يقول العم خيري شلبي في تصدير الرواية:

"إن كل ما كتبته من قصص وروايات أنا في الواقع أغوص فيها على صعيد الوقائع الحياتية، فأكاد أزعم بالفعل أن كل ما كتبته من رواية أو حتى أقصوصة من نصف صفحة كان تجربة فنية نابعة من تجربة حياتية."

وذلك ستلمسه بكل تأكيد في حكايات عم خيري شلبي عموماً، وتكون واضحة جلية في هذه الرواية، التي ستضيف إلى قائمة الشخصيات المثيرة للاهتمام شخصية عم أحمد السماك، قاطع الطرق والحرامي الذي تاب عليه ربنا وأنصلح حاله، وأصبح سماك قد الدنيا، بعدما تمرمط وتمزق وتبهدل بالطبع، لكنه في كل الأحوال حامداً وشاكراً، فسبحان مُبدل القلوب من حال إلى حال.

يمر العم أحمد بحالة غريبة عند نومه في وقت قبل الفجر أو العصر، فهو يرى منامات أحياناً تكون مفهومة ولكنها مُقبضة، وأحياناً تكون بلا معنى ولكنها مُحيرة، والأكثر إثارة أن تلك المنامات/ الأحلام، تُصبح بشكلاً ما حقيقة، سواء بشكلها الحقيقي، أو الرمزي، وكل قصة لها مثال على ذلك، وكل قصة كنت أتعجب من جمال الربط بين المنام والواقع، وذلك السحر المُكمل لهم وهو سرد "خيري شلبي" الأكثر من رائع.

"نحن دائماً هكذا، لحظات فرحنا غير خالصة، مشروخة مشروخة، إن لم يكن في الأمر نكد فإن نفوسنا تستدعيه من الهواء الطاير في لحظات الفرح بالذات، كأننا نستكثر على أنفسنا لحظة روقان ولو عابرة."

تلك الحكايات الساحرة كانت تحتاج حكاء بارع، يستطيع الخلط بين بيئة الشخصيات وما يمروا بهم، التعبير عنها بأبسط الألفاظ، رغم عمق الفكرة والحكاية، تستطيع أن ترى في كل حكاية مغزى خلفها، سواء كان سياسي أم ديني أم اجتماعي، طريقة السرد لعم خيري فريدة للغاية، فأزعم أن أسلوبه لا مُشابه له، تلك العامية بالفصحى، التي يتميز بها، الملائمة للشخصيات، وتجعلك تنحشر حشراً في وسط الأحداث. وتكون المحصلة النهائية هي المتعة والوقوع في غرام كتابات العم خيري.

بكل تأكيد يُنصح بها.