🔷كتاب الحداثة السائلة لكاتبه البولندي " زيجمونت باومان " سأحاول في هذه الأسطر التطرّق إلى أهم النقاط التي ذُكرت و سرقت أعيني للتركيز فيها .. قراءة ممتعة أتمنى أن تترك تعليقا تُبدي فيه رأيك كتنويع للمحتوى و تدعيم لنا ...
_____________________________________________
☑️خرَج لنا زيجمونت باومان في كتاب الحداثة السائلة بمصطلحين جديدين عرفهما بنفسه ؛ الحداثة السائلة و الصلبة ؛ عرّف الأخيرة على أنها سيادة العقل على كل شيء ؛ فيعمل على تبديلها بمفهوم آخر و هو ما بعد الحداثة وهي مرحلة تفكك المفاهيم الصلبة والتحرر من كل الحقائق والمفاهيم والمقدسات و النصوص الدينية و التي سمّاها بالحداثة السائلة و وُضّحت هذه الأخيرة على أنها لا تسعى نحو الكمالية بل تقوم على عملية التحديث لكلّ نموذج أو مفهوم أو أي أمر يتعلق بالحياة فلا يوجد نموذج نهائي و هذا ما نراه في المصطلحات و التعريفات التي عاصرت ما بعد الحداثة كأبرز دليل على كلامي حيث أصبح يعيش الباحث فوضى المفاهيم في دائرة مفهوم واحد ؛ و ما ذُكر سابقا هو خلاف للحداثة الصلبة التي كانت قبل الحرب العالمية الثانية التي كانت ساعيةً نحو الكمالية ؛ و من هاذين الشقّين للحداثة انطلقت فكرة السيولة التي كانت في أغلب كتبه وهذا المفهوم هو من اشتقاقات زمن العولمة وعالم ما بعد الحداثة و يستطيع المطالع لهذا الكتاب و المتخصص في مجال العلاقات الدولية أن يشبّه الحداثة الصلبة و السائلة بما يسمى بالخشونة و النعومة في العلاقات السياسية الدولية .
☑️كان للكاتب حديثٌ جلي حول موضوع التحرر حيث رأي أن الكثير من الناس تخاف من أن تكون أحرار فالحرية بشقّيها هي نعمة باعتبارها حاجة غرائزية في النفس البشرية ؛ و نقمة لوجوبية توفّر الوعي و المسؤولية و النضج ليستطيع المرء أن يكون حرًا و هذا ما استشهده باومان في فكرته بمقولة "هيرين سيباستيان " حيث قال أن الحقيقة التي تجعل الناس أحرار هي تلك الحقيقة الأهم التي لا يحبذون سماعها "
و في زمن التحرر هذا تمّ إعلاءُ قيمة الفرد حتى أصبح أعلى من الجماعة و أصبح فرداني في مُجتمعه و هذا حسبَ نظري يشكّل خطراً على المُجتمع بمفهومه الحضاري الذي صاغه مالك بن نبي في كتابه ميلاد مجتمع و هذا ما أدّى إلى تراجع الخير و الهم العام وكل ما يتعلّق بالمُجتمع الإنساني أمام تغوّل الفردانية و الشخصانية .
☑️تفرّع زيجمونت باومان في الرأسمالية الحياتية حيث عمل مقارنةً بين التي كانت في عصر الحداثة الصلبة و السائلة ؛ فرأس المال الذي كان في عصر الصلابة يسعى مثلا نحو إبقاء العمال في مكان و توظيف واحد قصد التنظيم المحكم لسيرورة المؤسسة أو الشركة أو ماشابه و لتفادي خسارة الأموال .. لكن في عصر الحداثة السائلة أصبح من الصعب على الموظّف أن يلزم شركة واحدة لمدة قصيرة فما إن وجد إضافة مالية أو تسهيلات أخرى يغيّر المكان و هذا ما يشكّل ضررا للشركة ؛ و هذا مثال واحد على ماقامت الرأسمالية و قد ذكر الكاتب الكثير منها في هذا الفصل ؛ و بالمناسبة يُعتبر الكاتب من أشد المنتقدين و المحمّلين لها مسؤولية ما يحدث و التي كانت سببا في سيولة حياتنا و هشاشة روابطها و لمن يريد التأكد فيما ذكرت فليطالع كتابه " الحبّ السائل " الذي كان له حديث كبير في تداعيات سياسة الرأسمالية التي صنعت إنسانا ماديا مُستهلكا ...
☑️هذه كانت أهم النقاط التي أدركتها ؛ كتاب رائع يحتاج تركيزاً كبيراً و تأنياً في القراءة أنصح به أصدقائي الراغبين في البحث عن موضوع الحداثة و تداعياتها و ما يتعلّق أيضا بالرأسمالية ... بالمناسبة الكاتب لم يُعطي لنا حلولا لهذه المساوء حيث ترك لنا حرية النقد و إيجاد منفَذ للخروج من هذه النقاط السلبية ....أتمنى لكم نفعاً طيّبا عند قراءتكم لهذه الأحرف 💛
#الحداثة_السائلة #زيجمونت_باومان

