تشريح الرغبة > مراجعات رواية تشريح الرغبة > مراجعة سُلوان البري

تشريح الرغبة - ريم نجمي
تحميل الكتاب

تشريح الرغبة

تأليف (تأليف) 4.2
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

(تشريح الرغبة.. رسائل بطعم الألم)

★★★★★

«رغم أني قادرٌ علىٰ كتابة الروايات، لكنني أعجز عن كتابة حزني!»

★★★★★

..هل فكرت يومًا يا عزيزي القارئ لم يتبادل الناس الرسائل؟!

و ما الغرض منها؟!

.. حسنًا ربما للوهلة الأولىٰ ستتصور أن سؤالي ساذج وأن إجابته بديهية وواضحة، وربما ستضحك أيضًا وأنت تُجيب بكل هدوء أن الإجابة: هي رغبة الإنسان الأزلية في التواصل مع غيره من البشر! ولكن إن كانت هذه إجاباتك فدعني أُبلغك أنها إجابة ناقصة وفي بعض الأحيان ستكون خاطئة أيضًا! نعم يا عزيزي.. خاطئة ولا عجب فيما أقول. لأن الرسائل لا تُكتب رغبة في التواصل مع الطرف الآخر دائمًا؛ ففي أحيان كثيرة تُكتب رغبة في الإيلام والإيذاء.

وإن أردت برهانًا علىٰ نظريتي سيكون عليك أن تطلع علىٰ رواية (تشريح الرغبة) للكاتبة/ ريم نجمي أولًا؛ لأنك ستعلم بعدها كيف يمكن للرسائل أن تتحول لسكين صدئة يطعن بها المرسِل قلب المرسَل إليه في جريمة متكاملة الأركان؛ ولكنها -مع كل أسف- جريمة لا عقاب عليها!

لأن الموت فيها معنوي وليس ماديًا.

فالمطعون سيحيا بعدما تلقىٰ الطعنات المتتالية والمباشرة في عمق قلبه؛ ولكنه لن يموت!

سينزف ألمًا كبديل للدماء، ستطعنه الكلمات عوضًا عن السكين، ستتحول روحه إلىٰ جثة، وسيتعفن قلبه ولن تُشتم حتىٰ رائحته العطنة؛ سيتم كل هذا في صمت وسيمر دون أي عقاب.. لأن الجريمة حينها ستكون غير مرئية!

وكذلك الموت أيضًا!

ولن يتبقىٰ ساعتها سوىٰ شاهد وحيد يُدعىٰ الألم، الألم الذي سيُذكر صاحبه في كل مرة يطمح فيها للحياة أنه قتيل الكلمات.. الكلمات التي لن تُنسىٰ وستبقى قابعة ومسطورة داخل رسائل الآخرين، لتتحول بمرور الزمن لرسائل بطعم الألم.

★★★★★

«لكن المعرفة تساوي الألم.»

★★★★★

لو كنا نعلم ثمن المعرفة منذ البداية هل كنا لنستمر في رحلة التفتيش عنها؟!

علىٰ هذا المنوال تبدأ رحلة بحث (يوليا) السيدة الخمسينية التي نشاركها رحلة البحث عما مضىٰ من عمرها بين سطور رواية (تشريح الرغبة) فنراها أمامنا سيدة تائهة تبحث عن رفيق رحلتها (عادل) في أنحاء الذاكرة المنسية، تبحث عنه مرارًا وتكرارًا إلىٰ أن تعثر علىٰ نسخة قديمة منه، نسخة الفتىٰ المغربي الشاب الباحث عن الفرصة والحلم في بلاد الغرب البعيدة. الشاب الذي أُغرم بها ذات نهار قبل خمسة وعشرين عامًا، الشاب الذي وعدها بالسعادة والأبدية، إلا أن رحلة البحث تنتهي بالإفاقة علىٰ الوجه الآخر للشاب المحبوب.. وجه الرجل الخمسيني الواثق من ذاته لدرجة تصل إلىٰ حد العجرفة. الرجل الذي ما عاد حبيبًا ولن يعود شابًا.. ولكنه وبكل تأكيد سيصير جلادًا يُعاقب ضحيته علىٰ محبتها وإيمانها به ذات يوم!

هكذا وبكل بساطة تذهب بنا الرواية في رحلة طويلة تتجاوز الثلاث مائة صفحة لنرىٰ فيها المعنىٰ الحقيقي للغدر والنكران حين يتمثلان في شخص إنسان؛ ونرىٰ أيضًا فيها الحدود اللانهائية للألم البشري وكيف للاثنين أن يجتمعا في رواية.

اما عن تفاصيل الرواية فقد دونت بعربية رصينة ونقلت لنا الكاتبة أحداثها تفصيليًا وبكل دقة يستطيع القارئ بعدها أن يُصدر حكمًا واعيًا عن الشخصيات.. ويُحسب للكاتبة أنها لم تنحيز إلىٰ أي شخصية روائية واكتفت فقط بأن تنقل لنا فحوىٰ الرسائل الذي سيبنىٰ عليه فيما بعد حكم القارئ وتقييمه.

..أما عن نوع الرواية فهي تنتمي لأدب الرسائل وما يعرف بأدب الانفصال أيضًا.. وهو فرع أدبي يتخصص في نقل التجارب الإنسانية المتعلقة بفراق الأحبة ويتركز مضمونه في نقل تفاصيل العلاقات البشرية ووصفها بكل دقة وإيضاح.

...ونهاية أرشح هذا العمل لمحبي وهواة عالم الرسائل.. خاصة من يرونها شيئًا رومانسيًا جذابًا صُنع خصيصًا من أجل الأحبة! لأن نظرتهم الأفلاطونية ستتغير كلية بعد قراءة هذه الرواية.

★★★★★

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق