◾اسم الرواية : دموع الآلهة

◾اسم الكاتب : يحيى عبد القادر

◾نوع الرواية : فنتازيا أسطورية

◾اصدار عن دار ابهار للنشر والتوزيع

◾عدد الصفحات : ٤٣٣ صفحة على أبجد

◾التقييم : ٥/٣,٥

ماذا يحدث لو سيطرت الخطايا على العالم وباتت المتحكمة في سريان أموره ومصير أفراده؟! ماذا لو تمكَّن الشيطان من الملوك وأصبحوا دمية خيوطها في يده وحده ؟! هل من خلاص في هذه الحالة أم أن الأرض في طريقها إلى الهلاك؟!

عاشت الأرض في عهدها الأول في جروب متتالية لم يسلم منها أحد ، سيطرت الوحشية على الجميع وامتدت الأفعال الدموية حتى طالت الآلهة، جرائم عدوانية كثيرة عجَّلت بفناء الأرض وانتهاء عهدها الأول... ليقرر مجلس الآلهة الأعلى والمتكون من سبعة آلهة لن يقلِّوا ولن يزيدوا، هما سبعة آلهة فقط.. كل إله منهم يمثِّل فضيلة من الفضائل، وجب عليه غرسها في البشر، وكما حكم الأرض سبعة آلهة، فقد قُسِّمت الأرض لسبعة ممالك، كل مملكة لها ملك قوي امتاز بصفة لا تميزه عن غيره وقد كانت عوناً له في حكم مملكته، ولكن المكسب يجب أن تقابله خسارة، فكل ملك من الملوك فقد مقابل ميزته شيئاً، هذه هي العدالة الإلهية، وقد نصَّ مجلس الآلهة على نشر الفضائل بين البشر والعيش في امان وسلام بداية عهد جديد بنفوس فاضلة جديدة، مع تأكيد عدم نزول الآلهة للأرض من جديد، فقد أدُّوا ادوارهم بإتقان وعاشت الممالك السبعة في هدوء ونعم البشر بالاستقرار والسلام وراحت الحياة تدب في الأرض من جديد، ولكن ليس كل ما يتمناه الإله يدركه، وان كانت الفضائل قد نُشِرت بين الناس، فالشيطان مازال موجود إلى يوم يُبعثون، نصَّب نفسه حامياً على الرذيلة ومكافحة الخير وكانت النتيجة مؤسفة أنزلت دموع الآلهة وأثارت حزنها.

بدأت الاحقاد تسيطر على النفوس وانتشر الكُفر ليواجه الإيمان، وشاعت الرذائل بين البشر بعدما نحَّت الفضائل جانباً، وراحت الخطايا تتوغل بين البشر حتى وصلت إلى ملوك الممالك السبع وهم (برايد، سلوث، إنفي، لاست، جريد، راث، جلاتوني)، وراح كل ملك يتطلع لأكثر مما يملك، ويطمح بالسيطرة على ثروات الممالك الأخرى، وراح الخبث يتسلل للنفوس، ولم يهتم أي ملك بعهده مع الآلهة ولا بمسئوليته تجاه شعبه، فأصبحت المطامع شخصية، فلا أحد بات يهتم بشعبه ولا حتى بأهله وذريته، أصبح الجميع يقول (انا ومن بعدي الطوفان).. وانقسم الملوك لمجموعة الغُزاة الحلفاء وهم أربعة ملوك، ومجموعة المقاومة الصامدين وهم ثلاثة ملوك، وكل مجموعة بات الخبث والخيانة عنوانها وأصبح الجميع يشُّك حتى في نفسه.

فهل ستصمد الأرض امام هذا الحدث العظيم والحرب الوشيكة بين قوى الشر التي سيطرت على الملوك؟! وماذا عن الآلهة السبعة؟! هل هناك أمل لنزولهم الأرض من جديد ووقف الحرب الوشيكة؟! أم أن الشيطان (لوسيفر) سينتصر في حربه الكبري ضد الآلهة هذه المرة؟!

◾رأيي في الرواية :

أهوى هذه الروايات التي تميل إلى القصص الاسطورية وكأنها خارجة من مخطوطة اغريقية قديمة، صحيح انها أساطير مهما طالت او قصرت ولكنها تحمل العبرة والعظة للبشر جميعا.. وهذا هو الحال في هذه الرواية...حيث بدأت الرواية بداية قوية وموفقة حيث الغموض والتشويق الذي سيطر على الأحداث من البداية وحتى النهاية مما أشار إلى عمل مختلف، وبرغم الطابع الاسطوري والفنتازي الذي سيطر على الأحداث إلا أن الكاتب بدأ بابراز مغزاه من الرواية تدريجياً.

الكاتب واح يؤكد ان الشر والخير موجودان جنباً الي جنب منذ نشأت الأرض، فكل انسان يحمل بداخله قوى الخير وقوى الشر على حد السواء ووحده هو المتحكم في تحديد أي الطريقين يسلك، الصراع الدائم على العرش والسلطة موجود في كل زمان وكل مكان، الطمع والشهوة والخطيئة كلها نِقم ان سقطت على رأس الإنسان فهو هالك لا محالة، الإنسان الذي يصبح عبداً لشهواته يسيطر الطمع على قلبه فتذِّل قدمه في الخطيئة لا محالة.... كما أوضح الكاتب انه لا أحد يستطيع أن يأخذ كل شيء وان أي فوز يقابله خسارة، هذه هي سُنَّة الحياة وأساس الوجود... وقد أشار الكاتب لما يمكن أن يلقاه الإنسان ان نقد عهده مع الإله وكسر ميثاقه الذي قطعه، فأي شخص بعيد عن طريق الله هو خاسر لا محالة؛ ليؤكد الكاتب في النهاية ان الشيطان هو عدو الإنسان الأول، وكل غايته هي السيطرة على البشر واخضاعهم له، فهو يملك من الخبث والدهاء ما يجعله يهدم ممالك عظيمة ان مكَّن الطمع من قلوب أهلها.

واخيرا أنا أرى في الرواية بعض الإسقاطات السياسية خاصة لما يعيشه العالم في الوقت الحالي، فكرة تحالف قوى الشر للسيطرة على أراضي الغير، والتطلع للاستيلاء على أراضِ الغير والتمكُّن منها تحت ستار الفضيلة، هذا هن نا يحدث في العالم من حركات استعمارية على مر العصور وآخرها ما يحدث حاليا في الوطن العربي..

رواية رائعة وممتعة انهيتها على أربع جلسات أنصح بقراءتها.

◾النهاية :

جاءت النهاية صادمة ومفاجئة بما يتناسب مع الأحداث وعنصر الغموض الذي فرضه الكاتب من البداية، نهاية قوية يصعب توقعها او التكهُّن بما تحويه، وهي نهاية منصفة على كل حالٍ ومؤكدة ان الخير والشر سيظلا جنباً إلى جنب حتى فناء الأرض.

◾الغلاف :

غلاف بسيط يرتبط بعنوان الرواية ومحتواها، وله مدلولات عديدة داخل الرواية، حتى ان الرسومات داخل الرواية تتشابه معه، ولكنه يعطي ظن وهمي بأن الرواية تتبع أدب الرعب.

◾الحبكة :

حبكة جيدة جداً مترابطة التفاصيل ومسلسلة الأحداث.

◾اللغة :

اعتمد الكاتب اللغة العربية الفصحى سرداً وحواراً، وقد غلب السرد على الحوار طوال أحداث الرواية؛ حيث يمكن اعتبارها رواية سردية من الدرجة الأولى.. وقد جاء السرد موفق في معظم الفصول، ويحتاج لبعض الاستفاضة في فصول أخرى خاصة في الفصول الأخيرة، فقد كان السرد يتطلب نظرة عامة على الأحداث لسهولة تصورها... أما الحوار فبرغم قلته على طول الأحداث إلا أنه جاء حوار حيّ ومتناسب مع الأحداث والحالة العامة للشخصيات.

في المجمل لغة الكاتب جاءت قوية ومناسبة حيث اتسمت بسهولة في عباراتها وألفاظها وتنوعها، علاوة على الصور البيانية التي لجأ لها الكاتب في بعض الأحيان، وهي تتطلب التركيز الدقيق لمواصلة الأحداث دون اغفال شيء، ما يُعاب عليها هي بعض الأخطاء الإملائية والتي يسهل رصدها.

◾الأسلوب :

جاء أسلوب الكاتب في البداية قوياً ومحكماً قادراً على اقحام القاريء في الأحداث، إذ يميل الكاتب إلى ربط السبب بالنتيجة والتنقُّل بين الأحداث لاحكام السيطرة عليها وربطها ببعضها، ولكن الأسلوب مع التقدُّم في الأحداث كان يتطلب بعض السلاسة والمرونة في تقديمها خاصة مع كثرة الشخصيات وغرابة اسمائها، وتنوع الأماكن التي تقوم بها الأحداث علاوة على كثرة المعارك على طول الأحداث وما تطلبه من توضيح دقيق.

◾الشخصيات :

تعددت شخصيات الرواية وكثرت منذ بداية الأحداث، وبرغم نجاح الكاتب في تقديم كل شخصية من خلال الأحداث، إلا أن الأسماء الغريبة للشخصيات مع غرابة أسماء الأماكن اصابتني بالتشتُّت كثيراً ولم أستطع التخلُّص من ربكتها حتى الفصول الأخيرة، كنت اتمنى لو اضاف الكاتب ملحقاً للرواية به تعريف للشخصيات والأماكن ومدلولاتها، خاصة وان الشخصيات الثانوية استمرت في الظهور حتى الفصول الأخيرة، ففكرة المُلحق كانت ستزول هذا التشتيت الذي قد يصيب القاريء، وبرغم ذلك فإن تقديم الشخصيات سواء كانت رئيسية او ثانوية كان رائعاً، ورسم الخطوط العريضة لكل شخصية مع ربطها بالشخصيات الأخرى كان موفقاً

◾اقتباسات من الرواية :

📌"لا يمكن لبشريٍ إمساك الدموع بيده حتى إن كان مالكها."

📌"إن أخذ الأعداء وطننا لن يُبقوا على جحورنا، سيأتوا بأهلهم لأخذ منازلنا."

📌"قال والدي من قبل أن الرجل قادرٌ على قتل امرأة، أمَّا المرأة قادرةٌ على جعل الرجل يقتل نفسه بعد قتله لعرشة من إخوته."

📌"لكن الفضيلة الزائفة أخفت الرغبة داخل النفوس، فأصبح النقاش في مسلك الطامعين."

📌" لكن على المحارب أن يحذر، فالسيف غادِر، يبطش بأقرب جسدٍ منه."

📌"نحن هالكون لا محالة، لكن الوطن سيظل شامخًا لخلفِنا."

📌"الوطن ليس مجرد جدران، بل هو النسل الذي سيمتد داخل الوطن وخارجه حتى يقضي على عدوه."

#دموع_الآلهة #يحيى_عبد_القادر

#دار_إبهار_للنشر_والتوزيع

#مراجعات_هدير #قراءات_2023 #تجربتي_مع_ابجد