الياقوت > مراجعات رواية الياقوت > مراجعة Mohamed Osama

الياقوت - أمجد الصبان
تحميل الكتاب

الياقوت

تأليف (تأليف) 3.5
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

#ريفيوهات

"الياقوت......عالم في رأس أبي قيس"

ربما لمن يهوى التاريخ- ويحب الروايات التي تتخذ من شخصية أو حدث نقطة تبنى عليها فلسفة تصيغها الحبكة والشخصيات، أو التي تقوم بتحليل المجتمع في حقبة ما بطريقة مبسطة، أو التي تظهر شخصية منسية وسط سطور التاريخ وتعرفها للناس، وهلم جرا من الروايات المستمدة من تلك الوقائع- سينجذب للرواية في أول الأمر، سيتجاوز تاريخ 1961 ويعتبره خطأ عابر، ويندمج في وصف الناس في حدث تنصيب الملك فاروق الأول بعد انتهاء فترة الوصاية، لكن بعد ذلك سيعرف أن العام المذكور لم يكن خطئا، بل هو أساس القصة.

-فالرواية محيرة في تصنيفها ووصفها، ربما فانتازيا تاريخية، يعرض فيها فرضية لو فشلت ثورة يوليو "what if يعني"، مقدمة بعين ثالثة بعيدة عن الصراع، منسية لا تؤثر في شيء وباردة من فرط تهميشها، فكان العم منسي "اسما ووصفا"، لكن الحبكة ترينا أن الكاتب لا يقصد اللعب على سطور التاريخ وحسب، لكن يضع أمامنا "من أول المنظار ومنفضة السجائر والمشبك الذهبي إلى مسدس الملك المليء بالجواهر وصورة نادية"، فرضية جديدة غالبة، تعرفنا معنى الياقوت وسره.

--باب ما بعد الصدمة

❞ الأشجار موجودة في رأسك يا أبا قيس.. في رأسك العجوز التعب يا أبا قيس.. عشر أشجار ذات جذوع معقدة كانت تساقط زيتوناً وخيراً كل ربيع ❝

رجال في الشمس- غسان كنفاني

- بين ماضٍ مؤلم ومستقبل غير معروف، يمزج أبو قيس مستقبله المجهول في سفره للكويت وحنانه لأشجار الزيتون قبل الاحتلا.ل والتهجير، صورة مشوشة، معلقة لا تتشرب الماضي وما فيه ولا تتكيف مع الحاضر وأحداثه، يعني ببساطة منسي ربما يعيش في رأسه التعب، من خلالها يمر بأحداث غير مفهومة، يصنع صورة كأشباه الملك وأشباه منسي لكن عبر مرايا متسخة "يقصد فيها الواقع"، فتظهر كشعور منسي أمام صورة نادية لا هو يشعر بحنان أمه ولا هو يستمتع بجراءة نادية.

- وبشكل عام من محنة أبي قيس ومنسي، نفهم أن هذا العالم درع يحتميان فيه من صدمات وتغيرات يصعب عليهما تقبلها، فمثلما لم يتقبل أبو قيس غالبا ضياع ملكه أو اختفاء حلمه، لم يتقبل منسي أحداث ثورة يوليو وتنحي الملك واتفاقية الجلاء إلى آخره من أشياء تمثل تحولا سريعا من عصر لعصر آخر، وبما أن عقله لم يستوعب انتهاء القصة وتغير الزمن، حاول يائسا صياغة جزءا جديدا من الحكاية، لكن الشخصيات لم تتحمل أن تظل القصة مفتوحة فيكون الصراع مملا كالملك أو تواجه تحولا لا منطقيا كالكفا.ح المسل.ح والملكة نازلي، فيصبح الوضع عبارة عن جنون خالص لكنه مريح لمنسي، ينسيه وجع زمانه الذي ذاقه أبا قيس

--المنسي من متن الكتاب

-أما للعم منسي، فلا يكون كل ذلك مجرد مهدئ لسرعة زمانه، بل يرتقي لما يشبه رد اعتبار لذاته، والتي يعتبرها كالحلق الذهبي الصغير في علبة كبيرة جدا، يرى نفسه مظلوما لم ينصفه أهله ويردد "مظلوم يا منسي طول عمرك مظلوم"، أو يرى نفسه ذكيا رغم إهانته المتكررة "سواء مع الكفاح المسل.ح أو صاحب القهوة" يؤمن أن هناك نجما في السماء يحميه وينصره، وفي أحيان أخرى يرده واقعه بأنه مجرد ضرطة هواء، لا يحتمله أحد ولا يتقبله أحد، لا يبقى له إلا بقايا صور وذكريات لا يستطيع استدعائها "كصورة نارو"، فيكون منسيا بحق، لينكب في غرفته ويناوش دنياه بخياله، ومنها ينتشي انتشاء السكران، فيتجرأ على واقعه-الذي دفع للمشاركة في سباقه- بالعبث بالشخصيات كيف شاء "كتصغير شخصية الأمير أحمد فؤاد "، يولف الخيال مع الحاضر "في الحصان المجنح"، يوزع الأشباه ليقنع نفسه أنه متفرد، لتصبح مرآة صافية لحياته المتمناة، ولا يعكرها إلا واقعه الذي يفرض نفسه "شهوته الضعيفة" ويضعف في أثرها كل شيء "فنفهم سذاجته الغريبة في كل موضع"، فتأكل حلمه كما يأكل الليل النهار، ولكن يحصل على فرادة نسبية على كل حال

--كيف تطبخ ياقوتة؟

-ولأن الكحكة في يد اليتيم عجبة، فمنسي يرى من مجرد صورة كنز ثمين، شيء يرد قيمته، يحذف منه صفة النسيان، ينزع عن واقعه المحبب ما يعكره، هي التي يدفع فيها كل ما احتفظ به- وبفضل زهوته الضعيفة اختفى بهاؤها- لأجل أن ينعم بها، ولذا نراه يدافع عن الصورة وسط استهانة البعض، وإن نالها "أي الذكرى" يخفيها مذعورا حتى يأتي وقتها.

- بالتوازي في رؤيا منسي لأمه، نرى ياقوتة أخرى تطبخ، ومنها نرى مشاعر منسي تفوح وتظهر، كأن بهذا الحلم ينقى من نسيانه لذاته نتيجة شتاتها -معاناته مع أبيه وزوجته- وينقى من ألاعيبه التي تزيد من احتقاره لذاته "أمام محمد بك المحامي"، تظهر تلك المشاعر على مهل من بين إنكار ومكابرة"كنفيه لحب الغجرية أو افتقاده لأمه" أو إفراغ لما أتلف مشاعره كالحب المشروط أو الحنان الناقص، لتظهر نقية "كحزنه على البط المهروس من الأفيال" تلفت الأنظار "حتى ولو بإخراج لسانه أو تبول" للأمير فيحتضنه، أو ينجذب لياقوتة شبيهة "نادية" تحاول هي الأخرى مثلما يحاول.

الخلاصة: عمل جميل بسيط، لكن تأملاته قوية جدا تستحق الوقوف عندها وتحليلها.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق