غولدا نامت هنا: فلسطين حضور الغياب > مراجعات كتاب غولدا نامت هنا: فلسطين حضور الغياب > مراجعة Osama Qaffaf

غولدا نامت هنا: فلسطين حضور الغياب - سعاد العامري, أيمن حداد
أبلغوني عند توفره

غولدا نامت هنا: فلسطين حضور الغياب

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4.3
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

القدس كما روت سعاد

إذا هربت ، أهرب منكِ

و إذا عدت ، أعود إليكِ

و إذا أحببت شخصاً ، فلحبه لكِ

و إذا كرهت شخصاً ، فلكرهه لكِ

لا تبدو الذاكرة النسوية الفلسطينية أنها كُتبت كتاريخ كلاسيكي ، إنها لا تشبه أكاديميا كتابات الرجال التاريخية . لا تبدو أحاديث النساء في بلاد الشام كأي أحاديث في الوطن العربي ، إنها مسكونة بصوت القاصة المنساب بين مياه الغوطة ، إنه سرد كألف ليلة و ليلة ، يمسح شجرة تفاح نائمة هنا ، يمسك يد طفل شرد هناك بين البساتين ، و يدغدغ كل حواسك ، يرش الملح بحذاقة شامية ٍ تضع حمرة الشفاة على شفتيها الغارقتين بقصص آلاف الكاهنات اللواتي وضعن النجوم على درب النبوءة .

بين صفحات كتاب ( غولدا نامت هنا ) للكاتبة - اليافية من جهة الأب ، و الدمشقية من جهة الأم ، و المقدسية معاشاً و ولادة ، و الساكنة الآن في رام الله لاحقاً - ( سعاد العامري ) ، ذكريات الطفولة و الصبا ، فناجين قهوة مزروعةٍ هنا و هناك ، و طبخات محاشي مقدسية ، و أصوات البيوت المخنوقة في أحياء القدس المحتلة .

تبدأ الكاتبة رحلتها مع ذكرياتها عن القدس و علاقة أبيها و أمها مع المدينة من خلال عمل والدها في إذاعة القدس العربية ، و انتقال الأسرة من يافا إلى منزل آل غوشة في القدس ، تتحدث عن علاقتها مع المدينة و علاقة المدينة مع التاريخ ، و كيف هاجروا مرغمين من مدينتهم الحبيبة .

في الفصل الثاني تسرد للقارئ قصة المهندس الفلسطيني ( أنضوني برامكي ) و تشرح قصة منزله الذي أسماه ( نور عيوني ) و أهداه لزوجته ( إيفلين ) كعربون محبة ، لتشرح من خلال قصته قانون أملاك الغائبين الذي تستغله إسرائيل و باستعمال مؤسسة ( أميدار ) الحكومية الإسرائيلية لتصادر و تدير هذه الأملاك المنهوبة . أهم ما في القضية كان تحويل البيت إلى متحف اسمه ( نقطة ترجمان ) لنشر التسامح دون اي اعتبار للسرقة العلنية لمنزل آل برامكي ، و دون الإشارة حتى إلى أصحابه ، في مسعى مزمن لإخفاء و تزوير تاريخ القدس و طمس هويتها الأصيلة .

في الفصل الثالث تعرفنا على قصة هدى الإمام المقدسية ، و العلاقة التي لا تنتهي مع منزل عائلتها الذي صادره الإسرائيليون ، و بينما تحكي قصتها تذكر مصادرة منزل آل عويضة ، و تجريف مقبرة ماميلا الشهيرة و تقليص مساحتها ، و بطبيعة الحال لا بد أن تذكر القصة التي ارتبطت باسم الكتاب ، فمنزل هارون الرشيد الذي بناه جورج بشارات كان المنزل المؤقت لرئيسة الوزراء الإسرائيلية (غولدا مائير) حين كانت وزيرة الخارجية ، و قد استقبلت فيه (داغ همرشولد) مبعوث الأمم المتحدة ، و قبيل الزيارة طلبت من العمال إزالة اسم هارون الرشيد من واجهة المنزل ، لقد قامت غولدا بما تفعله الصهيونية بشكل ممنهج في القدس و فلسطين ، لقد صادرت المنزل بالقوة و حرمت اهله منه بالقوة وباختلاق القوانين ، ثم طمست التاريخ العربي في المكان و ادعت أن المكان كان إنتاجاً للعبقرية اليهودية ، و المنزل الذي لا يزال صامداً حتى اليوم أكبر عمراً من دولة إسرائيل .

لا تكتفي سعاد العامري بالحديث عن القدس وبيوتها ، بل تتحدث عن الفلسطينيين في الشتات و عن قصص اللجوء و الهجرة ، عن حيفا و يافا ، عن مخيمات لبنان ، عن السجن و الترحيل ، و عن الضرائب ( الأرنونا ) و القوانين التي تمنع الفلسطينيين من تجديد بيوتهم و تحرمهم من السكن فيها .

الكتاب ببساطة جرعة كبيرة من تاريخ فلسطين المعماري و علاقة أهلها مع مساكنهم و أرضهم ، الشوق لبيوتهم و أشجارهم وتاريخهم ، لكن بصوتٍ أنثوي هامس . صوت عميق في ذاكرة أي منا عمق سهراتنا الطويلة مع جداتنا .

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق