رواية ليطمئن قلبي لكاتب أدهم الشرقاوي338صفحة .

رواية جميلة وقيمة بمحتواها الرائع من مواضيع إجتماعية وإنسانية مهمة ،وكذا نقاشات فكرية عميقة دينية عقائدية ،إقتصادية ...حتى أنك تحتار في أي رف ستضع الرواية .

بدأت الرواية برسالة خطها الكاتب الى حبيبته "وعد" أو لمن كانت حبيبته في الحقيقة ،ليذكرها بحكاية حبهما السابق ،وليقص عليها كيف بدأت علاقتهما مع بعض في تلك الحافلة التي جمعتهما حتى مع أناس آخرين ،تختلف أعمارهم وحكاياتهم وهمومهم وآلامهم والتي نقلها الكاتب بين ثنايا الرسالة .

في البداية لا أنكر أن الرواية لم ترق لي ،بسبب كونها كانت قريبة جدا من أسلوب ومضمون رواية نبض؛ في تغزله بها ووصفها لكن مع التعمق أكثر ومع الإستمرار في القراءة وجدت أنها مختلفة عنها وأن ذلك الحكم الذي أطلقته يشكل فقط بدايتها.

اعتمد الكاتب على أسلوبه الجميل والممتع في السرد ،وكذا طريقته الرائعة التي تجعلك تتعلق بما يكتب أكثر ألا وهي أنه لا يكتفي في روايته هذه بالموضوع الرئيسي فقط قصة الحب بينه وبين وعد وغزله بها ...إنما يتطرق أيضا الى كثير من المواضيع المختلفة المجالات فقد تحدث مثلا عن :

قصة الخالة آمنة تلك المراة التي نخر مرض السىرطان جسدها وعظمها، ليجسد لك أسمى معاني الصبر والرضى فيها .

تحدث أيضا عن الحب بمفاهيمه المتعددة، فتكلم عنه من وجهة نظر العشاق ،من وجهة نظر الشعراء ،تكلم عن حب النظرة الأولى وإمكانية تصديقه من عدمها ،ليختمها بوجهة نظر الإسلام في كلام الأئمة والعلماء والصالحين ...وكل ذلك جاء في قالب فلسفي يجمع بين المنطق والعقلانية وكذا الشاعرية الجميلة والراقية .

أكثر ما أعجبني وجعلني ألتهم أسطر الرواية دون ملل هو تلك النقاشات الفكرية العقائدية التي جاءت في شكل جولات بين شخصيتين :هشام المثقف والمشككك في الدين والذي أقر بإلحاده لاحقا ،وبين ماهر طالب الشريعة الذي كان حقا ماهرا بوعيه ودقة ومنطقية ردوده الراقية بأسلوبها المهذب على أسئلة هشام وشبهاته التي كان يلصقها في الإسلام دون فهم، كما يفعل ملحدوا اليوم الذين يكتفون بحجج سطحية ليفندوا الكثير من الأمور .

وأرى ان أدهم الشرقاوي قد أبدع حقا في هذا الجزء، سواء من ناحية كيفية طرحه للأسئلة بكامل فروعها وحيثياتها بكل صدق وأمانه ،وكيفية الإجابة عليها بإجابات منطقية، حاسمة وواضحة يجمع فيها بين مخاطبة العقل والوجدان في قالب أدبي رائع ومشوق .

بالإضافة الى هذا كله عالج أدهم موضوع الأنظمة الأقتصادية التي سيطرت أو لا تزال تسيطر على عالم لحد الان :الرأسمالية والإشتراكية مبينا الفروق بينهما من حيث المبادئ ،الإيجابيات على قلتها ،السلبيات ...ليختم بنظام الإسلام كنظام عادل متكامل .

كما أشير باختصار الى باقي المواضيع التي طرحها :

سيطرة آراء الأب على حياة أولاده -خاصة البنات -في نظام الأسر القديمة حتى ولو كان ظالما من خلال قصة أحمد .

حلم الإنجاب والأمومة عند النساء اللواتي حرمن منها ،وما يعانينه من باقي الأمهات ،ما يعتريهن من أحاسيس حرمان ونقص خاصة مع أزواجهن الصابرين وغير الصابرين على عقمهن، من خلال قصة ريحان وماعانته وكيف كان ختام قصتها كعاملة في دار ألأيتام ليبين حكمة الله في قدره .

موضوع الكتابة ودور الكاتب ومهامه في نقل الحقائق ومذا نقل إبداعاته ...

وفي مضامين هذه المواضيع عرفنا على بعض الجوانب من حياته ،كتخرجه وعمله وكذا حياة وعد التي كانت تظهر بين ثنايا كلماته وكأنها تخبئ شيئا ما لتكشف قصتها في الأخير أنها إمرأة متزوجة من رجل لم تحبه تحت ضغط أسرتها فيخدع الكاتب في حبه هذا وتنصدم أنت كقارئ من هكذا نهاية .

قيمت الكتاب بأربع نجمات :أحد الأسباب ذكر سالفا الشبه والتقارب في بداية الرواية من رواية نبض، اما السبب الثاني فهو التسارع في الأحداث والذي شهدته في نهاية الرواية كيف انتقلنا من مشاعر الحب والرومانسية الى كره ثم انفصال تام .

على العموم رواية جميلة ثرية تجعلك تستمع ببنقاشاتها الفكرية واختلاف وتنوع مواضيعها أنصح بها ❤.