أم ميمي > مراجعات رواية أم ميمي > مراجعة إبراهيم عادل

أم ميمي - بلال فضل
تحميل الكتاب

أم ميمي

تأليف (تأليف) 3.9
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

ما فعله العيّان بـ أم ميمي ..

بلال فضل حكّاء بارع، من طراز خاص، والذي قرا له قصة أو اثنتان من أيِ من مجموعاته القصصية السابقة لاشك يدرك ذلك ببساطة، ويعلم يقينًا أنه قادر على سحبك لعالم من الحكايات الواقعية المصرية الشعبية وغير الشعبية، وأن يجعلك تضحك من همومك كلها دفعة واحدة، كل ذلك مصحوبًا بالنقد اللاذع للسياسة والسياسيين من حينٍ لآخر، ولكن هذه المرة في روايته الأولى (والتي يبدو أنها الحلقة الأولى فقط من سلسلة روايات) يبتعد قليلاً عن عالم السياسة ليغوص أكثر داخل الطبقة الشعبية المصرية التي يبدو أنه عانى منها الكثير وأصبح خبيرًا بعالمها وبلاويها بشكل كبير,

لايمكن أن يتخيّل القارئ من بداية هذه الرواية ما سينتهي إليه الحال ببطلها، ولا أظن أن أحدًا لم يخطر بباله أن رحلة شاب وافد إلى أول سنوات تعليمه في جامعة القاهرة ستكون مقتصرة على رصد حياة وتفاصيل أسرة واحدة يقع في حظها العاثر هي أسرة أم ميمي وجيرانها المشبوهين، ولا أن التخلص من عالم هذه الحارة وبلاويها التي يجد نفسه متورطًا فيها لن يكون إلا بشبهة أخرى تليق بهذا الوقت من أوائل تسعينات القرن الماضي، حيث نشاط الجماعات الإرهابية وما إلى ذلك.

الجميل في هذه الرواية ليس فقط جرعة السخرية ومزج العامية الشعبية بالفصحى التراثية (تلك اللغة الخاصة التي يبرع في استخدامها بلال فضل في مقالاته وقصصه على السواء) ولكن أيضًا تلك السيناريوهات المتخيلة التي بدأت في الثلث الأخيرة من الرواية والتي يضع فيها القارئ مع كل ورطة أومشكلة تحدث لبطل الرواية، مجهول الاسم طبعًا، وتجعلنا متشوقين ومشدودين لمعرفة أي تلك السيناريوهات الذي حدث بالفعل، كل ذلك والرواي والذي مشغول بحكاية التفاصيل والأحداث كلها بنفسه، وبين الحين والآخر يخاطب القارئ أو جمهور القراء بشكل خاص وهو أمر لو تعلمون عظيم.

في الرواية أيضًا توثيق هام، ولاشك، لفترة من فترات مصر المعاصرة، وهي التي حددها الكاتب بعام 1991، وسيلحظ القارئ ولاشك أشياء كثيرة تغيّرت منذ ذلك الوقت (الذي ترونه قريبًا وماهو كذلك) وحتى أيامنا هذه، كما سيتعرّف من خلالها على وجه آخر مجهول لمصر الأخرى التي تختبئ خلف شرع الهرم.

((في جميع الأحوال أنام وأنا أشعر أني هارون الرشيد بجلالة قدره، وقد غلبته التخمة من فرط التهام الثريد المتروس بقطع لحم الضأن الذي أعقبه بالتحلية باللوذج والفالوذج، وقد تحقق لي كل هذا بجنيهين ونصف فقط لا غير، ضع عليهم سبعين قرشًا بالكاد للمواصلات، ونصف جنيه للإفطار، يعني ثلاث جنيهات ونصف الجنيه في اليوم، يعني مائة وخمسة جنيهات تقريبًا في الشهر، ضع فوقها ستين جنيهًا للإيجار، يعني مائة وخمسة وستين، بالكثير مائة وخمسة وسبعين جنيهًا هي ميزانيتي الشهرية الحتمية التي يجب ألا أحيد عنها إلا في الشديد القوي.

أضف إلى ذلك الـ 75 قرشًا التي أخصصها كل أسبوع لشراء مجلة روزاليوسف ليلة كل سبت من سوبر ماركت بوتة ودبة القريب من البيت، والتي كنت أعتبرها جزءًا من مستلزمات التطور والقدرة على مقاومة رزالة الحياة، مثلها مثل ال150 قرشًا التي كنت أدفعها كل خميس في شباك الأهرام المجاورة لمعهد السينما، ليس لأنها كانت الأقرب لي بل لأنها كانت تنتمي لفئة "سينمات الدرجة الثانية" مما يجعلها أرخص من سينما رادوبيس الصيفي المنتمية نظريًا لفئة الدرجة الأولى!))

لاشك أن "أم ميمي" وحكايتها لن تذهب عن ذهن القارئ بسهولة أبدًا، ربما تتوه منّا تفاصيل الحكاية بعد مرور السنوات، ولكن سيبقى الأثر، وفي ظني أن هذا ما تفعله الروايات الجميلة دومًا، والجميل أيضًا أننا موعودون بمتعة خاصة جديدة ومغامرة جديدة في حارة سمكة كما ذكر بطل الرواية في آخر سطرٍ منها، لو عشنا وكان لينا عمر.

..

Facebook Twitter Link .
28 يوافقون
6 تعليقات