عندما تطير الخنازير > مراجعات رواية عندما تطير الخنازير > مراجعة Sarah Samy

عندما تطير الخنازير - أحمد صبرى الزيات
تحميل الكتاب

عندما تطير الخنازير

تأليف (تأليف) 4.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

عندما تطير الخنازير أو when pigs fly

تعبير أجنبي يعني "في المشمش" أو "لما تشوف حلمة ودنك" أي أن الشئ سيحدث فقط إذا طارت الخنازير وبالتالي فهو يقال للشئ مستحيل الحدوث.

"كريم مراد علم الدين" صبي في السادسة عشر من عمره، ليس لديه أي أصدقاء أو معارف، لم يذهب للمدرسة قط حتى المرحلة الثانوية، لم يستقل مواصلات وحده أبدا. والسبب هو الوسواس القهري.

يعاني كريم من وسواس أذى الغير، أفكار تظل تلح عليه طوال الوقت كأن هناك شخص آخر يسكن مخه يملي عليه عكس ما يريده هو. ولذلك يخاف حد الموت من أنه قد يطيع هذه الأفكار فيحاول مقاومتها وتظل تلح عليه حتى تنهار المقاومة فيسترسل معها ويحاول تهدئة خوفه بأفعال قهرية متكررة ولكن تأتي الفكرة بأخواتها حتى يعجز عقله وجسده عن الاحتمال.

الوسواس القهري أنواع، وليس النوع الشائع من وسواس النظافة هو الوحيد كما يظن معظم الناس. بل هناك وسواس الأفكار ووسواس الشك والتفقد ووسواس التناسق والترتيب ووسواس الأذى وغيرها.

المرض مؤلم جدا ومؤذي عقليا ونفسيا وجسديا. لا يعرف مدى قسوته إلا من ابتلي به أما الناس فيظنون أنه شئ بسيط يمكن التحكم به والسيطرة عليه بسهولة ولا يتخيلون مدى العذاب الذي قد تسببه بعض الأفكار التي قد تبدو غريبة ولكنها تتسلط على عقل المريض فلا تجعله يرتاح لحظة وتنهك روحه لدرجة تمني الموت.

استطاع الكاتب التعبير بشكل جيد جدا عن طريقة تفكير مريض الوسواس حتى أنني بكيت في بعض المواقف. فتى يافع في سن الانفتاح على الحياة يحمل عذابات فوق طاقته عزلته عن الدنيا بأسرها وملأت قلبه بالرعب المستمر المنهك.

وأب مكلوم، صحيح أن ابنه حي يرزق، لكن أي حياة هذه؟! الصبي عذاب يمشي على قدمين. ولا يد ولا حيلة له فيما أصابه. يحاول قدر جهده الاعتناء بابنه بعد فقد الزوجة وتدهور حالته. يسمو فوق ألمه ليبث الأمل في نفس ابنه المسكين.

صديق مخلص ندر وجوده في هذا الزمان قد يكون أجمل عطايا الله للإنسان. "سمير" الوفي المؤازر المتفهم. من أين نحصل على صديق مثله؟! د. شريف المعالج وصديق الأب هل يوجد من يهتم بهذا الشكل في الواقع؟!

يبدأ كل فصل بمقولة لمشهور، وهو أمر أثرى الرواية وميزها.

ربما كانت الرواية تحتاج لتوضيح المزيد عن حالة كريم، وأنواع الوسواس الأخرى بشكل أكبر ولكنها لم تخل بالمهم والضروري معرفته.

مأخذي - بما أنني أعتبر الرواية تثقيفية إلى حد ما- هو تنحية الدين من المعادلة. نعم الوسواس يصيب العديد والعديد من المتدينين، لكن الفارق في الغاية والهدف. فأن أصبر على الابتلاء وأطمع في الأجر وأدعو الله ليشفيني وييسر لي سبل العلاج خير وأبقى من اليأس وإيعاز سوء الأحوال إلى الحياة غير العادلة. على الأقل إذا خسرنا الدنيا فلا تفوتنا الآخرة.

لكن نخسر الدنيا والآخرة معا؟!

قد يعتبر البعض كلامي تنظيرا واستعلاء -حاشا لله- فأنا لم أتهم المريض بقلة الإيمان أو أن سبب المرض هو البعد عن الله، كلا، ففي معظم الحالات ينشأ المرض في الطفولة المبكرة، ففي حالة كريم مثلا كان السبب غرس الفكرة في عقله والتأكيد عليها بكل قوة منذ صغره، وهو ما يحدث في أغلب الحالات بشكل واعي كما في الرواية أو بغير وعي، فتتبلور الفكرة في عقل المريض كالنار تحت الرماد إلى أن تتملكه وتسيطر هي عليه بدلا من أن يسيطر عليها فلا يتنبه أحد إلا بعد اندلاع الحريق!

أما وقد حدث ما حدث، وأصيب المريض بهذا الابتلاء، فيجب كما يسعى للعلاج أن يحاول الصبر على مرضه ويسأل الله ذلك، فإن لم يكتب الله له الشفاء التام لحكمة فلن يفوته أجر الدعاء والصبر بإذن الله. وكلنا مبتلون في هذه الدنيا، هذه سنة الله الماضية في عباده، فحتى العافية ابتلاء واختبار ليميز الله الخبيث من الطيب.

أخيرا أدعو الله أن يشفي كل مريض وأن يلهمه الصبر على ابتلاءه.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق