لا أعلم كيف أعرّف هذا الكتاب، فهو ليس خواطر ولا مجموعة قصصية ولا منشورات فيسبوك. فقد كان خليطاً من كل ذاك.

كان النصف الأول من الكتاب رائعاً وفيه الكثير من القصص المشوقة ذوات النهايات الصادمة أو المؤلمة أو المضحكة. كان مزيجاً من الواقعية والكوميديا السوداء التي تسلط الضوء على مشاكل وقصص المجتمع وتجارب الأفراد وحكاياتهم بأسلوب ممتع وسلس ومحبب وقريب من القلب. بعض القصص أحببتها جداً وبعضها الآخر كان عادياً فمررت عليه مرور الكرام.

ظل هذا الكتاب يعترضني في الكثير من الأوقات وكنت أتجاهله في كل مرة لكون المراجعات أغلبها منصباً على ذم اللهجة العامية التي كتب بها الكتاب.

ولكن ظهر رابط الكتاب أمامي مرة فقررت تحميله والبدء به كيفما اتفق، لأفيق عند الصفحة الأربعين وأقرر الاحتفاظ به وإكماله.

للمرة الأولى أقرأ كتاباً بالعامية دون أن أعترض عليها. ربما ساهم كونه مكتوباً باللهجة الأردنية القريبة من لهجتي الشامية في جعل فهمه أيسر ولغته أقرب إلى القلب، وربما كون قصصه واقعية وحياتية جعل من الأفضل كتابتها كما حكاها أصحابها وكما نراها في المجتمع. ولكن على العموم لم تزعجني اللهجة العامية أبداً على غير العادة.

غير أن النصف الأخير من الكتاب، وخصوصاً بعد قصة مأمون القانوني، بدأ بالانحدار في المستوى الأدبي حتى صار فعلاً عبارة عن منشورات فيسبوك سخيفة من النوع الذي إن مررت عليه فسأتجاوزه سريعاً.

لو أن الكاتب أنهى الكتاب عند قصة القانوني لكان أجمل بأشواط، ولكن كان واضحاً أنه كان يحاول المضي مع موضة تطويل الكتب بلا داع، فحشر هذه الخواطر لمجرد زيادة عدد الصفحات، دون أن يدري بأن هذه الخواطر بالذات هي ما ساهم بإنقاص معظم القراء لتقييمهم، كحالتي.

على العموم، كان الكتاب جيداً وخفيفاً ومسلياً، قرأته كاستراحة بعد كتاب علمي معقد يدور معه الرأس.

ثلاث نجمات للنصف الأول الرائع، ولا شيء لكل ما بعده.