"يفترش الشيوخ في فوضى الأرض الرطبة، ليغيبوا في أحاديث النميمة في سمر أخاذ، يفتضوا معها أسرار القرية في جسارة وتوحش، يظلوا في ترف الحديث حتى تأذن بنات الليل بالمغيب. كان أكثر ما يشغلنا في جلستهم تشاكسهم المترع بنزق الطفولة." - أوهام الجنوبي لمحمد فيض خالد 🇪🇬
توسمت خيراً في هذه المجموعة القصصية، وقد صدق حدسي وراقت القصص لذائقتي الأدبية، وهي أول ما أقرأ لمحمد فيض خالد.
أبطال القصص هنا شخوص تمر بحالات اغتراب ونوى، يساء فهمها أحياناً، وتتعرض للاستغلال والتهكم مراراً، ولا يفطن لمكنون صدورها أغلب الناس، مما يكرس لاستدامة ذاك الاغتراب والتشرنق. تبدو القصص وكأنها ومضات إنسانية تدفعها دفقات إبداعية من المؤلف صاحب اللغة الراقية للغاية، والتي لا تتناسب دوماً مع طبيعة الشخوص الريفية البسيطة ومحيطها العفوي. أبدع فيض خالد وأفاض في وصف مشاهد القصص ما بين قرى مصرية غنّاء و"طبيعة محتضرة" في الغربة، كما وُفِّق في اختزاله للأحداث بما يُجِلّ قالب القصة القصيرة.
تترك المجموعة القارئ في حالة حيرة: أهي حقاً أوهام "الجنوبي"؟ أم أنها أوهام المحيطين به؟ هل الإنسان "جغرافية متخيلة" بالنسبة للمحيطين به؟ هل هو أسير جغرافيته الحقيقية؟ ماذا يحدث حين تتداخل ملامح الجغرافيتين؟ لا أعرف محمد فيض خالد، لكن أحسبه صاحب قلم مرهف، شديد الحساسية.
#Camel_bookreviews