حبة بازلاء تنبت في كفي > مراجعات رواية حبة بازلاء تنبت في كفي > مراجعة Rahel KhairZad

حبة بازلاء تنبت في كفي - دعاء إبراهيم
تحميل الكتاب

حبة بازلاء تنبت في كفي

تأليف (تأليف) 4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

أن يكون دولاب ابرح من العالم

في الحكايات خيانات، حب، خير، شر. في الحكايات لعنة، عقاب، ساحرات. في الحكايات حياة للساذَجين أمثالنا. لكن هل في الحكايات دولابٌ خشبيٌّ يسحرُنا حين نقف أمامه؟

في البداية وجب التنوية أن هذه ليست القراءة الأولى للكاتبه فقد بدأت معرفتي لها مع ست أرواح تكفي للهو فأنا ممن يقعوا في غرام العناوين الغامضة وكانت قراءة ممتعه بالرغم من سوداويتها فقد هالني كيف تمكنت الكاتبه من جعلى أشعر بالإرتباك مثل البطل ومما أذكر أيضاً طريقتها في الحديث على لسان العصا فتعجبت من قدرتها على إيصال ذلك الشعور لي من ما يفترض كونه جماد ولكن يشاء القدر أن تصدر تلك الرائعة عن الكاتبة أيضاً والتي حين قرأتها أدركت مدى عظم ما تملك الكاتبه من موهبة فحين تحدثت عن الجماد آلمتني لحاله ولكن حينما يتحدث البشر عن معاناته لم أجد أصدق من جملة جرت على لساني لأصدقائي أثناء مناقشتنا للرواية فأنت أمام نص يقطر من كل حرف منه ألم أن يصير الحرف لا الكلمة متشبع بالمعاناة ذلك ما لم أقدر عليه لا أكذب إن قلت أني في كل فصل من فصول الرواية كنت أنتهي منه أبكي تارة على البطل وتارة علي وجدت نفسي أتذكر ما كنت أعتقد أني طويته واندثر إثر تراكمات الحياة موقف مؤلم في الصغر أو صورة مشابهه لمعاناة البطل وبما أني انثى ذات طابع درامي تفاقم الأمر لدي .

ذات حديث للكاتبه قالت حين يمسك الكاتب بقلمه لا يفكر في شيء سوى إخراج الهم الذي يسكنه تعجبت حينها من ذلك اللفظ ولكن بعد تجربتي لقلمها فهمت ما تعنيه وخاصة في هذه الرواية .

قرأت ذات مرة أن القصص التي نعرفها مثل سنوايت وسندريللا وذات الرداء الاحمر وغيرها لا تملك نهايات سعيدة نحن فقط من بدلنا النهايات لذا كنت اظنني أملك المعلومة من البداية ولكن مع بداية كل فصل وربطه بالواقع كنت أكتشف بشاعة الواقع من جديد مازلت أذكر ألم الواقع الذي عاشه البطل وأكتب وجعه بدموعي الآن ولكن لم أبكي فهذه قصة ولا أكثر؟! مهلاً من قال إنها ليست بالحقيقة؟! هذه قصة الجميع كلنا له جانب من حياة البطل عاشه وتألم به ولكن بعضنا فقط كان يملك من قوة القلب وصلابته ما يقيمه على الحياة وتلك كانت مأساة البطل ذو القلب الضعيف والشكل المخيف كما أسطورة الجميلة والوحش فعلى لسانه يقول وهو الطبيب الأربعيني "كيف لي أن أكون مثلهم؟ لا آلة تخزِّن المأساة بصدرٍ رَحْبٍ وابتسامةٍ واسعة، في كل لحظة وكل يوم وعلى مدار سنوات. " لم يكن سوى بشر يشعر ويتألم ويجوع ويتعب في حين كان يطالبه الجميع بالصمود وتلبية مطالبهم دون الإلتفات لكونه ذو مطالب واحتياجات مثلهم فمهنته السامية تتطلب منه ان يكون آله ليسعد غيره حتى في لحظات خوفه كان مطالب بالثبات فقط لأنه اختار طريق لا يشبه قلبه فعليه تحمل العواقب مدى حياته "ضحكتُ كي أمنعَ نفسي من البكاء. لا يصحُّ لبالطو ناصع البياض، يحمل أحلامًا ورديَّة ساذَجة أن يبكي".

كل الحكايات بدايتها من الطفولة وكل المآسي تبدأ من الطفولة عن نفسي لا أعرف كيف لشخص أن يتزوج ليصبح مجرد ألة للتفريخ لماذا آتي للعالم بقطعة مني لتعيش حياة بائسة فما بالك أن أكون أنا سبب ذلك البؤس "كبُرت وعرفت أن الأمراء في الحقيقة يعرفون كل شيء يا بابا. كل شيء. ويتحدثون بعُنْجهيَّتك المضحكة. أنت أمير الحكايات يا بابا.. أنت على صواب دائمًا" لا شك في كون الأب قدوة ولكن من المفترض أن نربي أنفسنا قبل أطفالنا لا أن نقوم بتخليص عقدنا النفسية من أبنائنا فكون الأب يشعر بالدونية واستطاع ان يخرج من عباءة القرية الفقيرة إلى براح المدينه جعله يكمل صورته الجديده بعنجهية فارغة قوامها القهر والاستبداد بالرأي حتى لو كان خطأ وهو ما يفعله الكثير للأسف فيجد البطل نفسه بمرور الوقت ومع زيادة معرفته يرى تصدع في صورة والده الأمير العالم بكل شيء وكلما كبر إدراكه زاد الشرخ في الصورة وفي نفسه معها فقد كرهت تباهي الأب بذاته حتى في لحظة إنتصار البطل ومحاولة قهره لوالده فنسب ذلك الفضل لنفسه وظل البطل في الظل كما تعود.

قرأت ذات يوم عن حكاية بلدة هاملن على حساب الكاتبه بثينى العيسى وتألمت للقصة ولكن حين تم ربطها بواقع البطل في الرواية وجدتني أذرف الدمع قصراً دون وعي خاصة في مشهد موت توأمته "لا يمكنني تخيُّل وجه أمي في الصباح وهي تتفقَّد أختي. هناك نظرات لا يمكن تخيُّلها. من الأفضل ألا تراها. لم نكُنْ في الغابة كي تجدها بهذا الشكل. كُنَّا في منزل فقير نائمين جميعنا ولم نشعر بشيء." كنت أبكي وأردد كفى ليس لهذا الحد اتوسل اليكي كان يمكن أن تقولي ماتت ولكن أن أراها وهي تؤكل وأنا مكتوفة الأيدي هكذا بشع .. كان قلبي ينفطر فمع حسرة الوفاة وبشاعتها تكالبت حسرة الفقر والعجز حين وصف عويل جدته وأمه أن أمه كانت مجني عليه وأصبحت جاني فالفقر لم يمهلها وقت للحزن على ما خسرت حتى فأضطرت للعودة لزوجها بخنوع وذل كي تداوي فقدها وتحافظ على ابنها من أن يلحق بنفس مصير فقيدتها "دفعت أمي ثمنًا آخر كي لا أكون وحيدًا في هذه الدنيا؛ لكن أمي وهي تفعل كل ذلك بإصرار وتصميم، لم تنتبه للزمَّار الذي ينفخ في مزماره بنغماتٍ ساحرةٍ تعبقُ البيت. ينفخ، ويطلب ثمنًا لنغماته التي تجعل البيت يبدو خاليًا من الفئران، من المشكلات، من المعارك الطاحنة، يبدو بيتًا هادئًا جميلًا كالبيوت في الحكايات. الزمَّار يسكن الدولاب، ويعزف كل يوم للموت الرابض في بيتنا."

"لا أحد يخرج سليمًا بعد أن يتم التهامه. الحكايات كاذبة. من يخرج سيحيا بوجهٍ ممضوغٍ وجسدٍ ممزق، وقتَها سيطرده البشر وينفونه في الغابة وحيدًا، فيصبح بعد فترةٍ وجيزةٍ غولًا. هكذا تُولَد الغيلان، من بطن المأساة" صدقت يا عزيزي صدقت يا دعاء ولكن ما الحل إن كان غولا بقلب انسان قلب ضعيف لا تغيره الظروف لا يستطيع التوحش. هكذا تحولت الأم التهمتها الظروف لتعود وتكمل حياتها كما الآلات فلابد لطفلها أن يعيش أن لا يصبح وجبة شهية للفئران ولا مانع من إنجاب ما فقدناه فتكتمل الصورة فنجدها "تتحرك بآليَّة. تُلملم ألعابي، تنظف البيت. تحمل الملاعق المنثورة على الأرض، وملابسي التي أخرجتها أختي" ألة تتحرك وفقط ولكنها بشر ذو قلب فإذا بها تهرب من جحيم العالم إلى حضن ضلفتين لتجد البراح المنشود كيف يصير الخشب أحن من البشر؟ ولكن حتى في ألمها لابد أن تتأقلم فإذا بها حين أنكشف سرها تقول "وقلتِ لي: "العب معي الغُمَّيْضَة"، ظننتُ أنكِ تلعبين ولعبتُ معكِ. لكننا بعد أن انتهينا من اللعب. بعدما أمسكتكِ، اعتصرني حضنكِ.. وبكيتِ بصوتٍ كالرعد يا ماما، كالرعد في أذني" يا الله كيف لك أن تشرحي قلب بهذه الطريقة وتنكأي وجع بهذه القسوة .

مما هالني أيضاً تصرف والدته مع اختها وزوجها ولكن كان الأمر في بدايته ومع القراءة كان هذا هو الحل الأنسب فلسنا قادرين على تبديل الواقع في كل وقت بعض الاشخاص خلقوا ليكونوا مفعول به وفقط .. هكذا كانت الأم ومن بعدها البطل فحين قررا أتخاذ خطوة في حياتهم كانت هذه الخطوة هي خطوة النهاية وكأن النهاية تبدأ من البداية. تفهمت شعور الأم ومعاناتها ولكن البطل كان يمكن أن يصبح غير ما صار كان لديه طوق نجاه في زوجته وأطفاله حين طلبت الكاتبه تغيير النهاية وجدت الأطفال هم طوق نجاته ولا أدري لما تحكم منه اليأس لهذه الدرجة ولكن للأمانه مع ما وصلت اليه حالته لم يكن ليحظى بأفضل من تلك النهاية فلابد من بعض الرحمة .

مما أبدعت في وصفه أيضاً مشاهد قتل الأم لطفلها ذو الهمه ومشهد موت السيد وحديث أمه كما أحببت عدالة السماء في والده وخالته ولكنه قلبه الضعيف ما منعه من التعايش مع كل هذه الأحداث.

في رأيي حبة البازلاء في كفه هي إحساسه الدائم بالعجز وأنه كان من الواجب عليه حل جميع المشاكل ما يقدر وما لا يقدر عليه حتى وهو جنين أو رضيع فظل مؤرقاً ما عاش من عمره وأود معرفة سبب الاسم جداً.

إقتباسات:

♡لو لم تنتهِ الحكايات بالنهايات السعيدة، فعلى الأقل تنتهي بانهزام الشر وسقوطه أو بموت الأخيار معًا، وانتقالهم إلى حياة أبدية، تُنسيهم مآسي الدنيا لا بد من خير وشر مأساة وسعادة الحب ينتهي بالزواج وإذا لم ينتهِ بذلك، فلا بد من أن يعيش إلى الأبد. يموت الأحبَّاء معًا أو يعيشون على الذكرى. كَمْ كنَّا ساذّجين.

♡ البدايات دومًا حلوة، ثم بعدها تذهب الراحة إلى الجحيم.

♡ بعد الموت فقط يمكننا أن نتصالح. الموت أحيانًا يكون حلًّا للمعضلات.

♡كلنا يربي الوحش داخله؛ لكننا نحافظ عليه هادئًا غير مَرئيّ. نُربِّت عليه من حينٍ لآخَر كي لا يقفز إلى الخارج صانعًا زئيرًا عاليًا. لكن للعصا السحرية مفعولها، وهكذا يخرج الوحش بأمر الساحرة، ويموت بأمر الساحرة، ويظل قلبه آدميًّا بأمر الساحرة، لتُبقي على عذابه الأبدي.

♡ المرأة حين تحب تصبح أُماً.

♡ الخرافة لا تصبح واقعًا إلا حين تُحرَّف مراتٍ عدة. حين نضع عليها أجزاء من أرواحنا، ونجعلها حيَّةً تسعى.

#حبة_بازلاء_تنبت_في_كفي

#دعاء_إبراهيم

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق