الحلواني : ثلاثية الفاطميين (الصقلي، الأرمني، الكردي) > مراجعات رواية الحلواني : ثلاثية الفاطميين (الصقلي، الأرمني، الكردي) > مراجعة olaelfouly

هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

ثلاثية الحلواني

أبدعت ريم بسيوني في مزج العشق بالحلوى، فكتبت حروف وكلمات وجمل نتذوق فيها طعم السكر، تفوح منها رائحة المسك، ونلمس فيها نعومة الحرير، ونري بهاء العروس، ونسمع صهيل الخيول، وشجاعة الفرسان منسوجة برقة في حكايات عم عبده المجنون الثلاث، ولن أقول الصقلي والأرمني والكردي، بل سندس وفرون ورشيدة، ثلاث حكايات جميلة.

يمكن أن نعتبرها على هامش التاريخ حيث يمتزج الوقائع بأساطير تزخر بالخيانة والظلم والمكائد والدسائس، فتخرج البطولة من أتون الفرقة والهزيمة، نقية قوية كالبلور المصقول تخطف الأبصار وتذهل العقول.

وقد يهتم المؤرخين بتدوين تاريخ الأبطال والحكام والإنتصارات، ولكن الحكاية لا يعنيها تسلسل الوقائع التاريخية، ولا قرارات من يجلسون في القصور، ولكنها تاريخ بشري يخص أناس عاديين مثلنا تمامًا.

تختلط فيه الحقيقة بالخيال، بالمبالغة بالفخر، بكثير من التفاصيل لحوادث صغيرة لا تهم مدوني التاريخ، ولكنها ربما تكون هي التاريخ لمن لا يعبئ بشخص من يقيم في قصور الحكم، ولكنه يهتم فقط بمن يصدق في عشق هذا البلد الطيب وأهله، وينتصر لمن عشق بلا شرط أو قيد.

ينتصر وينهزم ويخطئ ويصيب ككل البشر، ولكنه صادق راسخ يبذل حياته فداء لمن أحبها وأحبته، وهؤلاء البطلات الثلاث لا يجمعهن الزمان والمكان، ولكن يمكن أن نقول إنها حكاية الجدة والأبنة والحفيدة، يفصلهن عقود وقرون ويجمعن التفاني في العشق، والرقة في المشاعر، والصلابة في مواجهة العواصف، والثبات على عهد لم يكتب ولم ينطق به لسان، ولكن للقلوب لغة، وعهود تصان بين المحبين.

سلسلة من الحلوانية يذيبون العشق بالعسل والزيت والزعفران والسمسم، ويعجنون الدقيق بشريان الروح المتدفق مع سريان مياة النهر المقدس، ويصهرون الأحزان والهموم بنيران الفرن، فيتذوق الناس قبس من حلوى الجنة صنعتها ثلاث حوريات أهداهن الله لمن يستحق، ويصدق ويخلص النية له وحده، طاهرة نقية بلا رياء أو نفاق.

سعدت في صحبة حكايات ريم الجميلة، وتذوقت مع سطورها السكر والعسل، عطرت أنفاسي بعبق التاريخ، وتعلقت بشخصيات حية أحببتها وعشت معها أيام جميلة، أسمع منهم ويدهشني تصرفاتهم وذكائهم، وكتمت أنفاسي مع خوفهم، وحزنت لهزائمهم، وفرحت لإنتصارتهم، وعجبت لعنادهم.

وأعجبني تتابع أحداث تفصلها عقود كثيرة، ولكنها رغم إختلاف الوقائع والأسماء والأحداث والأماكن والأزمان هي حلقات، تسلم بعضها بعض كالسلسلة الذهبية المجدولة ببراعة، تخطف الأبطار، وتعشقها الأروح التى تستشعر فيها بعض منها، لا شيء منفصل لا تعرفه.

فعلى الرغم من عمق التاريخ الذي تغوص فيه الحكاية ولكنها تروي لنا صراع المفسد والمصلح، صراع يعبر كل حدود ولكنه موجود طوال الوقت في نفس كل إنسان وحوله من قديم الأزل وحتى يرث الله الأرض ومن عليها.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق