كوش كو > مراجعات رواية كوش كو > مراجعة Abjd

كوش كو - ولاء كمال
تحميل الكتاب

كوش كو

تأليف (تأليف) 4.5
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

◾اسم الرواية : كوش كو

◾اسم الكاتب : ولاء كمال

◾نوع الرواية : دراما تاريخية بخلفية سياسية

◾اصدار عن الدار المصرية اللبنانية

◾عدد الصفحات : ٤٨١ صفحة على أبجد

◾تصميم الغلاف : آدم عبد الغفار

◾التقييم : ⭐⭐⭐⭐⭐

(حياة كوش وإن كانت ستخبرنا بشيء واحد فقط، وهو ما نشك فيه إذ ستخبرنا بأشياء وأشياء، فإنه سيكون أن العالم، والحياة، وتلك البقعة العجائبية من الدنيا المسماة مصر، أكبر من أن يستوعبها منطقُ الواقع وسؤالُ المعنى ورغبة الفهم فالحياة خُلقت لتعاش وليس لتُفهم كما قال صديقنا الأسطوري كوش كو ابن أحد نجوع قرية أبريم.....)

هكذا يستهل الكاتب روايته عن "كوش كو" ابن أرض النوبة الخالدة، الولد الوحيد لوالد مات قبل أن يرى الصبي الذي تمنَّاه أكثر من أي شيء في هذه الحياة، ليجد "كوش" نفسه رفقة أمه وست أخوات في رعاية خاله، هذا الخال الذي كان يراه نادراً ولم يعرف سوى أنه يعمل رفقة الأجانب في عالم غير عالمهم.

ليأتي اليوم الذي سيرتبط فيه مصير "كوش" بمصير خاله حتى وفاة أحدهما؛ إذ سيصطحبه خاله إلى (مصر) للعمل معه في فندق (شبرد)؛ ليرحل "كوش" عن بلاده وهو لم يتجاوز سن الثانية عشرة بعد، ليغرس جذوره في بلد جديدة وسط أناس مختلفين وحياة لم يخطر على باله يوماً أن يعيشها او ان تكون حافلة بمثل هذه الأحداث.

كان فندق (شبرد) بالنسبة لـ"كوش" بمثابة نافذة يُطِل منها على العالم الغريب، وفيه التقى بالكثيرين و واجه الأكثر، وكان (شبرد) فصلاً لا يُستهان به في تاريخ حياته الحافلة... فمن كان يتخيَّل ان الفتى النوبي الأُمِّي الذي جاء من بلاده في سبيل العمل وكسب الرزق سيصبح أشهر الخدم في بر مصر كله؟! من كان يظن أن الفتى الذي لا يجيد القراءة والكتابة سيُتقن من اللغات ما يؤهله لمحادثة زعماء وقادة؟! ومن كان يعتقد أن الخادم النوبي البسيط ستتلاقى طرقه بطرق أشهر القادة والعلماء والفنانين والأدباء وسيكون شاهداً على فصول لا يُستهان بها من حيواتهم؟! وأنه سيأتي يوم ويصبح الفتى الضعيف "كوش كو" (أرض النور) التي ستخرج اجيالاً لن يُصبحوا خدماً بعد ذلك؟!

◾رأيي في الرواية :

منذ قرأت عنوان الرواية واطلعت على غلافها أيقنت أنني امام عمل تاريخي ولكن لم استطع تحديد ماهيته بالضبط، هل هو الأتراك!! ام المصريين!! هل هو يحكي تاريخ حديث!! ام آخر قديم!! لأقرر قراءة الرواية والتي استطاعت من الصفحات الأولى جذبي عُنوة لتفاصيلها وبِت ألهث خلف الأسطر لمعرفة ما ستؤول اليه كل هذه الأحداث المتداخلة؛ لن أُبالغ ان قولت ان الرواية هي بمثابة ملحمة تاريخية وسياسية شاهدة على تاريخ مصر وبعض من تاريخ العالم لما يقرب خمسين سنة متتالية، وليست أي خمسين سنة، وإنما هي أهم الفترات في تاريخ مصر الحديث والتي شهدت من الثورات والحروب وتداخل الثقافات ما يكفي ويفيض... الرواية تشهد فترة حرجة في تاريخ مصر من بطش الاحتـ.ـلال البريطاني واشتعال المقاومة الشعبية، إلى جانب الحروب التي جُرَّت لها مصر جراً ولم يكن لها فيها لا ناقة ولا جمل مثل الحربين العالميتين... ليختار الكاتب بطلاً يعرض من خلاله كل هذه الأحداث وقد كان "كوش كو" ابن النوبة هو الاختيار الموفق لذلك.

لقد جعل الكاتب من "كوش كو" بطلاً واضحاً في معظم الأحداث الثقافية والسياسية والتاريخية والفنية في تلك الفترة، وفي نفس الوقت جعله بطلاً في روايته الشخصية، بطلاً شاهداً على عنصرية الشعوب البيضاء وعلى تعسُّف الاحتلال وما يتحلَّى به من بجاحة رغم اغتصابه لأرض ليست ملكه، وفي نفس الوقت بطلاً شاهداً على المقاومة التي لا تهدأ والنفوس التي تثور في سبيل الحرية وتخليص الأرض من المحتل الغاشم، شاهداً على الحركات الشعبية والرموز الوطنية التي أربكت الاحتلال وأفقدته توازنه، وشهيداً على بشاعة الحروب وما تُخلِّفه وراءها من دمار على المستوى المادي والمستوى المعنوي، الحروب التي تُقام تحت غطاء المساواة واسترداد الحقوق وهي أبعد ما تكون عن ذلك، فهي ليست سوى نتاج لجنون وعنصرية محتل أبيض رأى في كل من سواه كائنات لا تستحق الحياة.

لقد اختار الكاتب البطل نوبياً لابراز الترابط بين شمال مصر وجنوبها، ولتوضيح تجانس كل عناصر الأمة المصرية في وقت حاول فيه المحتل إشعال الوقيعة بينهم لمصلحته الشخصية، ولن اكون ابالغ ان ذكرت ان ما قرأته أراه يحدث الآن ونراه واضحاً في أرض فلسطين الحبيبة، لقد اختلفت البلاد وسياسة العدو الغاشم وأساليبه الملتوية واحدة.

الرواية تشير إلى أهمية العلم والمعرفة والاطلاع مهما طال عمر الإنسان او قصر، فمادام الإنسان يحيا يجب عليه ان يتعلم ويُعلِّم غيره؛ لينقله غيره الي آخرين وهكذا؛ فهكذا نصبح دولة ذات سيادة مكتفية بنفسها وبأبنائها، دولة لن ينجح أحد بعد ذلك في استعباد أبنائها او جعلهم خدماً، وإنما هم سادة وسيظلُّوا سادة مهما أضاء التاريخ أو أظلم.

الرواية بالشخصيات الرائدة التي ظهرت في تلك الفترة في أكثر من مجال مثل (طه حسين، هدى شعراوي، نجيب الريحاني، وغيرهم) وعلى الصعيد العالمي ذكر الكاتب (الرئيس روزفلت، و الكاتبة اجاثا كريستي، والقائد النازي هتلر وغيرهم)... علاوة على أحداث سياسية وتاريخية هامة مثل ثورة ١٩١٩ -التي شعرت أنني اعيش أحداثها من براعة تعبير الكاتب-، الحركات النسائية وريادة المرأة، نفي سعد زغلول ورفاقه، الجمعيات السرية واغتـيال بطرس غالي وغيرها من الأحداث التي كانت ومازالت علامات مضيئة في تاريخ مصر.

الرواية لا تتحدث عن سيرة شخص أو مجموعة من الشخصيات وإنما هي ترصد حياة شعب كامل بمختلف طوائفه وعناصره، شعب عاش الرخاء وذاق طعم الظلم، شعب مُسالم بطبعه ولكنه شرساً ان اقتربت من بلاده او قلَّلت من شأنه.

الرواية بها رمزية واضحة حيث جعل الكاتب من بطلها "كوش كو" رمزاً لمصر بلحظات ضعفها وقوتها، رمزاً لها في الازدهار والاضمحلال، إشارة إلى عظمة تاريخ دولة نجحت في مد جذورها لآلاف السنوات ومرَّ عليها من مر الطُغاة وهي ثابتة.

وأخيراً رواية ممتازة تشير إلى اجتهاد الكاتب في البحث خلف سير شخصيات واحداث عديدة ونسج حياة كاملة لشخصية من واقع هذه الشخصيات، أنهيت قراءتها خلال يومين لا أكثر وانا على يقين انها لن تكون آخر عهدي بكتابات الكاتب (ولاء كمال).

◾النهاية :

اكبر ما كنت أخشاه في هذه الرواية هي ان تُترك نهايتها مفتوحة، ولكن الكاتب جعل من فصل النهاية ملحمة منفردة يبرهن بها على أفكاره ويعبِّر من خلاله عن واقعية الرواية ومغزاها.. النهاية جاءت مناسبة للأحداث غير متوقعة لم تخلُ كذلك من عنصر التشويق كما الحال في باقي أحداث الرواية؛ فهي نهاية احترمت عقل الكاتب ونجحت في إكمال حبكة الرواية وإيصال مغزاها.

◾الغلاف :

غلاف رائع لافت للانتباه، للوهلة الأولى يمكنك من خلاله استنباط الخلفية التاريخية للعمل، ومع التقدم في الأحداث تدرك براعته في التعبير عن الرواية وارتباطه الوثيق بها.

◾الحبكة :

حبكة ممتازة مترابطة الأحداث ومسلسلة التفاصيل، وبرغم كونها رواية تاريخية؛ فإن الأحداث يصعب توقعها او استنتاج ما ستؤول اليه.

◾الأسلوب :

اعتمد الكاتب أسلوباً مميزاً قائماً على التكثيف في عرض الأحداث دون إسراف في التركيز على تفاصيل فرعية او أحداث ثانوية غير مؤثرة في الرواية، وهو بذلك ابتعد عن الاسهاب دون داعٍ والاختصار الذي يُخِل ببناء الرواية؛ فابتغى بينهما سبيلاً وحرص على عرض الأحداث بأسلوب شيِّق يدفع القارئ لمواصلة القراءة دون كلل.

لقد حرص الكاتب على التأريخ الزمني للأحداث وتحرِّي الصدق في تقديم مقتطفات السير الذاتية التي تطرق لها مثل ما يتعلق بعميد الأدب العربي (طه حسين) ورحلة (أجاثا كريستي) إلى مصر، وهو بذلك خلق سيرة ذاتية واحدة صامدة تناوبت عليها بعض من سير الشخصيات الرائدة وشكَّلتها.

اسلوب رائع يتناسب مع الرواية وفكرتها الأساسية.

◾اللغة :

اعتمد الكاتب لغة عربية فصحى قوية رصينة سرداً وحواراً، وقد غلب السرد على الحوار على طول أحداث الرواية، وبرغم كثرة السرد فإنه جاء مُكثَّفاً يمتاز بقوة المعاني وتنوع الألفاظ علاوة على استخدام بعض الصور البيانية بما يتطلبه النص دون تكلُّف أو مغالاة.. أما الحوار فقد جاء رغم قلَّته حياً ناطقاً مصبوغاً بصبغة الفترة الزمنية التي دارت بها الأحداث ومناسباً لكل شخصية من الشخصيات، فقد حرص الكاتب على جعل الحوار مرآة عاكسة لكل شخصية.. وفي المجمل جاءت اللغة قوية ثريَّة مناسبة للرواية وأحداثها وتشير لتمكُّن الكاتب من أدواته البيانية والإبداعية.

◾الشخصيات :

تعددت شخصيات الرواية واختلفت نظراً لاختلاف وطول الفترة الزمنية التي دارت بها الأحداث وكذلك تنوع أماكن كل حدث من الأحداث، فالكاتب حرص في البداية على تقديم الشخصيات الأساسية في الرواية ككل والمتمثلة في شخصية (كوش كو، الخال، خولي) ورسم الخطوط العريضة لهذه الشخصيات، ليبدأ بعدها تدريجياً في إبراز باقي الشخصيات الثانوية او بمعنى أصح المقتصر وجودها على فصل واحد أو بعض فصول مثل شخصية (الدكتور حلمي، نجيب، طه... وغيرهم) وقد نجح الكاتب في تقديم كل شخصية بصورة مميزة من خلال الأحداث يمكن من خلالها للقارئ استنباط سمات الشخصية ومعرفتها تاريخياً؛ وبذلك يسهل على القارئ استيعاب الأحداث، ويمنع عنه أي تشتت أو ملل قد يصيبه جراء كثرة الشخصيات واختلافها.

◾اقتباسات من الرواية :

📌"لا تسمح للبيئة المحيطة بك أو لمن هم حولك بالتأثير عليك فتتجاهل صوت ضميرك أو تخونه بأي صورةٍ كانت، كرامتك من ضميرك وكلاهما يحددان مقدارك ووجودك في الحياة."

📌"الخوف من المجهول والرضا بما هو متاح كان آفةً... بدأ وعي (كوش) المتشكل من الكتب يستيقظ عليها مع كل صفحةٍ يقرؤها."

📌"آن الأوان أن يدرك هؤلاء المنافقون الذين يتعاونون مع الإنجليز أننا سنحيل حياتهم جحيمًا. لا نقتل ولا نخون، ولكننا أداة طيعة في يد كل من يريد خدمة الوطن."

📌"ولكن إن نسي المحسِن فيستحيل أن ينسى المحسَن إليه ما لقيه من عطف."

#كوش_كو #ولاء_كمال

#الدار_المصرية_اللبنانية

#مراجعات_هدير #قراءات_2024

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق