"ماذا لو كانت أشباحنا الحقيقية هي تلك التي نصنعها بأيدينا؟"
في رواية "أغلال عرفة" (دار رشم، 309 صفحة)، ينسج الكاتب عبد الرحمن سفر عالماً مُظلِماً حيث تتصادم العقول المتحجِّرة مع أشباح الموروثات الخرافية، وتنكسر الأرواح تحت وطأة العنف المُقدَّس باسم التربية.
الرواية تُغوص بك في دهاليز نفسية مُعقَّدة لبطلٍ مُسجون مرتين: مرة في جسده الذي عانى التعذيب، ومرة في عقله الذي تحوَّل إلى ساحة حرب بين الخرافة والعقل. عرفة بن الإمام ، الشاب المنطوي، يتحوَّل إلى كائن هشٍّ تحت قبضة عائلةٍ تُخفي تشددها الديني وراء أقنعة التقاليد، لتبدأ رحلةٌ من الألم تصل ذروتها بجريمة قتل غامضة تدفعك للتساؤل: هل الجنُّ هم من يسكنون عرفة، أم أن الوحوش الحقيقية هي تلك التي صنعتها يدُ الإنسان؟
الكاتب يُتقن استخدام أدوات الرعب الخارق (Supernatural Horror) كمرآة تعكس رعباً أكثر إيلاماً: العبودية النفسية، والاغتيال البطيء للإرادة. اللغة هنا ليست مجرد وسيط سردي، بل سكينٌ يقطع طبقات الوهم ليُظهر تناقضات المجتمع بين الدين والدجل، بين التحرُّر وأغلال الماضي.
الحبكة تشبه لعبة "بازل" دموية: أحداث مُترابطة ببراعة، تُسقطك من عزلة كورونا إلى زنازين السجن، ومن صراخ الطفولة إلى صمت الكبار المُطبق. الوصف الدقيق للظلال والروائح والأصوات يجعلك تشمُّ رائحة الخوف في الصفحات، بينما تترك الشخصيات غامضةً كأشباح لتتساءل: هل نحن أبطال قصتنا أم ضحاياها؟
الرواية لا تكتفي بسرد المأساة، بل تحفر في أسئلةٍ وجودية:
_"الإنسان إما يحظى بالحرية أو بالطمأنينة، وقلَّما يحظى بكليهما."_
هذه الجملة تُلخِّص الصراع الأبدي لـ عرفة بن الإمام، الذي يبحث عن خلاصٍ قد يكون الموت أهونَ منه.
النهاية – رغم أنها قد تُشبه توقعاتك – تُخلِّف وراءها صدىً قاتلاً:
هل نربي أبناءنا ليعيشوا، أم لنُجنِّبهم الموتَ الذي نحمله في عقولنا؟*
لمن هذه الرواية؟
- لعُشاق الأدب النفسي الذي يُشبه تشريحاً لجثة الحضارة.
- لمَن يجرؤون على مواجهة المرايا المكسورة في ثقافتنا.
- لِمَن يبحثون عن رعبٍ لا يكمن في الأشباح، بل في صمتنا المُطبق أمام العنف.
اقرأها إذا كنتَ مستعداً لسماع الصرخات التي نخبئها تحت وساداتنا.
#أدب_نفسي #أغلال_عرفة #عبدالرحمن_سفر #رواية_فلسفية #أدب_الرعب #ثقافة_وتمعية #كتب_تثير_الجدل #ورشم_للنشر #صراع_الوجود #رواية_سجون