الفسيفسائي > مراجعات رواية الفسيفسائي > مراجعة Mohamed Khaled Sharif

الفسيفسائي - عيسى ناصري
تحميل الكتاب

الفسيفسائي

تأليف (تأليف) 4.1
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

"لم أنجح في شيء يستحق الذكر في حياتي. تهجرني الأشياء الجميلة في الرمق الأخير بعد رحلة متعبة لامتلاكها. تتركني معلقاً وأنا في أوج الحاجة إليها."

رواية "الفسيفسائي" للكاتب المغربي "عيسى ناصري" لها من اسمها نصيب، فهي بمثابة تجميع لحبات فسيفساء مصنوعة من حكايات وشخصيات ونبش في التاريخ المنسي لتخرج لنا في شكل لوحة فسيفسائية كبيرة رائعة الجمال تُذهل البصر، وتسلب العقل، وفكرة كتلك تحتاج إلى كاتب مُتمكن من أدواته، يعرف كيف يُصقل الحكايات ويرسم الشخصيات ويُحفف ويُشذب ويقص ويلصق، لكي لا تشعر بأي شذوذ في اللوحة الكاملة، ولا بوجود قطعة في غير محلها، وذلك ما جعل للرواية ثقل بجانب الحكايات المُثيرة للاهتمام والممتعة، من ماض وماض بعيد وماض قريب وحاضر، ولن تخطأ عينك التشابهات والإحالات والرمزيات في كل زمن، وكأن التاريخ يُعيد نفسه ولا يكف عن ذلك، نحتاج أحياناً للنظر إلى الماضي لنفهم الحاضر والمستقبل.

الرواية مُكونة من ثلاث روايات/ لوحات/ مخطوطات؛ ليالي وليلي، والفتى الموري، وباخوس في العيادة، سيوهمك الكاتب بأن لكل مخطوطة كاتبها المستقل، ويتلاعب بك، ويجعلك تُصدق أن الشخصيات التي رسمها من كلمات وحروف حقيقية، وقد قامت بكتابة كل مخطوطة فعلاً، وهو يرصف لوحته الفسيفسائية، بدقة وببطء، وذلك البطء ستلمسه بشكل أكبر في بداية الرواية، لمعرفة طبيعة الشخصيات وطبيعة الأحداث والفترة الزمنية لكل رواية، وبعد ذلك، بمجرد أن تتشكل الحكايات في ذهنك، ويبدأ الربط بينهم، لن تتوقف عن القراءة، ستُصبح الرواية بوليسية تشويقية، ولا تُخل بمنطقها ولا بعمقها ولا بالربط بما ذُكر والاهتمام بربطها بتاريخ الشخصيات، لن أذكر بالطبع الشخصيات، تجنباً للحرق، وإفساد متعة إكتشافهم، والبحث عن شخصية الرواية الأساسية، التي كانت موجودة في كل الأحداث أو في خلفيتها على الأقل، ولكنك كنت تنظر إلى شخصية أخرى تعتقد أنها الأساسية ومحور حكاياتنا، وذلك ما أضاف البعد التشويقي للرواية، وأصبحت تنتهج رواية جريمة بشكل مُتقن، ولا تُخل بالإلتواءات والمفاجآت المصاحبة لأي رواية جريمة وإثارة.

ختاماً..

هذه رواية ممتعة، تمزج التاريخ بالتشويق بالإثارة، تجعلك تكتشف عالم الكتاب وعملية الكتابة المُعقدة وكيف يُمكن أن يتصرف كاتب سُجن في حبسة الكتابة، وربطها بالضعف الإنساني، وشهواته العديدة التي قد تمتزج بالشرور، واحدة من أجمل ما قرأت في هذا العام، أدب عربي نُحب أن نقرأ مثله، وكاتب نتمنى أن نقرأ له مرات كثيرة وسيفاجئك أن هذه روايته الأولى! أعتقد أن الرواية سيكون لها شأن هائل وملحوظ في الجوائز العربية، وتستحق ذلك تماماً.

بكل تأكيد يُنصح بها.

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
اضف تعليق