وحيدة > مراجعات رواية وحيدة > مراجعة إبراهيم عادل

وحيدة - زينب قتشار, سوسنة سيد
تحميل الكتاب

وحيدة

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

مصادفة سعيدة قادتني إلى رواية زينب قتشار "وحيدة"ـ دون سابق معرفة بالكاتبة ولا المترجمة، ربما هي الثقة في دار النشر "العربي" التي تقدم كل عام عددًا من الأسماء الهامة في عالم الأدب والترجمات، ما إن بدأت السطور الأولى من الرواية حتى وجدتني أتحد معها كليًا، وأقرر أن أواصل قراءتها، فهذا النوع من الكتابة أحبه، رواية مبنية على جريمة في الأصل، ولكنها تنطلق فورًا إلى التعريف بالدوافع الاجتماعية والنفسية التي دفعت بطلة الرواية لهذه الجريمة، ومنها تكشف مسكوتًا عنه في المجتمع التركي يتشابه كثيرًا مع ما يعانية المشرق العربي، وما تعانية المرأة بشكل خاص في تلك المجتمعات بشكل كبير.

لم تختر زينب قشتار أن تكون بطلتها نسيج وحدها، وأن تعرض مأساة فتاة وامرأة تنتقل من عالم الأحلام لسجن الواقع وكابوس الحياة مع زوجٍ قاسٍ، ولكن كانت "فاراي" نموذجًا مختارًا بعناية لعدد من البنات والفتيات اللائي تم قمعهن وإجهاض أحلامهن بدعاوى اتباع أوامر الدين ورجاله سلطته، ولعل هذا ما منح الرواية بعدًا اجتماعيًا شديد الأثر والتعقيد، وعلى الرغم من بداية الرواية بجريمة قتل، إلا أننا سرعان ما ننصرف إلى حكاية بطلة الرواية "فاراي" والنساء من حولها، وكيف انتهى مصيرهم إلى هذه اللحظة المؤلمة شديدة السوداوية!

نتعرف في الرواية على بطلتها الرئيسية فاراي التي تدور الرواية على لسانها، كيف بدأت حياتها بأحلام وطموحات أن تكون مغنية شهيرة، وكيف تحولت حياتها فجأة مع زوجها "ولي" لكي تكون مجرد ربة منزل ترعى شؤون زوجها الذي يتحوّل من طبيب إلى "شيخ" يقدم رقى للمرضى والمحتاجين، ويمنع زوجته من العمل ومن الخروج من منزلها بل ومن رؤية الناس!

تبرع الكاتبة في وصف حالة بطلتها بشكل أساسي، وتصوير كيف تحوّلت إلى شخصية "وحيدة" بكل ما تمثله الكلمة من معاني، لدرجة أنها تشعر أن أحدًا لم يعد يراها، فهي غير مهمة وغير مرئية، ومن خلال انتقالها بالزمن من الماضي إلى لحظة الحاضر المربكة، نتعّرف شيئًا فشيئًا على التحولات التي حدثت لفاراي داخلت أسرتها البسيطة في البداية المكونة من زوجها ثم ابنتها، وكيف تحوّلت حياتهم بعد دخول الأخت "حواء" وزوجها، ثم انضمام التلميذ "اسماعيل" وزوجته "أسما"، تحكي عن نفسها فتقول:

كنتُ حيوانًا منزليًا كنتُ ثنية الستائر، أطراف السجادة، صابون الحمام، أو إبريق الشاي في المطبخ على أقصى تقدير كنتُ المفرش الدانتيل للمنضدة، طست الغسيل، وسادة كرسي الأنتريه؛ كنتُ دومًا شيئًا تمتلكه في أي غرفة أوجد، أصير قطعة زينة كنتُ شيئًا لن تُحكى قصته، ولن يُذكر اسمه، ولن يُسمع صوته بعد موتك لقد كنتُ حيوانًا منزليًا حيوانك المنزلي ملكيتك الخاصة لم يكن ليؤلمني أيٌّ مما تفعل، فلديَّ مختلف أنواع الحيلٌ مهاراتٌ عدة إن ذيلي مُزخرف، ولحمي لذيذ، وحليبي حلو المذاق، وبيضي بصفارين، كما أن ريشي طويل، وأستطيع أن أطير في الهواء، وأسبح في الماء، وأزحف على السجاد كنت أستطيع أن أزحف، كنتُ حقيرة، مُهانة، لأنه كان عليَّ أن أبقى بقيد الحياة، فالحياةُ واحدة، واحدة فقط، كان عليَّ أن أعيش، لكن ليس من أجل نفسي. آهٍ من تلك الحياة التي لم أذقها أبدًا.

استطاعت الكاتبة أن تقدم من خلال بطلتها، وجوانب من أبطال الرواية الآخرين صورة للمجتمع التركي المقسّم بين عادات وتقاليد شرقية تفرض على المرأة السمع والطاعة والالتزام بأوامر الرجل من جهة، وكيف يمكن أن تقاوم تلك المرأة في لحظة وعي وإدارك خاصة كل ما حولها، وتفرض وجودها وتتمكن من تنفيذ رغباتها، حتى بعد سنوات من القمع والظلم! كما قدمت من جهة أخرى ذلك العالم الخفي لرجال الدين وإن لم يكن بشكلٍ واضح تمامًا ولكنه يبدو من بين السطور، وكيف يقوم على الخداع والتحايل بشكل كبير، وتبرير كل المصائب والجرائم باسم الدين، نتعرف على تفاصيل ذلك من خلال ردود فعل الأبطال، ولعل أكبر تجلياته ستكون المفاجأة التي يتلقاها القارئ في نهاية الرواية.

.

****

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق