🌷 المقدمة :-

تذكرت اثناء قراءتي للكتاب مشهد معروف للمهرج الذي يقف على المسرح ويقول او يفعل ما يضحك الجمهور و لكنه بداخله يتالم و يبكي بحق .. فقط يؤدي دوره المطلوب منه بنجاح ساحق دون ان يشعر أحد من الجمهور ان قناع المهرج يخفي خلفه ملامح انسان يشعر مثلهم و يتالم وربما اكثر من بعضهم.

ذكر المؤلف في مقدمته ان الناقد الصحفي محمد ثابت هو صاحب اختيار عنوان الكتاب وهذا في حد ذاته نقطة تحسب للمؤلف عن مصداقيته واعترافه بالفضل للاخرين و في رايي ان العنوان مناسب جدا لمحتوى الكتاب.

❞ ليكون بين يديك ليست مجرد سير لمجموعة من الفنانين، بقدر ما هي سيرة تاريخية لمجتمع كامل في فترتي ثورة 1919 ويوليو 1952 وما تبعهما من أحداث ❝

وحين كتب عن كون الكتاب يعد تصورا كاملا للحياة السياسية و الاجتماعية في هذه الفترة وقد اتضح هذا جليا في تأثر حياة الفنانين و مماتهم بحال الدولة السياسية في كل فترة عاشوها فمثلا احترمت دور الدولة في تقدير دور فنانيها الذين قدموا للوطن كل نفيس زي حسن فايق و زينات صدقي و ايضا اثناء نهاية بعضهم الذي ربما كانت السياسة واحدة مز أسبابها مثل سعاد حسني و كاميليا.

ففي رأيي فان المؤلف أعمل عدسته على الصورة كاملة و لم يختر منها مشاهد معينة.

🌷 نبذة عن العمل :-

الكتاب مقسم لثلاث فصول ارتبهم من الاقل للافضل من وجهة نظري المتواضعة فاقلهم اثارة الفصل الاول عن نجوم الكوميديا وللحق اكثر ما غمرني من شعور فيه كان الشفقة فدوام الحال من المحال و قد لاحظت ان معظم الفنانين في الكتاب حاربوا الظروف للوصول الى تحقيق حلمهم سواء بالوقوف على المسرح او الظهور على الشاشة الفضية و انتهوا نهاية أقل ما يقال عنها انها مأساوية.

اما الفصل الثالث عن فنانات تركن لغزا بعد رحيلهن فحين وصلت إليه كنت استمتع بالهدوء و السكينة بعد قراءة قصة منير مراد و لكنه لم يتمكن من تجاوز قدر المتعة التي تسبب فيها الفصل الثاني الذي تحدث عن ممثلين يهود لم اعرف عنهم يوما ديانتهم و هذا ان دل على شئ فهو يدل على التحام الديانات ببعضها البعض في هذه الفترة ، فبرغم كم الضغوط و الاغراءات الذين تعرضوا لها إلا انهم ظلوا اوفياء.

🌷 اسلوب الكتابة :-

اتبع الكاتب أسلوب معين تكرر في كل قصة وهو كتابة نبذة الشخصية من عدة سطور بوجه عام ثم سرد القصة بتفاصيل اكثر ، لم اشعر باي ملل نهائيا اثناء القراءة بل بالعكس احببت اسلوب كتابته و عرضه لقصة كل منهم و تلك الجمل التي يكتبها تحت كل صورة.

🌷 الكتاب وأنا :-

من الواضح اني كنت أقرأ هذا الكتاب قراءة رائقة وأظن هذا بسبب محتوى الكتاب الذي يعمل على تهدئة أعصابك في بعض فصوله و يسرقك ممن حولك ، فمثلا هناك اغنية محسوبكو انداس كنت اعرف انها الحان سيد درويش و سمعتها كثيرا من ايمان البحر درويش حتى فوجئت ان بدايتها كانت بالتعاون بين سيد درويش و علي الكسار على المسرح ولكني لم أعثر على أثر لها فمن الجميل ان ايمان البحر اعاد احياء تراث جده كيلا يندثر.

هناك ايضا ضحكة حسن فايق التي لفتت نظره يوما حتى حاول تقليدها و من يومها اصبحت علامة فارقة وقيل عنها

.❞ ومن شدة إعجاب المشاهدين بها كانوا يقلدونها، حتى أننا بدون مبالغة نستطيع أن نقول إن من علامات السينما المصرية ضحكة حسن فايق، وإن السينما المصرية تفخر بضحكة حسن فايق أكثر من حسن فايق نفسه.‏ ❝

وعن استيفان روستي الكوميديان الشهير فكيف لنا ان نتخيل او ندرك ان هذا الممثل البارع خلف الشاشات عانى معاناة شديدة في حياته ليخرج بهذا الشكل فحقا من رحم المعاناة يولد الابداع ، اشتهر بافيهاته التي لا تنسى ومنها افيه فيلم حب و دموع الذي بحثت عنه بل و شاهدت الفيلم كاملا أيضا بعد قراءة الكتاب.

https://youtu.be/5hoZoU5KrnE?si=RxYpi4L3Qdbs7GUK

احببت الربط الذي اصبح يحدث في عقلي مصادفة في الاونة الاخيرة ما بين الاحداث والشخصيات وبعضها في الاعمال المختلفة فالوفاء و الانتماء الذي اتسم به الممثلين اليهود هاهنا جعلني اشعر بالعجب فالجميع ولد هنا الا ثريا فخري فهذا وطنهم كيف يطلب منهم تركه خلفهم و الانتماء الى اللاوطن ، ثم يخطر على بالي شخصيات رواية قراتها قريبا بعنوان تل ابيب - الاسكندرية و ردود افعالم المختلفة حين عرض عليهم المال من اجل تخريب الوطن.

ادرك جيدا ان الشخصيات تختلف و لكنه وطن واحد يحتضن اشخاص مختلفة فيخرج منها الصالح والفاسد كأخين خرجا من منزل واحد.

‏هذا الفصل كان يعدني لاستقبال احد الفنانين متنوعي المواهب فممثل و مخرج و كومبارس و منتج و ملحن ومطرب ، فنان لم اعرف عنه غير اسمه فحسب لاكتشف هنا انه قام بتلحين العديد من الاغاني التي استمع اليها بالفعل سواء لشادية او عبد الحليم او شريفة فاضل ،اغاني بلغت شهرتها حد السماء و وجدت أيضا مونولوج "هنا القاهرة" الذي اكتشفت إني سمعته مرارا حين كان والدي يديره وانا صغيرة وحين سمعته كدت اجزم ان فريد الأطرش هو الذي غنى هاهنا وليس منير مراد يقلده.

****

اما اكثر ما ترك اثرا داخلي في الفصل الخاص بمن تركن لغزا بعد رحيلهن كان الصوت الملائكي لاسمهان في ليالي الانس في فيينا و يا حبيبي تعالى و امتى هتعرف وقصتها المؤلمة قصيرة العمر ، واختتم كتابه بقصة السندريلا التي على قدر ما حوت من نجاح وبهجة و جمال فقد رحلت عنا تاركة لغز موتها مجهول وفي رايي فان اهتيار صورتها الرقيقة لتكون هي صورة الغلاف اختيار مناسب للغاية.

مرغم عليك - من رباعيات صلاح جاهين

****

#soso_reads

#دار_الرسم_بالكلمات

#مسابقة_قراءات_قبل_المطبعة