مقهى أوريليا > مراجعات رواية مقهى أوريليا > مراجعة Fedaa El Rasole

مقهى أوريليا - أمنية المشد
تحميل الكتاب

مقهى أوريليا

تأليف (تأليف) 4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

لا يعرف قيمة الذكريات غير صاحبها الذي عاش فيها وأعطي من وقته وروحه لصناعتها، لأجل ذلك قد يري الناظر خارج حدود الذكري أنه تمسُك زائف بخيوط واهنه تخطاها القدر وتجاوزتها الأحداث، لكن المُخلص في ذكراه والمُحب لها ولمن كان معه فيها يظل يحيا بها مهما تقلبت الأمور أو اختلفت الأوضاع.

لم تعش يسرا كثيراً مع خالد، لم تغشاهما سعادة كاملة لكن حياتهما كانت مُستقرة بقدر كبير وكانوا متفاهمين علي عكس أزواج غيرهم من الأصدقاء والأقارب، لكن الذكري لا تتصل بطول المُعاشرة ولا كثرة مواقيت اللقاء وتكثيف جلسات الحب، الحب والمشاعر لا تُقاس بالكم والقبول والراحه للآخر لا تُدرك بالكيف.

وبينما كانت الأمور مستقرة والحياة تسري بعاديتها انقلب الوضع في لحظة، وآه من لدغات القدر السامة وهبوطة الحاد بالمكتب دون سابق إنذار، مات خالد بحادثة ودخلت يسرا لعزلتها وحيدة مع مقتها علي الواقع وانعزالها التام عن أي مظهر من مظاهر الحياة.

وكأن الموت حلّ عليها بالكُلية وارتسم علي كل ملامح حياتها رغم أنها مازالت علي قيد الحياة.

عندما يموت أحباؤنا نُبهت، نشيخ، يختفي بريق الحياة ولمعانها من أنفسنا فنقبع في دوائر الصمت والاكتئاب، يكون مُني ومراد كل واحد فينا أن يُترك وحيداً مع نفسه، لكن ما يزيد دوائر الألم مرارة هو الإلزام بأفعال لابد من وجوب فعلها، وفي حيز تنفيذك للأفعال ومقابلاتك للعزاء تظفر بطعنات أُخري من مخبولين لا يفقهون معني الحب ويتصنعون صموداً زائفاً لاستجلاب قوة وهمية بالقطع لن يكونوا عليها إن انقلب الحال وأصبحوا هم في دائرة المُبتلي بالمُصيبه.

إنتي لحقتي تحبيه ؟ لازم تعيشي حياتك مش هتفضلي عايشة ميته كده!, وإن فعلت بدأت التعايش بعد محاولات كبيرة يظهر الوجه الآخر من اللؤم البشري متمثلاً في جُمل ( إخص عليكي بسرعة كده؟، ولا كإنه مكانش جوزك ).

أقسي دروس الحياة نتعلمها في مواقف الصدمات، حينها فقط نعلم أن ليس للإنسان إلا نفسه، وأنه هو الوحيد الذي يجب أن يفعل ما يريد وفقاً لما يراه مُناسباً لذاته و وضعه وحالته، وأن الأقربون ليسوا دائماً متاحين للتهوين والتخفيف من حدة الأوجاع، بالعكس، فقد تؤدي طباعهم وغلاظتهم إلي تفاقم آلامنا كلما رأيناهم أو تكلمنا معهم مثلما كانت تفعل والدة يسرا معها.

لا أحد ينجوا من الماضي بسهولة، ولا من تجاربة السابقة، لكن مادام الإنسان مُحباً للحياة ويأمل الوقوف علي عتبات الأمل فيها فإنه حتماً سيصل إلي طريق النجاة.

أحببت اختيار يسرا للإسكندرية لأن بها من الأجواء ما يشفي ويُسحر ويُعافي، غير أن فكرة معالجة الذكري بذكري أُخري جميلة كانت لها مع جدها وتغيير المكان بالبعد عنه ولو لفترة فكرة جميلة.

ساءني أن الرواية كان بها بعض التطويل في عديد من المقاطع بلا داعي، وسرد تفصيلي لحالة يسرا ومواقف لها في المنزل باسترسال ممل أحياناً وإن كنت أفهم أن مُرادة توصيل حالة الشتات والتيه والحزن الكبير التي تعيش فيها لكن حكيها كان مُعاداً ومُكرراً.

كانت شخصية يسرا لتكون أكثر ثُقلاً لو أن لها علاقة مُسبقة بالكتب قبل العمل في المكتبة، كأن تكون صحبتها للكتب في وقت ألمها خففت عنها حدة الألم لذلك سعت للعمل في المكتبة، الأمور هكذا ستصبح أفضل من كونها مصادفة ليس لها تأثير.

جلسة والدة خالد مع يسرا فرجت عنها الكثير لكن تحولها السريع بعدها لم يأخذ وقته اللازم من التأني والتفكير.

من الجيد أن يعلم الإنسان أن الدنيا لا تقف علي أحد وأن كل شيء سيء يُعوض بجميل حتي وإن كُنا نجهله فإنه سيظهر حتماً علي وجه أفضل مما كُنا نتخيل، وأن الطُرقات التي سلكناها في الظلام مُنصاعين للقدر يُمكن أن يكمُن في جنباتها النور لأنها سُنة الله في الحياة.

⭐⭐⭐.

#مسابقة_قراءات_قبل_المطبعة.

#دار_الرسم_بالكلمات.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق