مُقَامرةٌ على شرف الليدي مِيتسي > مراجعات رواية مُقَامرةٌ على شرف الليدي مِيتسي > مراجعة Bassma Algaml

مُقَامرةٌ على شرف الليدي مِيتسي - أحمد المرسي
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

مُقامرةٌ على شرف الليدي مِيتسي للكاتب أحمد المُرسي. عدد الصفحات 350صفحة. عن دار دَوِّن للنشر والتوزيع.

غلاف أحمد فرج.

الرواية في القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية.

❞ ماتَ فوزان الطحاوي بلا أمنيات، لم يشعر به أحد، حتى إنهم عرفوا بموتهِ بعد ليلتين، وجدوه نائمًا في فراشهِ على جانبه كجنين، نحيل، كأنما مات منذ ألف سنة❝

▪︎تبدأ أحداث الرواية بوفاة الفقير فوزان الطحاوي، الذي عاش وحيدًا في منزله البسيط، وبعد رحيله، يقرر الشيخ غالب الطحاوي الخروج في رحلة استكشافية لاستعادة حقوقه المفقودة من منزل المَيْت المتهالك، التي تدعي أمه ونساء والده أن فوزان الطحاوي سرقها وقتل اباه، ومع ذلك لا يعرف الشيخ غالب الشيء الذي تم سرقته بالضبط.

تبدأ رحلة غالب بالبحث عن وثائق الملكية والعقود في منزل فوزان، حيث يتخيل أنه ربما قام الراحل بسرقة شيء ذو قيمة، وبينما يبذل جهودًا جبارة، يجد بعض الأوراق والظروف، ولكن انتباهه يتجه نحو صورة فوتوغرافية نادرة تعود إلى العشرينيات، تجسد الصورة غلامًا فوق فرسًا بيضاء أصيلة، وتحمل امرأة أنيقة وجميلة بلجام الفرس بثبات، بينما يظهر رجلان على جانبيها، الأول يبدو متجهمًا ونظرته حزينة نحو العدسة، بينما الآخر يحمل سيجارة في فمه ويضع يديه في وسطه بثقة، يكتشف غالب أن الصورة الفوتوغرافية تحمل أسرارًا وآمالًا وحكاياتٍ معقدة تربط بين هؤلاء الأربعة

شخصيات، مما يدفعه للمضي قدمًا وفهم ما لم يفهمه من قبل.

تنتقل الرواية لنستكشف عمق حياة سليم حقي، الذي يبذل قصارى جهده لجمع المال اللازم لعلاج زوجته العزيزة عايدة، يتقاطع طريقه مع مرعي المصري، سمسار سباق الخيل، الذي يهدف إلى استغلاله لتحقيق الربح السريع، ينغمس سليم في حياة مليئة بالتحديات، ولكنه يرفض الاستسلام ويصمد من أجل عايدة التي تحارب المرض بكل قوتها.

يبدأ سليم في البحث عن طرق لاستعادة هيبته وكرامته المسلوبتين أمام زوجته وضميره، وفي هذا السياق، يتقاطع طريق سليم ومرعي المصري مع طريق فوزان الطحاوي، الشاب اليتيم من جزيرة سعود، يتشكل منحىً مثيرًا للاهتمام في قصتهم المشتركة وسباقهم مع الحظ.

▪︎تتعمق الرواية في تفاصيل حياة هؤلاء الشخصيات المثيرة، وتسلط الضوء على رحلاتهم المليئة بالتحولات والمفاجآت.

"سليم حقي"، هذا الضابط الشجاع الذي قرر مواجهة العنف الذي تعرض له الشباب المصري خلال مظاهرات لتأييد سعد باشا زغلول على يد الاستعمار الإنجليزي، والعدل والحق لم يعدا مفهومين قائمين في هذا العصر الصعب، فتم تسريحه من خدمته بسبب ذلك، وفقد كل شيء، هيبته ومصدر رزقه الوحيد.. بذل جهده لجمع المال لعلاج زوجته العزيزة، عايدة، واضطر إلى بيع* معظم أثاث منزله لتأمين التكاليف العلاجية، استدان وراهن في معركة الديوك، وواجه الحياة بكل كبرياء، رافضًا الاستسلام من أجل زوجته عايدة التي تحارب الموت بدورها، وهو يبحث في كل زاوية عن طريق لاستعادة هيبته وكرامته المنهوبتين أمام زوجته وأمام ذاته.

"مرعي المصري"، سمسار سباقات الخيل، يتراوح بين أن يكون شخصًا جيدًا وأن يكون نصّابًا يلتفت لكل من يصادفه، بما في ذلك سيدته الإنجليزية "ميستي خشاب"، لكي يحقق بعض الربح السريع، ينهش نفسه في الحياة، متحديًا إياها بكل وقاحة. يمارس طموحه وجشعه على الجميع، حتى ينسى زينب وندمه، ويعاقب نفسه على ما سببه لها.

"فوزان الطحاوي"، الطفل اليتيم من جزيرة سعود -جزيرة الخيول- يعمل كعبد لدى عمه الذي سرق ثروة والده وقتله للحصول على خيوله الأصيلة وزوجته. عاش هو ووالدته حياة العبيد، ولا سيما بعد رفض والدته للزواج من عمه، كان يُهلك بِمِهَامٍ شاقة وصعبة في الحياة، حيث كان يضطر إلى العمل بجد لإرضاء عمه القاسي، يحلم فوزان بالحرية والعدالة، ويتمسك بالأمل بالرغْم من كل المحن التي يواجهها مع أمه، أوكل له مهمة توصيل "شمعة" الفرس العربي الأصيل صديقته الوفية، إلى القاهرة -هيليوبلس- بعدما تم شراؤها من قبل سليم ومرعي للمشاركة بها في سباق الخيول، ولكن هذا الطفل يدرك أن العالم خارج جزيرة سعود أكبر وأخطر مما تخيل وأكبر من أحلامه التي حلمها، ويتعرف بعايدة زوجة سليم المرأة الحنونة كحنان أمه التي يفتقدها. المرأة "المزيونة، كيف هلال اتناشر ليلة".

"السيدة الإنجليزية ميتسي خشاب"، السيدة البائسة التي تتسول الحب والسعادة.

كانت تعمل غسّالة ملابس تسعى جاهدة لعلاج ابنها الوحيد، وكانت تراهن على سباقات الخيول بهدف الفوز وعلاج ديفيز الذي بدوره كان مولعاً بالخيول. ولكنه توفي وأخذ سعادتها معه، بعد زواجها من البيه وانتقالها إلى القاهرة، قررت استثمار كل طاقتها وبعض من أموال زوجها المَيْت في سباقات الخيول والرهان عليها، على أمل أن يعيد الله لها ابنها بعد أن تفوز بالسباق مرة في حياتها.

▪︎تنساب الحياة بأوتارها المتشابكة في حكاية هذه الشخصيات الأربعة، تلتقي مصائرهم وأحلامهم في مشاهد درامية نتراوح بين الظلم والعدالة، الحب والبحث عن الكرامة المفقودة، يتم تصويرهم بأسلوب يشد انتباه القارئ ويجذبه لمتابعة تطورات القصة ومصائر الشخصيات.

ببراعة فنية وروعة سرديّة، يرسم الكاتب هذه الشخصيات بقلمه المميز، ويمنحها عمقًا وتعقيدًا يجعلها تتنفس بحياة خاصة بها، ويتطور معها الحبكة الروائية، يظهر الكاتب تحولاتهم النفسية والعاطفية ببراعة، بواسطة سرد تفاصيل وتفاعلات معقدة تجعل الشخصيات تتحول وتتغير أمام أعين القارئ.

يتم التركيز بشكل خاص على الجوانب النفسية والاجتماعية للشخصيات، ما يسمح للقارئ بالتعاطف والاستمتاع بتطوراتها وتحولاتها، يقدم الكاتب ببراعة رؤية معمقة للمشاكل السياسية والاجتماعية التي تعترض الشخصيات، مما يفتح الباب للتأمل والنقاش حول تلك المشكلات بشكل واقعي ويجعلها جزءًا لا يتجزأ من السرد.

تمكن الكاتب من رسم لوحة دقيقة للتحولات والصراعات الداخلية التي يخوضها شخوص العمل، مما يضفي على الرواية عمقًا إضافيًا، فهي تتحول إلى دراسة عميقة للعلاقات الاجتماعية والاقتصادية في حقبة العشرينيات في مصر، كاشفةً عن أسرار حياة الناس العاديين والطبقة الغنية وعنصريتها على الطبقة الفقيرة والتحديات التي يواجهانها.

بفضل استخدامه للوصف الشامل وتفاصيل الحياة اليومية، ينقل الكاتب للقارئ عالمًا مليئًا بالتفاصيل الواقعية والصور البديعة، مما يجعل الرواية لوحة فنية مميزة، تأسر القلب وتسكن العقل.

▪︎تمُر الرواية بنا عبر الأبواب الزمنية إلى زمن بعيد، حيث يتحول القارئ إلى شاهد حي على الأحداث البارزة التي تصور مشاهد سباق الخيل بكل روعته وأسراره الخفية، بما يثير الدهشة، ويمتع العقل بكل المعلومات المضافة للرواية عن سباق الخيول وأصول تلك اللعبة الخفية والباطنة.

نكتشف في أسلوب الكاتب البليغ قدرته على نقل الرسائل الفلسفية والتأملات العميقة حول الحب والأنانية والسلطة، مع إبراز قدرته الاستثنائية على تشكيل الشخصيات وتطورها، وما ينجب عن ذلك من رسائل قوية تترك أثرًا عميقًا في نفس القارئ.

استخدم الكاتب تقنية السرد بأسلوبٍ فريد في هذه الرواية، فنجح في تقديم الزمن الروائي بمهارة فائقة، حيث تمكن من استحضار الواقعية بموهبته في تصوير لهجة الناس ووصف الشوارع والأحياء بمنتهى الدقة وتصوير حياة البدو، وباستخدام اللغة العربية الجميلة والبليغة، أعاد الأحداث والمشاهد إلى الحياة بطريقة تتيح للقارئ أن يعيش في عالم العشرينيات في مصر، ومن خلال استخدامه للهجة المصرية والحوارات المليئة بالعاطفة، أضفى طابعًا واقعيًا وحيوية فائقة على الشخصيات، ونجح في تمييز كل شخصية، استخدم المصطلحات واللهجة الفريدة لكلٍ منها، ومن خلال هذه الحوارات المشحونة بالعواطف والتعبيرات الشعبية القديمة آنذاك، قدم الكاتب تفاصيل حياة الشخصيات بحرفية كبيرة وبدون مبالغة وتطورها على مر الأحداث، مما أضاف للرواية جمالية لغوية لا مثيل لها، ويوفر للقارئ تجربة غنية وممتعة.

▪︎ الرواية تتميز بحبكة متقنة وترابط قوي بين الأحداث، تتداخل الحيوات المختلفة للحبكة بشكل متقن، حيث يتم تقديم الشخصيات الرئيسية وتطويرها بشكل تدريجي. تتقاطع حيوات هذه الشخصيات وتتشابك في سياق الأحداث، ما يخلق توترًا وصراعات داخلية وخارجية.

يتم استخدام الأحداث السياسية والاجتماعية كخلفية لتلك الصراعات، حيث تظهر تلك الأحداث تأثيرها على حياة الشخصيات وتعزز تعقيد الحبكة.

الحبكة المتقنة والترابط القوي في الرواية يجذبان القارئ ويحفزانه على الاستمرار في القراءة دائمًا.

تسير الأحداث بشكل تسلسلي، مما يضفي على الحبكة طابعًا واقعيًا ومثيراً، تتعاقب الأحداث والتطورات بسلاسة، وتندمج القصص والشخصيات الفرعية مع الخط الرئيسي للقصة، يتم تقديم تفاصيل دقيقة درامية في كل مرحلة، مما يحافظ على اهتمام القارئ ويجعله على أطرافه.

ترابط الأحداث يبني توترًا تصاعديًا، حيث يتفاعل الشخصيات مع بعضها البعض ومع الظروف المحيطة بها بشكل واقعي ومنطقي بما يتناسب مع أوضاعهم.

يتم تسليط الضوء على العلاقات الشخصية المعقدة والتناقضات النفسية، مما عزز قصة الرواية وساهم في تعميق الشخصيات.

▪︎إن غلاف الرواية يتميز بتصميم مذهل يلتقط الأنظار ويستحضر القارئ إلى عالم الرواية ويرمز إلى الشخصيات الرئيسية وإلى محتوى الرواية، يتضمن الغلاف الصورة التي تم التقاطها ووجدها غالب في أول صفحات الرواية، وسليم الضابط الذي تم ترحيله من الخدمة، فلكل قارئ رؤية الغلاف بمنظوره الخاص وبما يراه مناسبًا لما قرأه.

#بسمة_الجمل

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق