فئران أمي حصة > مراجعات رواية فئران أمي حصة > مراجعة Mohammed Makram

فئران أمي حصة - سعود السنعوسي
أبلغوني عند توفره

فئران أمي حصة

تأليف (تأليف) 4.2
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

عندما كنا نمر من الدائري الخامس للعمل كل يوم صباحا كانت تستوقفني أسماء الأحياء و المدن الكويتية من الفحاحيل إلى الفنطاس و الزور و المهبولة و الفروانية و جليب الشيوخ و الجهراء و خيطان و كلها أسماء كانت غريبة جدا بالنسبة لشخص يخرج لأول مرة من مصر. و في أحد الأيام تطرق الحديث للمطرب نبيل شعيل الذي قال لي صديقي أنه في جنوب السرة فنظرت له شذرا و قلت: يا أخي عيب اللي انت بتقوله ده. فضحك و قال: لا و الله ده المنطقة اللي ساكن فيها اسمها كده.

لأني ذهبت إلى الكويت لأول مره في الشتاء فقد كانت التجربة أحلى و أغنى. حيث أبراج الكويت الشهيرة و سوق المباركية و المولات التي كانت ما تزال تجربة جديدة و شاطئ المسيلة الهاديء وقتها طبعا و حي السالمية حيث المطاعم اللبنانية و التسوق الغير محدود.

أعادتني الرواية لأجواء الكويت التي زرتها عدة مرات لفترات قصيرة و أحببتها من أول نظرة و لي فيها أصدقاء كُثر. و لكنها أعادت أيضا اللحظات التي أردت أن أسقطها من الذاكرة حيث الأرتال العسكرية الأمريكية الذاهبة إلى العراق أو العائدة منه و التي كانت تجاورنا جنبا إلى جنب على الطرقات السريعة بشكل شبه يومي و كانت متعتنا الوحيدة في رؤية إحدى هذه العربات مدمرة و محمولة على عربة أخرى أو عربات عليها آثار تدمير لم ينجح الأمريكيين في إخفاءه.

الرواية سوداوية جدا لدرجة مخيفة و ما يدعو للعجب أنه جعل أحداثها تدور في العام 2020 أي بعد صدورها بخمسة أعوام و بعد عام واحد من الأن. الكويت في الرواية كانت مدمرة تماما بفعل حرب أهلية طائفية اندلعت فيها فأسقطت الدولة و جعلتها مرتعا للمتطرفين من كل شكل و لون و تعج بالقوات الدولية و درع الجزيرة أو ما تبقى منها حسب قول الكاتب. و تشبه هذه الأجواء كثيرا رواية ‫باب الخروج ‬ التي صدرت قبلها بثلاثة أعوام و دارت أحداثها أيضا في العام 2020.

عن الخلاف بين فريقين لم يتفق كلاهما يوما على رؤية هلال رمضان و بدء الصيام في يوم واحد. كلاهما لم يهنيء الأخر أول يوم عيد. لأن لكلاهما يوم عيد أول لا يوافق يوم الآخر. كلاهما لم يتفق على موعد صلاة. على نسبة زكاة.

يروي الأحداث بطريقة الفلاش باك عن الثلاثين سنة السابقة و التي تسبق اليوم الذي تدور فيه أحداث الر��اية فيتذكر ما قبل الغزو العراقي ثم أفضل فصول الرواية عن فترة الغزو حين ساند البعض الكويت و خزلها البعض الأخر فصار مواطنوا تلك الدول يصنفون حسب موقف قيادتهم السياسة االتي لم تشاورهم أبدا و لم تأخذ رأيهم مرة.

هكذا كانت الوجوه و الأصوات تستدعي نفسها مع كل دولة يشار إليها في خبر. تينا. الأستاذ دسوقي و جابر المصري. شاكر البهري و علامين البنجابي. الحلاق الباكستاني مشتاق. عدنان السوري و الأستاذ مرهف. زميل الفصل عبدالفضيل السوداني و آخرون. كنت من دون قصد تقولبهم. تعلبهم. تضعهم في مواقف مختلفة وفقا لمواقف أنظمتهم.

السنعوسي توفيقي إلى أبعد حد. عازفا أحيانا عن ذكر العيوب معددا المزايا لا لشيء إلا ليبعد الشر تماما كمجالس الحكماء و خطباء الوحدة الوطنية المنتقدين من قِبَله في الرواية. فبائع الأيس كريم الفلسطيني لم يش بعباس بل ساعدهم على معرفة مكانه و الجواهرجي العراقي ساعدهم بالمال و أعاد بضاعتهم إليهم دون أن يدروا و هذا بالطبع لا غبار عليه و لكنه بدا و كأنه ينفي التهم الغير منطقية أصلا بمواقف تلفيقية ساذجة ما كانت تصلح كأمثلة في دستوبيا أعدها أصلا للبالغين لا للناشئة.

أنتم لا تبكون موتاكم. أنتم تبكونكم بعدهم. تبكون ما أخذوه برحيلهم. يخلفونكم بلا جدار تتكئون عليه.

قصة الفئران الأربعة التي لم تحكيها الأم حصة لأحد قط يحكيها الراوي هنا ليسجل تاريخ ثلاثين عاما من العنصرية و الطائفية. الفأر شرر و معظم النار من مستصغر الشرر و الفأر لظى و هو من أسماء نار جهنم التي يود المجرم لو يفتدي منها بأخيه و صاحبته و بنيه و من في الأرض جميعا ثم يغنيه و لكنها لظى نزاعة للشوى. أما الفأر الثالث فهو جمر و هو ما بعد الشرر التي توقد النار و اللظي الذي يحرق الجلود فيأتي الجمر الذي ينضج اللحم و يتقلب عليه في أسياخه المحمية فوق الجمر الملتهب المصفى الذي يظل ينضج دون أن يشعل أو يحرق أو يبقى أثرا إلا من رماد و هو الفأر الرابع و هو أيضا إرث النار فالنار لا تورث إلا الرماد كما قالت الأم حصة و كما نقول نحن: تبات نار تصبح رماد.

ذاكرته سيئة من يتذكر كل شيء. و أنا ملعون بذاكرتي. لو أنني نسيت مثل البقية.

أجمل ما في الرواية أن السنعوسي أعطى الرواية بعضا من نفسه فصارت ملئي بذكريات الطفولة التي جائت تلقائية بسذاجتها و أسئلتها و حيرتها و بهجتها فأضفت على الرواية جوا من الذكريات الجميلة سيما تعليقات أمه حصة التي كانت دائما في الصميم.

العنوان الغريب نفرني من الرواية فترة طويلة كما حدث لكثير من أصدقائي و لكن التقييم المرتفع طوال السنوات الماضية شجعني على القراءة و كانت قراءة مثمرة أيضا

ثم تنتهي الرواية فجأة و نحن لم نعرف ماذا جرى لتحدث كل تلك الفوضى

كيف تعامل عيال فؤاده مع احداث ما بعد تفجير الافينيو

من غير المعقول ان نقرأ في بداية الرواية عن حرب اهلية في الكويت و انقسام خليجي و قوات دولية و نصل للنهاية دون ان ندري شيئا عما حدث

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق