1️⃣ الموضوع : قراءة نقدية
2️⃣ العمل : كتاب " مبدعون قهروا الإعاقة "
3️⃣ التصنيف : تربوي ـ توعوي ـ دراسة
4️⃣ الكاتب : محمد عبد الحميد محمود
5️⃣ الصفحات : 112 Abjjad | أبجد
6️⃣ سنة النشر : 2025 م
7️⃣ الناشر : دار ريشة للنشر والتوزيع
8️⃣ التقييم : ⭐⭐⭐⭐
▪️ـ إيمانًا بأنَّ اللهَ على كُلِّ شيءٍ قدير، وأنَّهُ بعباده لطيفٌ خبير ، يرزقُ مَن يشاء كيف يشاء ، بغير حساب ، ولا تقدير أسباب ، كل يوم هو في شأن ، ولا يُشغِلهُ شأنٌ عن شأن ، وإذعاناً بأنه لا يسري في كون الله ، إلا ما أراد الله ، وتأكيداً لحديثِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "الناسُ سواسيةٌ كأسنانِ المشط"، ويقينًا بأنَّ اللهَ حكمٌ عدلٌ سُبحانَهُ ، إن أخذَ قليلًا ، فقد أعطى كثيرًا ، وإن يوماً سلبَ ، فدهراً قد وهبَ ، وإن أعطى فبرحمتِهِ ، وإن منع فبحكمتِهِ ، فليس لنا إلا عبادتَهُ ، والرضا بمشيئتِهِ.
▪️ـ وإذا أيقنَ العبدُ بذلك ، وسلم أمره للمالك ، شملته المعية والعناية ، وغرق في بحر الكفاية ، خاصة إن جعل نصب عينيه قول القائل :
اعط المعيـــة حقها .. والزم لها حسن الأدب
واعلم بأنــك عبـده .. في كل حـال وهو رب
يكون قد ارتضى ، وبالنبي قد اهتدى ، يتوكل بلا تواكل ، ويتجنب المشاكل ، ويحيى بالرضا ، مستسلماً للقضا ، يدفع ضعفه بقوته ، ويبدل حزنه بسعادته ، ويسمع رغم صمه ، ويتكلم رغم بكمه ، ويصل إلى تمام السلام .
▪️ـ في هذا المعنى انطلقَ الكاتبُ يحملُ مشعلَ النورِ ، ينفخُ في آذانِ الصُّمِّ لينصت ويسمع ، ويعين المبتور ليرسم ويبدع ، ويدفعُ القعيدَ ليقومَ ويعاند ، ويرسم للضرير ليبصر ويشاهد ، في دعوةٍ صريحةٍ لعدمِ الركونِ ، ورفضِ الاستسلامِ والسكون
.. بل بالعكس: للجدِّ والاجتهادِ، وتحويلِ المحنةِ إلى مِنحةٍ، والألمِ إلى أملٍ، والظلامِ إلى نورٍ، والحزنِ إلى سرورٍ.
▪️ـ يدقُّ الكاتبُ بابًا جميلًا ، ويفتحُ للناسِ نافذةً على التوكلِ الصادقِ على اللهِ ، وهو يتحدثُ عن أولئك المبدعين الذين قهروا الإعاقة — بأنواعِها المختلفةِ — ووصلوا إلى ما عجزَ عنه غيرُهم ، ليثبتوا للناسِ أن كمالَ الواحدِ فينا ، يكمن في نقصِ غيرهِ ، وأن نقصَ غيرهِ هو تمامُ كمالِهِ ، وهكذا تتكاملُ النماذجُ الإنسانيةُ ، وتتنوعُ صورُ العطاء.
▪️ـ وقد جمعَ المؤلفُ مجموعةً من السيرِ المختصرةِ لبعضِ هؤلاءِ المبدعين، فكتبَ عن كلِّ واحدٍ منهم نبذةً قصيرةً ، تناولَ فيها نشأتَهُ ، وحياتَهُ ، وإعاقتَهُ ، وكيف تغلَّبَ عليها ، ثم كيف وصلَ إلى المجدِ الذي بلغَهُ .. سير تستحق أن تروى ، لأبطال مدهشين ، فاقوا السالمين .
▪️ـ تنوعت النماذجُ ما بين كتَّابٍ ، وعلماءِ ، وفقهاءِ ، وشعراء ، وملحنين ، ومطربين ، ورياضيين ، من القدماءِ والمعاصرين .. ومنهم على سبيل المثال: سيدنا عبد الله بن أم مكتوم "رضي الله عنه" ، والإمام الترمذي ، وبشار بن برد ، وأبو العلاء المعري ، وطه حسين ، ومصطفى صادق الرافعي وعمر حجازي ، وعمار الشريعي ، وغيرهم.
▪️ـ كتبَ المؤلفُ نصه بروحه وقلبه ، وفكره ولُبـِّه ، فإلى أرواحنا وصل ، وبقلوبنا اتصل ، ولفكرنا أصاب وأمتع الألباب ، بلغة عربية فصيحة ، زينها بأسلوبٍ السرد القصصي السلس الجميلٍ ، لا فيه إسهاب ممل ، ولا إيجاز مُخِلٌّ ، بل كان متوسطًا بين هذا وذاك ، وإن كان للأخير أقرب ، ثم ذيَّله بجملة من المصادر والمراجع ، التى اعتمدها في بحثه هذا .
▪️ـ ومن الجدير بالذكر ، أن الكاتب نفسه نموذج حي لهؤلاء المبدعين ، استطاع بإرادته هزيمة إعاقته ، ولم ير نفسه أقل من غيره ، بل أبدع وأمتع وأنتج وأبهج ، ضارباً حواجز التثبيط ، وتمسك بحلمه بلا تفريط ، وهاهو يبدأ المسيرة ، بخطوات أنيقة يسيرة ، بلا تردد وهوان ، ويجعل ربه المستعان ، وبه يصل إلى مسعاه ، ويحقق مبتغاه .
🔺ـ هذا ولكن ، وعلى الرغمِ من كلِّ تلك المزايا المتعددة ، فإن النظرَ النقديَّ يكشفُ لنا بعضَ الملاحظاتِ ، التي كنتُ أتمنى أن يخلو منها عملٌ يحملُ فكرةً طيبةً ، ونيَّةً صادقةً ، من صاحبِهِ .. ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
1️⃣- غيابُ التقديمِ الأكاديميِّ لنص توثيقي وتربوي وتوعوي ، وبسطِ الحديثِ في رؤيةِ الكاتبِ الفكريةِ وأهدافِهِ من هذا الطرحِ.
2️⃣- افتقادُ الترتيبِ المنهجيِّ في عرضِ النماذجِ الإبداعية ، فلا الترتيبَ زمنيًّا ، ولا موضوعيًّا ، ولا حسبَ التأثيرِ أو الأهميةِ ، وإنما جاء العرضُ عشوائيًّا تمامًا.
3️⃣- عدم دقة بعضِ المعلوماتِ ، فقد أورد مثلًا أن الشاعرَ بشارَ بن بردٍ تركَ **** قصيدةٍ! ، وهي روايةٌ مشكوكٌ في صحتِها عنه وذكرت في التاريخ من باب المبالغة ، وليس لتقريرها كما حدث ، إذ لم يصل إلينا سوى نحو 600 قصيدةٍ أو يزيدُ.
4️⃣- وجودُ بعضِ الخللِ في بناءِ الجملِ ، والتراكيب والفقرات مثل تكرارِ كلمةِ "حيث أن" بشكلٍ متقاربٍ ثلاثَ مراتٍ في فقرةٍ قصيرة واحدةٍ بطريقةٍ تقريريةٍ ، أوهنت النص جزالته.
5️⃣- الخلطُ في المذاهبِ؛ فقد ذُكرَ الإمامُ العكبريُّ مرةً حنفيًّا ومرةً حنبليًّا، دون توضيحٍ أو تثبيتٍ للمعلومةِ.
6️⃣- السياقُ التاريخيُّ غيرُ الدقيقِ؛ حيث قيلَ إن عبد الله بن أم مكتوم استُشهدَ في معركةِ القادسيةِ يحمل لواء الجيشِ "العربي"، والصحيحُ أنه الجيشِ "المسلمِ"، الذي ضمَّ العربَ والمواليَ من غير العرب الذين أسلموا ، وكان في مواجهةِ الفرسِ ، لا الرومانِ.
7️⃣- الاختزالُ الشديدُ في عرضِ الشخصياتِ؛ فقد اقتصرَ العرضُ على سيرةٍ مختصرةٍ لكلِّ نموذجٍ دون الغوصِ في أعماقِ الشخصيةِ ، إلا نادراً ، ولا نقلِ معاناتِها الحقيقيةِ مع الإعاقةِ ، ولا توثيقِ كيفيةِ التغلبِ عليها داخلياً ومن ثم ظاهرياً ، وهو ما حرمَني من التفاعلِ الكاملِ ، والتأثر الشامل .
8️⃣- كثرةُ ذكرِ لفظ " النبي محمد " صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، مجردة دون الصلاةِ عليهِ ، لا بالإشارة ولا بالعبارة ، وهذا مما يُستحسنُ التنبهُ إليهِ ، لا سيما في عملٍ دعويٍّ أخلاقيٍّ بهذا الطابعِ.
9️⃣ـ قلةُ الاستشهادِ بالنماذجِ الإبداعيةِ لهؤلاء، مما أضعفَ الرسالةَ؛ فلم نرَ مثلًا نماذجَ من شعرِ بشارٍ أو أبي العلاءِ أو غيرِهم، بل حين تم الاستشهادُ بشعرِ الكُميتِ مثلًا، جاء النصُّ مشوَّهًا ومقلوبًا، كما في:
❞أروحُ وأغدو خائفًا أترقّبُ *** ألمٌ ترني من حبّ آل محمد بهم أتقي من خشية العار أُجرّب *** كأني جانٍ أو مُحدثٍ أو كأنّما
والصواب هو:
أَلَمْ ترني من حــــــبّ آل محمد
أروح وأغـــدو خائــــفًا أتــرقّبُ
كأني جــــانٍ محــدث ، وكأنّمـــا
بهم أتقي من خشية العار أُجرّبُ
#أبجد
#محمد_عبد_الحميد
#مبدعون_قهروا_الإعاقة
#مراجعـات_محمـود_توغـان