" بعدهالك يا عمر يا طاهر! ".
كتابة مراجعة لأحد أعمال عمر طاهر؟!
لم أعتد عليها، لا يصح مع ما يكتب عمر طاهر أن يُقاس بالإيجابيات والسلبيات ونقاط الضعف والقوة، بل يقاس بأحببته وأحببته جدًا و " يلهوي على الجمال "، وأنا الآن في تلك الأخيرة.
الغلاف:
بادئ ذي بدءٍ الغلاف آسر بهدوئه، يلهمني اللون الأبيض دائمًا، أشعر معه بحميمية ودفء لا أجد لهما تفسير، كما أنَّه جاء معبرًا بشده عن عنوانه، أثار خيالي، ماذا يحتسون؟
شايًا؟
بنعناع أم بدونه؟
علمني عمر طاهر التفكير في كل شيء، وأن لكل شيء أهمية، وأن السعادة لا تأتي إلا بالنظر في أدق التفاصيل.
اللغة:
فصحى، مطعَّمة بالعامية، وعلى كلٍ أشعر دائمًا بأن عمر طاهر لا يأتي باللغة لتلائم ما يكتب، بل تأتي اللغة طواعيةً أمام ما يكتبه، فتأتي فصحى في مكانها، وتتخللها العامية في مكانها.
فصول الكتاب:
لا شك في تنوع ضيوف عمر طاهر، ويتفرَّد دائمًا بكونه مَن تشعر مع كتاباته أن الأفكار مَن تؤزه أزًا لكي يكتبها لا العكس!
لمسني فصلان منهم بالأخص وهما:
الكاتب:
لعلي أحببت حديثه عن نفسه لأني وجدت مَن يعبر عما يختلج في صدري ولا أعلم له وصفًا، أقف مع تلك الفقرة كيف علم كل هذا عني؟!
ومع أخرى أشعر بلذة انتصارٍ أني وجدت وصفًا لي ولما أشعر،
تحدث عن طفولته، وأربعينيته، مَن هو عمر طاهر، ولخص حياته في كلمتين أنه "عنده ضيوف".
قصة حب فتاة أحلامي:
" كانت ملهمته، وكان قارئها الأول ".
سناء البيسي، منير كنعان، سعد زغلول، عبد الحليم حافظ، محمد حسنين هيكل، مصطفى أمين.
لا أعلم كيف استطاع أن يوصِلَ شخصية بأخرى، وخيط بآخر من سعد زغلول حتى هشام منير كنعان!
حب مليئ بالفن، شعر به يومًا ما شخصان، حتى قرر عمر طاهر أن يترجم هذا الحب لكلمات خطَّها بحرفة فنان، حتى وصلت لي وأنا على سريري أحب كنعان مع سناء، وأحب سناء مع كنعان.
يأتي عمر طاهر بالتاريخ من أصغر نوافذه، يطل على الدنيا كلها من جحر صغير، فيرى فيها ما لا يراه سواه.
كل كتاب لعمر طاهر يفرض علينا ذكره كشخصية عند الحديث عن الكتاب، روحه تسري في كلماته، فتجعلها تنبض بالحياة، يسلبك من واقعك ليذهب بك إلى واقعك أيضًا، هناك تعلم فقط أنَّك كنت ترتدي نظارة خاطئة ترى بها حياتك.
هذا الـ " عنده ضيوف " مؤنِس، وهذا كافٍ بالنسبة لي، علَّمني عمر طاهر فيه أن "الرزق يحب الخفيَّة"، وأن "مَن جاور السعيد يسعد و مَن جاور الحداد ينكوي بناره"، وأن ما يُكتَب بحب يُقرأ بحب.
أرشحه لمَن؟
لمن يريد أن يرى نفسه بعين غيره، يستمع لقلب دقَّ من أعوامٍ في قلب إنسان ما، من يعلم أن الدنيا قصيرة وهتعدِّي هتعدِّي، ويُصر أن تعدِّي كما يريد وبمزاجه، أرشحه لكل من عنده ضيوف.