"ويشرعون في إخلاء بورسعيد…
فمع قسوة الغارات والأذى الذي لحق بالناس أخلَوا المدينة أسوة بما حدث في الإسماعيلية والسويس، ومكثنا قرابة الشهر وباصات ضخمة تقف عند المفارق والميادين، وكل باص معلق على واجهته وفي الأجناب لافتة مدون بها الوِجهة المتجه إليها: رأس البر، بلبيس، فارسكور، طنطا، المنصورة، وبلاد أخرى…
(…) فرغت بورسعيد كما تفرغ قارورة العطر من محتواها الذي يعطيها القيمة." - بورسعيد ٦٨ لكمال رحيم 🇪🇬
على الرغم من كوزموبوليتانيته
هنا، تضطلع المدينة ذاتها بدور البطولة، إذ تصنع قصص أبطال الرواية جغرافيا إنسانية بمثابة خريطة وصفية لبورسعيد، حيث النادل اليوناني الذي يغضب حين نعته بالخواجة، ومالك مقهى الجيانولا الإيطالي الذي يتمسك بجماليات عصر مضى، والشاب الفرنسي المستعد للدفاع عن مصر بحياته، وغيرهم من المصريين والوافدين الذين صاروا نسيجاً حياً لمدينة تتسع للجميع.
ينقل رحيّم تابلوهات حيّة لمشاهد يصعب نسيانها، بعضها يتجلى فيه الفداء وتتجسد البطولة، وبعضها الآخر صادم ومؤلم، فها نحن نشاهد العدو الخسيس يقصف بلادنا ويُسقط مفرقعات في هيئة لعب أطفال مستهدفاً زهور الوطن، كما نشهد نوبات الهيستيريا التي تصيب البعض فيشتبه في الغير كجاسوس أو عميل أو يصيبه مس من الجنون جراء الخوف.
رواية هامة وتضم عدداً من التحولات الغير متوقعة، خصوصاً في نهايتها. أرشحها بقوة للمهتمين بتاريخ تلك الحقبة أو بتاريخ مصر الحديث عموماً.
#Camel_bookreviews