"لسوء الحظ، فكل ما يأسر قلوبنا في هذا العالم ويسعد أرواحنا عمره قصير، ولكن، ولحسن الحظ، فكل ما يبعث على القلق ويثير الضيق عمره قصير أيضًا."
نصوص نثرية للكاتب السويسري روبرت فالزر، الذي تنبأ بنهايته الحزينة في روايته الأولى"الإخوة تانر"، حيث خرج البطل في جولة مشي طويلة لم يعد منها ثانية، ليعثروا على جثمانه وحيدًا تغطيه الثلوج، تمامًا مثلما عثروا على جثمان فالزر مغمورًا بالثلج في عشية عيد الميلاد سنة ١٩٥٦.
هي تأملات فلسفية في الكون، وفي الإنسان، وفي تفاصيل الحياة التي بإمكانها وإن بدت صغيرة أن تخلق لنا البهجة والرضا والسعادة، كسرب طيور، أو جدول ماء يشق طريقه عبر عشب مشذب، أَو لحن عذب من قيثارة مفعمة بالشجن، أو صلاة ناسك متعبد في عزلته بصومعته، أو حتى في طاقم أسنان سليم جميل يخلو من الألم.
كما لم تغفل النصوص التأمل في قيمة أنفسنا عبر التأمل في قيمة الأشياء البسيطة التي نحسب ألا قيمة لها، كحفنة رماد، أو إبرة، أو قلم رصاص، أو حتى عود ثقاب انتهت حياته لتوّها في اللحظة ذاتها التي تحقق فيها وجوده.
لذا، ومثلما كتب روبرت فالزر، فإننا في النهاية لا نحتاج إلا أن نفتح أعيننا ونتأمل ما حولنا بعناية كي نرى الأشياء الثمينة التي لا ندركها إلا إذا تأملناها عن قرب، وبقدرٍ كاف من الاهتمام.
كتاب - رغم صغره - في غاية الثراء والمتعة، فقط لمحبي التأمل، وللحالمين.
ترجمة أكثر من ممتازة عن الألمانية للمترجم أ/أحمد الزناتي.