زهور تأكلها النار > مراجعات رواية زهور تأكلها النار > مراجعة حسين قاطرجي

زهور تأكلها النار - أمير تاج السر
تحميل الكتاب

زهور تأكلها النار

تأليف (تأليف) 3.5
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

جاءت رواية زهور تأكلها النار للروائي أمير تاج السر بناءً على طلب قارئة، هكذا يخبرنا الروائي في الصفحة الأولى، ورغم أنّني أتحسّس في هذا الفكرة ملامح خياليّة كشأن الرواية أصلاً فأيّاً كان الأمر فهذه الرواية جاءت لتملأ فجواتٍ تركتها رواية توترات القبطي حول مصير السبايا والجواري بحسب قوانين مدينة أباخيت المفجوعة بحكمٍ ظلامي، حيث ركّز الكاتب على قهر الرجال تحت نير نظامٍ تعسّفيٍّ يُغفل لكلٍّ عقله ويرغمه على الانصياع لأوامر يقنعونه -فِريةً- أنها إلهيّة، وقد رشّحت الرواية للجائزة العالمية للرواية العربية البوكر 2018.

تحكي الرواية قصة خميلة عازر، وهي شابة فتية من أبٍ قبطيٍ ثري وأمٍّ إيطالية، تسكن مع أهلها مدينة السور القريبة من مصر، ومخطوبةٌ لشابٍ يُدعى ميخائيل. يحصل أن تندلع ثورةٌ في مدينة أباخيت القريبة، وهي ثورةٌ أشعل فتيلها شبابٌ متعصّبون يدّعون أنّهم أبناء القداسة وهم للدناسة أقرب، ثم لم يلبثوا أن قطعوا الطريق على أهالي المدينة واستباحوا قوافلهم حتى سقطت أسوار مدينة السور فدخلوها يعيثون فيها فساداً، ومن يومئذٍ تحولت مباهج الحياة هناك إلى أجواءً موغلة في الشّدّة الغاسقة.

يسلّط (الذين يدّعون أنّهم جهاديّون) سيف الشريعة على الرقاب متأوّلين نصوصاً دينيةً تأويلاً ينسجم ورغباتهم، وعلى إثر ذلك جاؤوا إلى أهل المدينة بأصنافٍ من الكوارث لم تشهد البسيطة مثيلها عبر التاريخ، وهم معتمدون في فتاويهم على قوى ظلاميّة تتفشّى بينهم يقودها زعيمٌ يُدعى المتّقي.

تؤخذ خميلة سبيّةً كما تؤخذ رفيقاتها ماريكار وأمبيكا وحسناء وطائعة، ويوضعن أسيراتٍ في مركزٍ للمستورات في ساحة المجد، وتنتخب المجاهدات من هاتيك الصبايا خميلة التي هي أحسنهنّ طلعةً وأصفاهنً بشرةً ونضارةً لتكون زوجةٍ لأميرٍ من أمراء الحرب، لعله المتّقي ذاته، الذي لايشبع من إفراغ جياد شهوته الجامحة الرعناء.

تؤوب الرحمة إلى قلب عبدٍ أسودَ اسمه لولو فيضمر مساعدة نعناعة وهو الاسم الجديد لخميلة. فيتّفقان على ليلة الهروب، وهنا أصون القارئ عن كشف الخاتمة إبقاءً له على متعة قراءة الرواية والحماس لمعرفة الختام.

رسم الكاتب أمير تاج السر بيئة مدينة السور رسماً دقيقاً ومفعماً بالحيوية والحركة وغنيّاً بالأقليات والإثنيات، يهوداً وأقباط وبوذيين ومسلمين، وأحسن الكاتب رسم الملامح والأزياء والألوان رسماً يحاكي الواقع ما يجعل القارئ يُمسك بالدلالات الجزئية والعامة للنص بسهولةٍ وانسيابٍ يعينه على ذلك بناء الرواية التقليدي المريح، وسردها السلس غير المتشعّب.

إذن تتمحور الرواية حول ثيمة الإرهاب والفكر المتشدّد، والحق أقول لم تأتِ الرواية بجديدٍ حول هذه القضية، لكنّي أرى فيها إبداعاً يستحق أن يُذكر ويُشكر ويُشار إليه بالبنان وهو جمال الوصف ودقته وحكمة الكاتب في تخيّر مفرداته وتحديداً في وصف بيئة مدينة السور ومعاش أهلها.

صدرت الرواية عن دار الساقي عام 2016، وتقع في 188 صفحة من القطع المتوسط، وبالمجمل هي رواية جميلة تشدّ القارئ الغرّ ويبقى متفاعلاً معها حتى النهاية، أما القارئ المتمكّن فربما ستسحره -فقط- بلاغة الكاتب في السرد والوصف.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق