لكل رواية طابعها الخاص، مش بس فى كتابتها أو نوعية القضايا والأفكار اللى بتطرحها وانما كمان فى أسلوب
مراجعتها من قبل القارىء وهو ما يجعلنى بداية أعترف
أن هذا العمل وضعنى فى مأزق شديد، لأنها رواية مفخخة
بالنقلات الدرامية الصادمة وبالتالى أى محاولة منى لتناول
أحداثها ولو من بعيد سايؤدى لحرق التواءات حبكتها لا محالة، لذا سأكتفى بطرح انطباعاتى بوجه عام فى نقاط
محددة بدون الدخول فى تفاصيل أحداث الرواية وأترك
لقارىء العمل متعة خوض أحداثه المثيرة بنفسه وأثق بشدة أنه سيخوض مع أبطالها رحلة لاتنسى وحقا لن يندم .
⭕ الشخصيات
فى رأيى وتقديرى الشخصى، صلب أى عمل روائى هو
شخوصه، فأبطاله هم من يملكون مفاتيح تحريك الأحداث
بل لا أبالغ إن قولت أن العمل الأدبى بأكمله يتوقف على
مدى قدرة بناء شخصياته و دفع تطوراتها الدرامية
والتعامل مع منعطفاتها، ولو لم تكن مبنية على أسس
متينة، ستصبح الرواية منزوعة الدسم وهاتتحول
لمجرد قصة مسلية والسلام .
الكاتبة هنا لم تعتمد فى روايتها على شخصيات كتيرة
بالعكس، بل إن عدد أبطال " غبار الملاك “ فى الواقع كان
محددودا لللغاية وربما لا يتعدوا أصابع اليد الواحدة إنما
كل شخصية لها من الأبعاد النفسية والدرامية المعقدة
والمتشابكة ما يؤهلها لقلب أحداث القصة رأسا على عقب
وهو ما نجحت ( أمل ) فى فعله بمنتهى القوة والبراعة
⭕ اللغة
من يتحفظ على إستخدام العامية ويرى أنها تنتقص من
قيمة العمل الأدبى، صدقا قد تكون هذه الرواية نقطة
مفصلية فى مراجعة حساباته وتحويلها 180 درجة
وتثبت وجهة نظرى بأن مربط الفرس فى يد الكاتب وحده
هو من يستطيع توظيف العامية توظيفا راقيا أنيقا
معبرا مؤثرا، أو استخدامها استسهالا وابتذالا
توظيف العامية فى " غبار الملاك “ أضاف للعمل كثيرا
وجعلتنى أغوص فى أعماق أحداثه وأنفعل بشخصياته
وان كانت ( أمل ) تمتعت بالذكاء الأبداعى الواسع الذى
جعلها لم تعتمد على العامية فقط رغم قدرتها على الأرتقاء
بها وجعلها أقرب للفصحى ولن يشعر القارىء بفرق
لكنها إعتمدت فى استراتيجتها السردية على الموازنة
بين الحكى الأدبى بالفصحى ومابين إستخدام العامية
فى المشاهد الحوارية وهو ماجعل الرواية تنبض بالحياه وكأن صفحاتها تحولت إلى شاشة عرض تجعلك ترى
مشاهدها وتعايش شخصياتها، علما بأن لو قدر لهذه الرواية
أن تتحول لعمل فنى وهى جديرة بهذا حقا وفعلا، ستكون
مهمة السيناريست التى يعمل عليها من أسهل مايكون لأن
الكاتبة قامت بالواجب وأكثر .
استمتاعى بقراءة الرواية يفوق الوصف، وخوضت مع أبطالها
رحلة شائقة ومؤثرة، فاأنا بطبعى يجذبنى كثيرا القلم الذى يجيد التقليب فى تربة النفس البشرية .
إجمالا، كل التقدير والاحترام والتحية لقلم
المبدعة ( أمل العشماوي )، وأقولها بصدق أراها واحدة
من أهم وأقوى الأقلام الأنثوية التى حجزت لها مكانة متميزة على الساحة الأدبية .