موت الناقد > مراجعات كتاب موت الناقد > مراجعة ماجد رمضان

موت الناقد - رونان ماكدونالد, فخري صالح
تحميل الكتاب

موت الناقد

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

كتابٌ جدليّ مُبهِر.. يرضي مزاج هواة الجدل الرفيع

موت الناقد - The Death Of The Critic

الكاتب الناقد البريطاني رونان ماكدونالد ــــ أكاديمي بريطاني تخرج في جامعة ريدنج، ويعمل أستاذا بجامعة نيو ساوث ويلز بسيدني في أستراليا، ويدير مركز الدراسات الأيرلندية في الجامعة نفسها.

يتمحور هذا الكتاب حول سؤال جوهري، ما جدوى النقد؟ ويناقش مقولة بسيطة، هي أن دور النقد الأكاديمي القائم على حكم القيمة قد تراجع وتضاءل تأثره، وضعفت صلته بجمهرة القراء، في ظل مدً النقد الثقافي.واحتوى الكتاب على مقدمة، وأربعة فصول،

يحمل الكتاب أفكار وأطروحات مدرسة النقد الجديد، وعلى الرغم من أن فكرة "وفاة الناقد" قد تبدو صادمة، غير أن ماكدونالد ينطلق من استدلالات قوية. 

يقتفي رونان ماكدونالد أثر رولان بارت الذي كان قد أعلن من قبل " موت المؤلف" في نظرية حملت أفكار وأطروحات مدرسة النقد الجديد، و موت المؤلف ظهرت كثورة ضد النقد التقليدي، حيث يُعتبر المؤلف أحد عناصر العمل الأدبي، وهي: المؤلف، النص والمتلقي، حيث عند دراسة العمل الأدبي لا بُد من دراسة حياة الأديب والسبب وراء تأليف هذا العمل، وهذا ما دعت البنيوية إلى موته، أيّ يُترك تأويل وتحليل العمل الأدبي إلى الألفاظ والتراكيب واللغة التي استخدمها المؤلف للتعبير عن أفكاره وآرائه.


وفي هذا الكتاب، يعلن رونان ماكدونالد أن الناقد قد مات، لقد أخلى مكانه للقارئ الذي يستطيع الآن وفي ضوء تطور وسائل الاتصال، أن يضفي قيمة على الأعمال الإبداعية التي يقرؤها دون حاجة إلى ناقد متخصص يرشده ويدله على ما يستحق القراءة وما لا يستحق.

إن موت الناقد عند ماكدونالد هو إعلان لحياة جديدة، حياة القارئ الذي ما عاد في حاجة إلى ناقد يحل له عقدة من عقله، وبحسب ماكدونالد فإن الناقد الأكاديمي المتخصص لم يعد يطل على القراء في الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المختلفة، ويرجع ضعف هذا الدور للناقد في اللحظة الراهنة إلى انتشار المدونات والمواقع التي تتيح لأي شخص الكتابة عن المؤلفات، والأفلام والمسرحيات والعروض الموسيقية، وهي العملية التي يرى فيها ماكدونالد أنها قد حلت محل الأقلام المتخصصة التي كانت فيما مضى توجه القراء وتدلهم على الكتب الصادرة حديثا التي تستحق القراءة، أو الأفلام الجديرة بالمشاهدة، أو المسرحيات والعروض الموسيقية.

ويرى ماكدونالد أن مواقع بيع الكتب، والمدونات وغيرها مما أفرزتها الثورة الكبيرة في مجال الاتصالات قد أصبحت بديلا عن الكتابة النقدية المتخصصة.


ويقول ماكدونالد إنه لا يرى في هذا الإعلان «موت الناقد» عملا تأبينيا، أو رقصة على قبر، فالناقد بالنسبة له شخص غير فاعل بسبب عدم قدرته على الخلق الفني، لكنه مع ذلك قوي وقادر بصورة غير لائقة على تدمير سمعة المبدعين بضربة واحدة من قلمه المسموم، هو شخص نخبوي ينتمي إلى مرحلة سلطوية غير ديمقراطية.

ولا يخفي ماكدونالد سعادته وترحيبه وهو يرى شخصاً بهذه الصفات ينسحب من المشهد، فقد صار جمهور القراء الآن في حل منه، فهذا الجمهور بات في استطاعته أن يختار ما يود قراءته ومشاهدته دون قيود ووصاية، ودون أن يكون في حاجة إلى الانحناء لمن يدعى «خبيرا»، ومع وجود «سلطة الجماهير» التي هي القوة الدافعة السائدة الآن، فإن زمن النقاد بوصفه الحكم الفيصل الذي يحدد ذائقة الجمهور ويقرر ما يستهلكونه على الصعيد الثقافي، قد ولى.

ولكن هل تحل هذه الكتابات في المدونات والمواقع وصفحات التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» هل تستطيع أن تحل حقيقة محل الكتابات المستبصرة بنور المعرفة المتخصصة، والتي تضيء من موقعها هذا الكثير من الزوايا المعتمة التي قد لا يلحظها القارئ العادي؟

يبدو هذا الأمر صعباً فالكتابة التي نراها في تلك المواقع ترتهن لكاتبها من حيث الحكم الذي يطلقه، وهو الحكم الذي قد لا يكون في أحايين كثيرة محايدا، ولا منصفا، وربما ينطلق فيها الكاتب من موقف متعجل، أو عاطفي .

ويعود ماكدونالد في خانة الكتاب ليقترح مهمة جديدة للناقد بدلا عن موته نهائيا، مهمة لا يصبح له فيها سلطة مطلقة، فهو يقول: «لربما لا يكون الناقد قد مات، بل جرت ببساطة تنحيته جانبا، أو أنه يأخذ سنة من النوم، وتتمثل الخطوة الأولى الضرورية لإيقاظه، في استعادة فكرة الجدارة الفنية وزرعها في قلب الناقد الأكاديمي، إن الحكم هو المعنى الأول من معاني الكلمة اليونانية كريتوس، وإذا كان الناقد راغبا في أن يكون مقدرا ذا قيمة، ومهتما كذلك بالوصول إلى جمهرة القراء، فعليه أن يكون تقويميا».

ويبقى السؤال إذن: هل يمكننا الحديث الآن عن موت الناقد بمفهوم ماكدونالد؟ لا بالتأكيد، فما حصل ليس موتاً للناقد بمعنى غياب الحاجة له كوسيط بين النص والقارئ، ما حدث يشبه "انتحاراً" أكثر منه موت، فهو لم يحصل بفعل قوى خارجه نفت الحاجة إليه، بل هو اختار طوعاً أن يصبح مطية لاعتبارات لا علاقة لها بالنقد ولا بالأدب. حين تُكرس، كناقد، قيماً خارج جوهر الأدب والنقد فأنت ساهمت في موت النقد، وبالتالي في انحدار الأدب.

 

ونستطيع ان نقول في الختام من هو الناقد الذي نريده؟

- الناقد المنوط به تأويل الفن وإضاءته بشكل يفيد المبدع والمتلقي. 

- الناقد الذي يدرك أن لا قوالب في الفن ولا "مساطر" بل رؤى متباينة ومتناقضة تتعايش بإبداع ضمن نفس الفلسفة الجمالية بخطوطها العريضة،

- الناقد الذي يؤمن أن دوره هو الإضاءة المعرفية للأعمال الإبداعية، لا محاكمتها وفقاً لقوانين من خارجها.

- الناقد الذي نفتقده هو حليف المبدع والمتلقي، المستقل، الموضوعي، الذي لا تبتزه الأيديولوجيا ولا يسقط في فخ الاعتبارات الشخصية، سلباً أو إيجاباً، ولا يشتريه أصحاب المصالح. 

كتاب «موت الناقد» يكشف لنا عن احتجاج خفي ضد رثاثة النقد، وضعف ممارساته، وهيمنة النزعات الوظيفية، وربما الشللية التي جعلت من الناقد أشبه بصانع الفخاخ الذي يرقب الأفكار والنصوص لكي يمارس معها لعبة الحطّاب الذي يحمل فأسه أكثر من روحه..

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق