"وروت امرأة بدينة كيف نسف اليهود في يافا داراً للأيتام وكيف تناثرت جثث الأطفال على فوهة شارع اسكندر عوض ممزوجة بحبات البرتقال المفزورة، فقد وضع اللغم في سارة شحن مملوءة بالبرتقال أمام درج الميتم" - القميص المسروق للشهيد غسان كنفاني 🇵🇸
كل من قرأ "رجال في الشمس" و"عائد إلى حيفا" يعلم حجم القامة الأدبية التي يمثلها كنفاني كحامل أيقونات للهوية وللقضية الفلسطينية التي ملأ بها الأرض قصصاً وروايات، فأصبح صوتاً صارخاً في البرية إزاء التخاذل العربي ونعاس الضمير العالمي. والصوت صار سيفاً يقطع الشك باليقين وينتصر للمظلوم، ومازال، حتى بعد أن قامت الموساد باغتيال كنفاني في جريمة هي عين الجُبن والنذالة التي تميز ذاك الكيان.
وفي هذه المجموعة القصصية، يورد كنفاني مشاهداً للقهر وللمقاومة كما كانت وكما يمكن لها أن تكون: الفلسطيني هنا، رغم عزلته، مؤمن تماماً بعدالة مسعاه، مدرك تماماً لوحدته ولتخلي الجميع عنه، موقن بحتمية العودة ذات يوم، فكأنما القصص في هذه المجموعة هي استشراف للمساق الوحيد الذي يرتضيه كل ذو عقل وضمير لحسم الصراع.
عادة ما يطغى الواقع في قصص كنفاني على بلاغة السرد، إذ أن للحكايات "دوي" هائل لا تمتلك أمامه الحواس سوى الإذعان، مُنَحية الذائقة الأدبية في حضرة المأساة التي لا تحتاج سوى ذاتها. ما زلت عند رأيي: أدب المقاومة سيكون أطول عمراً من دولة الاحتلال.
#Camel_bookreviews