الطاعون > مراجعات رواية الطاعون > مراجعة حسين قاطرجي

الطاعون - ألبير كامو, عاصم عبد ربه
تحميل الكتاب

الطاعون

تأليف (تأليف) (ترجمة) 3.7
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
2

تحاول هذه الرواية أن تحاكم إرادة الإنسان وتماسكه أمام جملة العوامل التي تصادر حريته وصحته وكل ما يجعله إنساناً ذا قيمةٍ جُلّى.

في الرواية: يلحظ الطبيب ريو اختلاج الجرذان ونفوقها بعد أن تنفث دماً أسودَ من خطومها وكأنهم خرجوا من هزيمة حربٍ مروّعة، وكانوا بأعدادٍ هائلة لا يدانيه انتشارٌ عرفته مدينة وهران الجزائرية من قبل.

لاتحفل الرواية بشخصياتٍ أو أحداثٍ كثيرة، فبعد أن يعرض الكاتب بسياقه السردي الهادئ ثيمة الرواية يضع أمام القارئ مواقف الناس من الوباء وذلك باختلاف شرائحهم وطبقاتهم الاجتماعية. ويركز ألبير كامو على المزاجية التي تحكم الدولة ابتداءً من موقفها غير المبالي ثم شديد التزمّت والذي لايستند إلى محاكمةٍ عقليةٍ أو خطةٍ استراتيجيةٍ حكيمة.

لا أستطيع التكهّن بغرض الكاتب الصريح لكن يستطيع أيّ قارئ أن يستشفّ بعضاً من رسائله المتوارية ضمن النص، على سبيل المثال: يحدد الكاتب أحداث الرواية في مدينة وهران الجزائرية، ورغم ذلك لا يستخدم أيّ اسمٍ عربي لشخصياته ولا حتى أسماء الشوارع والأماكن العامة، ورغم اسلامية المدينة وشعبها فإنّ الكاتب يذكر موقف الكنيسة لاموقف المسجد؛ بل لا يأتي على ذكره البتة!!.

لاتحمل الرواية في صورتها العامة معايير الفن الأصيل؛ إذ لاقيمة أدبية لعملٍ نقرؤه لنحصيَ مع الكاتب أعداد المصابين بالوباء والمتوفين جرّاءه..لكن كامو أذكى من أن يؤطر روايته ضمن هذا المنحى البسيط. لقد ترك باب التأويل في الرواية مفتوحاً على مصراعيه والإسقاطات السياسية والعسكرية والدينية والفلسفية حاضرةٌ بوضوح.

عدّ بعض المفكرين طاعون الرواية هو الديكتاتورية بمعناها الواسع، أو النازية التي عانت أوروبا من ويلاتها، ومنهم من رأى في الطاعون استلاب الكنيسة عقول المؤمنين ومحاولاتها السيطرة عليهم، ومنهم من وجد في هذا الوباء هواجس البشر المتسلطة وآفات نفوسهم التي تحاول المساس بصفاء الروح وراحتها.

كل ما في الرواية يشهد على (عبثية) الكاتب وولائه لمدرسته الأدبية، استهتار الطبيب ريو وتفاعله البارد مع الوباء، وكذا رتابة الأحداث رغم اعتماد الكاتب جملاً سريعةً ورشيقة، ودور الدولة والكنيسة؛ كلّ هذا يطرح أمام القارئ أسئلةً جوهرية ضمن نموذجٍ صريحٍ من اللامبالاة والعبثية.

صدرت نسختي من الرواية عن دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع عام 2016، وتقع في 304 صفحة من القطع المتوسط، وبترجمة موفقة من يارا شعاع التي تعاقدت مع الدار لترجمة أزيد من ثمان أعمال للكاتب ألبير كامو صدرت جميعاً. وزبدة القول: لاتخرج الرواية عن العبثية، لا أقول في فكرتها بل في توغلها في الأحداث والتعاطي معها وهو ما يحترفه الكاتب ويتقنه. وهي الرواية التي أشادت بها لجنة نوبل عام 1957 عندما منحت جائزتها الأدبية للروائي كامو ليكون ثاني أصغر فائزٍ بها بعد البريطاني روديارد كبلنغ.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق