كما يليق بأب يحاول > مراجعات رواية كما يليق بأب يحاول > مراجعة يارا رضوان

كما يليق بأب يحاول - مصطفى منير
تحميل الكتاب

كما يليق بأب يحاول

تأليف (تأليف) 4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

رواية كما يليق بأبٍ يحاول، للكاتب مصطفى منير، دار نشر الكرمة لعام ٢٠٢٣

"ششش، احذر، أخفض صوتك، لا تتكلم عن الأديب بصوتٍ مرتفع، لو سمعك أحد أعضاء (ت.س.ح.أ) فستتمنى الموت ألف مرة، ولن ينالك من مرادك شيئاً...

تسأل عن كينونة تسحا؟ لا تسألني، بالكاد حذرتك، لا تفتح عليّ أبواب الجحيم!

مصمم؟!....اقرأ الرواية إذاً

لكن انتظر؛ هل سبق وأخبرتني أنَّك لا تفضل أدب نجيب؟!"

عن الرواية:

_افتتاحية غريبة، للبطل -الذي هو الأب- مع واقعة سوء تفاهم تجمع بينه وبين طبيبه النفسي، وبين تمثال بيد مكسورة، في غمرة اضطراب الأحداث يبدأ البطل في استرجاع ذكرياته التي أودت به لتلك الحادثة، وتتضح الصورة رويداً رويداً.

_نقف وجهاً لوجه مع أبٍ فقد ابنه إثر حادثٍ مُروع، مجذوب من مجاذيب السيدة سحبه من عربة الأطفال وألقاه أمام إحدى السيارات، ليموت الولد صاحب العامين على الفور، وتهرول أمه -ياسمين شاهين- خلف المجذوب، وتختفي بعدها وإلى الأبد.

_يبدأ الأب، الذي انقلبت حياته في غمضة عين، في تعريفنا بنفسه، لنكتشف أن تلك المأساة ليست أوَّل مآسيه، وأن الأوجاع تتّخذ من قلبه مستقراً ومُقاماً، بدايةً من مولده بعيبٍ خلقي ظاهر كالشمس في وجهه، حيث انحرفت إحدى عيونه عن موضعها الطبيعي، مائلة إلى الأسفل، كما حرمه مرض نادر آخر من سماع الموسيقى؛ فباتت كلّ الأصوات بالنسبة له تقع على نغمةٍ واحدة، حتّى صوته لا يخرج سوى بنغمة واحدة معتدلة، انتهاءً بنشأته بين عائلة لا تُجيد التعامل معه، ولا القبول بحالته ووضعه، وهو أقل وصف يمكن قوله عنهم.

_تنقسم الرواية من حيث أبطال سردها إلى قسمين؛ قسمٌ يحكيه الأب، وقسمٌ تحكيه "أمينة"، وستعلمون من مطلع قسمها الخاص من هي....لكني -مع ذلك- لن أذكر كينونتها هنا، المهم....فطيلة القسم الخاص بالأب ستغرق في دموعك وتعاطفك معه، ستبكي موت صغيره أيهم، وستسحب منك أنفاسك باحثاً معه عن زوجته ياسمين، وسيحركك الحزن لتأييد فكرة انتقام الأب المكلوم من "المجاذيب" والذي كان أحدهم هو قاتل الصغير، سترافقه لجلساته عند الطبيب النفسي، وقد تلتحق معه بالعمل في "مكتبة الحدود"...الوظيفة التي وفرها له طبيبه المعالج.

_أما في القسم الثاني، فستشعر أنك غادرت فجأةً روايتك الأولى وبدأت في رواية أخرى، براوٍ مختلف، وقصة مختلفة، بطلها امرأة تدعى "أمينة"، تجد نفسها في مكانٍ غريب عنها، تقوم بأشياء تجبر على فعلها، تُظلم وتُقهر وتُعذَّب، تفقد إنسانيتها على أيادي (ت.س.ح.أ)؛ التنظيم السري الذي أُعَدّ لغرضٍ مجنون، وما بين الأب الذي يُحاول، وأمينة التي تسعى لنيل حريتها، يلتحم القسمين فجأة؛ لتجد نفسك -تلقائياً- تنهض مطلقاً تصفيقاً حاراً، ورافعاً القبعة للأديب الذي أتى بمثل هذه الفكرة المجنونة والعبقرية في الآن نفسه.

تعقيب:

_جاءت الرواية بسرد عربي فصيح، بلغةٍ بليغة، وبحوارٍ عامي قليل ناسب جداً سياق الأحداث وبنائها.

_جعلتني الرواية ومنذ صفحاتها الأولى أغرق في موجةٍ لا تنتهي من البكاء، ربَّما لفكرتها الفضل في ذلك، وربَّما لصدق الطَرح والأسلوب، المهم أنَّني بكيتُ مع كلّ صفحة، ومع كل لغزٍ جديد يُحَل، وبكيتُ في النهاية خاصةً لمَّا أدركتُ أنَّ النهاية لن تكون كما تمنيت، ورغم ذلك لم يكن ليليق بالعمل أي نهاية أخرى سواها.

_جاءت النهاية مثالية جداً لسير الأحداث، مُلائمة لرسالتها وإسقاطاتها التي لا تنتهي، وتليق بأبٍ عاش حياته كلّها وهو يُحاول.

_هذه الرواية هي أوَّل تجاربي مع الكاتب، ولن تكون الأخيرة بالطبع؛ لقد علَّمتني (كما يليق بأب يحاول) أنَّ صاحبها كاتبٌ يحاول -هو الآخر- وعلَّني أستطيع أن أقول له أنَّ محاولاته -كل محاولاته- تستحق أن تكون ناجحة.

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق