#قراءات_٢٠٢٣
رواية نموذج كوبلر للكاتبة يارا إبراهيم.
إصدار كتوبيا للنشر و التوزيع.
( لا أحد يفهم كيف لمجرد تاريخ ، من يوم وشهر وسنة ، أن يُغيّر الإنسان ويغير العالم ، ويقطع العمر لشطرين ، ما قبله وما بعده! لا أحد يفهم كيف برحيل شخص واحد قد تنطفئ الحياة بأكملها!
تاريخ واحد وشخص واحد قد ينتزع ما تبقى في داخلك من طفولة ، ورغبة في التعلق ، ويطوي شعورك الدائم بالأمان ، ويلقنك كل دروس الحياة دُفعة واحدة. )
الفقد ... ما أقساه من شعور و ما أصعبها من تجربة إلا إنك أيها الإنسان ما لك من مفر ستمر بها ، عاجلًا أم أجلًا ، طفلًا كنت أم رجلًا كبيرًا ، ما دُمت تحيا ف.....
( الدرس الأهم أنك ستفتقد وتُفتَقد وبين هذا وذاك ستتعلم الحياة. )
ربما تتأخر التجربة لكنها آتية لا محالة ، فما بالك و أنت من البداية تحيا على شفا بركان ثائر ... أسرة اختار طرفاها الانفصال و اندمج كل منهما في حياة جديدة مقررين ترك ابنتهم الوحيدة ليربيها الجد و الجدة ، لتحيا موصومة بذنب لم تقترفه يداها.
شهدان تلك الفتاة الذهبية كما اسمها جدها ، الطفلة ذات الأربع أعوام و محاولات خلق حياة جديدة و عالم جديد تحياه بلا كذب أو تجميل أو اعتماد على من تركوها ... لتمر السنون و الأعوام و تكبر شهدان ثم تفقد من كان الأب و الأم ، من كان حياتها ... فهل ستنجح شهدان في الإمساك بدفة حياتها من جديد ؟ هل ستتخطى تلك الأزمة أم أنها ستكون المسمار الأخير في نعش حياتها ؟
عن الفقد و تابعاته كان هذا العمل الإنساني الإجتماعي البديع ، عن جراح ماضي لم تندمل فأدمها الفقد من جديد ، و رغم ما يبدو من تقليدية القصة إلا أنها مكتوبة بعذوبة و رقة ، و الكثير من المشاعر المتدفقة التي تتلامس مع تجاربنا الحياتية فمن منا لم يفقد عزيز.
رُسمت الشخصيات بإحترافية و جاذبية بخاصة الجد كمال و شهدان ، و جاء ترتيب المشاهد بين الماضي و الحاضر مناسبًا جدا و جاذب لانتباه القارىء ، كما نجحت الكاتبة في توظيف مقاطع شعرية لصلاح جاهين و فؤاد حداد داخل صفحات العمل بما يناسب النص و يزيد من الاستمتاع به ، كذلك الرسومات البسيطة المعبرة عن حالة الأبطال خلال أحداث العمل كانت متميزة و لافتة جدًا.
جاء السرد بلغة فصحى معبرة و استطاعت الكاتبة المزج بين الفكاهة و الألم في حكي الأحداث و الحوار على لسان الأبطال ، كما طرحت أفكارًا و أوجاعًا بسلاسة السهل الممتنع.
لتأتي النهاية و تحمل الرد المناسب على كل ما راود القارىء من تساؤلات أثناء القراءة.
الغلاف لطيف جدًا ، بسيط و معبر ، كذلك اختيار العنوان مناسب لمحتوى العمل.
قراءة روائية أولى للكاتبة استمتعت بها كثيرًا ، و أرشحها بشدة لمحبي الأعمال الإنسانية النفسية.
#نموذج_كوبلر