سارقة الأرواح > مراجعات رواية سارقة الأرواح > مراجعة Sylvia Samaan

سارقة الأرواح - محمد إسماعيل
تحميل الكتاب

سارقة الأرواح

تأليف (تأليف) 4.3
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

جِنِّية الشغل

التي ما إن تفانيت في إرضائها التهمت روحك وسرقتها دون حتى أن تشعر !

في عمله الروائي الثالث، كالعادة أمتعنا المهندس الروائي محمد إسماعيل عمر بعد تجربتين سابقتين معه في روايتين تناول فيهما أزمة الهوية وصلابة الإيمان والمبادئ التي لا تتجزأ.

أعجبني فيهما التنقل بالمشاكل خارج نطاق الوطن ليطوف بنا مرة في الصين والأخرى في الجزائر.

أما في روايته الثالثة التي نحن بصددها الآن فهي داخل أروقة العمل، بل في حيز مبنى واحد بطوابقه الثمانية، مبنى يعود لتلك المؤسسات الضخمة التي تشعر بالمهابة حين تمر من أمامها وقد اختارها الكاتب لتكون إحدى شركات البترول وتحمل اسم بتروجلوب، مكتبها الإداري الرئيسي في لندن إلا أن فروعها منتشرة في الأرجاء وهنا يقبع أحدها، كيان ضخم كثقب أسود يبتلع من يدخل إليه ويسلب روحه.

الفرع المصري الذي يرأسه وليد البدري لكن طيشه وتستره على الفساد بل وتحت قيادته أحيانًا، بالإضافة لنرجسيته قد أطاحت به خارج أبواب البناية بل خارج نطاق الشركة بكل فروعها، ليمضي ما بقي من حياته في أروقة أخرى، ليس فقط خسارته على المستوى الشخصي حيث فقد أعز علاقاته الشخصية من صداقات كان قد كونها على مر سنين مضت.

بدأ إسماعيل روايته بصفقة تفكرت فيها نيڤين وعرضتها على الاستشاري الإنجليزي ليسهل لها إنهاء مدة عملها قبل عامها الستون بعدة أشهر لتحصل على مكافأة مجزية تضمن لها رغد العيش وتدريبها ليارا ونقل خبراتها لها لتحل محلها بعد انتهاء الصفقة.

لم تمر شهور التدريب مرور الكرام، فبينما كانت نيڨين تلقن يارا مهارات العمل، لقنتها أيضًا كيف سرق العمل من عمرها وأوقات تمنت بشدة أن تعيشها من جديد لأنها لم تعيشها حين مرت وقتئذ.

لم يكتف مؤلف العمل بعرض ما يُدار ويُحاك من فساد وصفقات داخل تلك المؤسسات العملاقة ذات البريق الوامض، بل غاص بنا في أعماق نفوس بشرية حملت من الضغائن والأحقاد والطموح ما كان سبب شقاء لها.

لكن في النهاية لا شئ مجاني ولا كل ما يلمع ذهبًا. والرعاع ليس كأولاد الأصول، بل هناك نفوس معقدة تتغذى على الصراعات والتحديات، لا تتهلل إلا بكسر الآخرين.

لذا؛ فأحيانا لا تكفي الخبرة للترقي بل أحيانا يجدر بالشخص الاتسام بالدونية ليجتاز العقبات بسرعة أكبر.

كالعادة صاغ إسماعيل أفكاره بعربية فصحى فخمة للغاية إلا أنها تمتاز في ذات الوقت بسلاسة التراكيب ووضوح المفردات

وفي قالب سردي رائع لا يمكنك معه الشعور لوهلة بشئ من الملل، أراه قد تفوق على نفسه هذه المرة لتمايز الشخصيات عن بعضها كليًا رغم تعددها.

دعوني أستعرض معكم بعضًا من الاقتباسات التي راقت لي:

وأستسمحكم عذرًا إن أطلت في ذكرها فإني ببساطة أجدها سفيرة تحمل نفحات من منشأها وأصلها وهي أجدر بالذكر من رأيي المتواضع.

❞ الروتين هو غاية أمل من يميل إلى السكون، حتى المنغصات التقليدية لا تقضُّ مضجعَه، بالعكس هي ما تمنح حياته مُكسِّبات طعم صناعية تُشعره بأنه يفعل شيئًا. ❝

❞ ببلوغك الستين تصل مُدَّخراتك إلى ذروتها، بعد التقاعد تبدأ ثروتك في التآكُل بطبيعة الحال. أما الحكمة فإن لم تزد فهي لا تنقص بالمشاركة. ❝

❞ الشعور بالاستحقاق نادرًا ما يصيب مَنْ هُمْ جديرون به. ❝

‏ ❞ شاءت قدرته أن توافينا الحكمة بعد أن تأتي الحماقة على أخضرنا ويابسنا

❞ نحن نرتبط لا إراديًّا مع مَن يشتركون معنا في الصفات. ❝

❞ الأثرياء كالفقراء لا يملكون رفض المال. فقط متوسطو الحال هم مَن ينعمون بهذه الرفاهية. ❝

❞ ليس بالثواب والعقاب فحسب تضمن ولاء مَن تريد؛ فصيد البشر والأسماك يشبه كثيرًا العزف على الآلات الوترية، حركات معدودة متاحة على الخيط الواحد، فقط الترتيب هو ما يفرق بين السيمفونية والعبث. ❝

❞ للحكاية غواية كأوشحة (سالومي) السبعة، تكشف عن خباياها ببطء وبحسب توقيتاتها هي. فإن خلعت كل ملابسها في أول الرقصة لما استمتع (هيرودس) بعرضها وما قتل يوحنَّا من أجلها". ❝

❞ أغلب أصحاب المناصب هم دُمى جوفاء لا يملكون من العلم إلا النَّزْر اليسير وقلوبهم خاوية. ضمائرهم تستطيع إيجاد مبررات منطقية لفظائع يأتونها لصالح العمل. ❝

❞ ما أمتع من سماع خبايا تاريخ مَن كنت تعدُّهم من العظماء، تستمع لزلَّاتهم وتعرف كم كانوا ضعافًا. قصص كتلك ُتضمِّخ مسامعك بعبقها وتلقي في روعك أنك مثلهم إن لم تكن أفضل. ❝

❞ الحب المتبادل كالعقد، أما حب الطرف الواحد فهو كوثيقة التنازل، بتوقيع واحد فقط غير مُلزِم للطرف الآخر. ❝

❞ تسلُّق السلَّم الوظيفي يشبه صعود الهرم، القاعدة كبيرة وتتسع للجميع، لكن الأماكن تضيق كلما ارتفعنا، وكما يحب البؤس الصحبة يفضل النعيم الوحدة. ❝

❞ هل تعرف شخصًا لن يريحه الموت من أعباء الحياة؟ صدقني مَن يستحق بكاءَنا هو مَن لم يُصبه الدور بعد، أما من مات، فقد استراح. الموت راحة بالطبع، لكننا نحن من نجعل من الحياة شقاءً… ❝

❞ ينفضُّ من حولك الكاذبون عندما تنتهي المصلحة. ❝

حتى الآباء لا يوزعون حبهم بالعدل بين أولادهم، فقط يحاولون إخفاء تفضيل أحدهما على الآخر.

❞ مديري الشركات الضخمة كالساسة لا يجب أخذهم على محمل الجد. حتى إن صدقت أرقامهم فتحليلاتهم مُغرِضة.

هي بنفس أهمية تعليمات السايس. يقف بشموخ ولا يكفُّ عن إلقاء التوجيهات ويشير بيديه آمرًا. مَن يراه من بعيد يظنّك لن تستطيع صفَّ سيارتك لولا مساعدته بينما أنت في الحقيقة لا تلقي بالًا لما يقول، هكذا هو. ❝

❞ أن الوظيفة لا تعطي بقدر ما تأخذ، وأن ما تُقرضنا إيَّاه من نفوذ تسحبه يوم تتخلى عنا، فلِمَ لا نسبقها بالتخلِّي ونستغنى عما هو زائل؟

❞ قد يتكاتف البعض من أجل إحباطك، وربما ينجحون أيضًا، لكن هزيمتك الكاملة تحتاج لتواطؤك أنت شخصيًّا معهم. ❝

❞ الكل بداخل مطحنة عملاقة، أيًّا كان موقعك منها فأنت تدور مع النصل حتى يأتي دورك فتسقط في مركز الإعصار، وتظل تنسحق حتى تصبح مشاكلك الشخصية هي آخر ما يشغلك. ❝

❞ الغضب سهل، لكن القوة تكمن في التحكم في النفس عند الغضب. ❝

❞ تذكَّر دومًا أن هذا سلوك الغزاة، يؤمِّرون سفهاءَهم ويُكدِّرون الرعية..ويطيحون بالأمراء الأصليين.

❞ النقابات في الخارج تتصدى لبطش المديرين والشركات بينما تهتم عندنا بالمصايف وكوبونات العلاج ورحلات الحَجّ والعُمْرة. ❝

❞ كل الأفكار تبدو نَيِّرةً حتى تختمر ❝

❞ لا تخشى السقوط وأنت في القاع ❝

❞ الرواتب الخيالية تُدفع لمن يستطيع أن ينسب لنفسه نجاحات لا يعرف كيف حدثت، أما من يحقق للشركة ما أُنشئِت من أجله فلن ينالوا إلا الكفاف. ❝

❞ عند الميلاد نولد بقلوب تشبه أعقابنا ثم تكتسبُ جميعًا غلظةً تزداد مع قسوة الوطء حتى تستتر تمامًا وراء لحاءٍ سميكٍ ميت. ❝

❞ يبدأ الصراع من أجل البقاء مع انتهاء الزاد، هنا فقط يبحث القوي عن أخيه الأضعف فيأكله ليزداد شراسةً وحجمًا، فلا يبقى إلا الأقوى والأشرس الذي ينتهي به الأمر بأن يموت وحيدًا جائعًا إن كُتِبَ لك أن تشهد هذا الحدث فاهرب، كيلا تتحول إلى فريسة أو وحش❝

‏ ❞ حقًّا لماذا نذكر الحزن القادم عند الفرح ولا نستبشر بخير قادم إن أصابنا الغم؟ ❝

‏❞ الفاسد الذكي مطلوب ومحمود وجوده في المنظومة، الفاسد المفضوح هو من ينكَّل به يا صديقي. ❝

❞ العدو العاقل خير من الصديق الجاهل الغبي الأرعن. ❝

❞ تؤلمك اللطمة أكثر إن أتتك على حينِ غِرَّة. ❝

❞ الحكايات تُروى عن الملائكة والشياطين، أما الخدم فنادرًا ما يُذكرون ❝

‏في النهاية لا يسعني إلا أن أشكر الكاتب على مقدار المتعة التي نُلتها أثناء قراءتي للعمل متمنية له المزيد من التألق والنجاح.

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
اضف تعليق