أشباح بالمعنى التقليدي، لكن هناك شعور دائم بأن شيئًا ما غير صحيح، شيء لا يُقال، لكنه حاضر في كل تفصيلة.
القوة الحقيقية للرواية في معالجتها لمفهوم الحقيقة، وكيف يمكن للكذبة أن تصبح واقعًا إذا صدّقها من حولك… وإن صدّقتها أنت.
كل شخصية هنا مشروخة، تحمل ندوبًا من الماضي، وكل حوار يحمل وزنًا نفسيًا يضيف طبقة أخرى إلى الغموض.
أما الترجمة، فهي أكثر من مجرد نقل. شيرين هنائي منحت النص روحًا عربية دون أن تفرّط في روحه الأصلية.
اللغة جاءت مشدودة، خالية من التكلّف، قادرة على نقل التوتر والرهبة والانفعالات بسلاسة.
رواية لا تقدم لك أجوبة سهلة، بل تدفعك لتسأل:
متى تبدأ القصة؟ ومتى تتحوّل إلى كذبة؟
ومن نكون، إذا كانت حياتنا قائمة على ما لم يحدث؟
رواية تستحق القراءة… وربما إعادة القراءة.
#_من_قلب_الرواية