الإخوة كارامازوف - الجزء الرابع > مراجعات رواية الإخوة كارامازوف - الجزء الرابع > مراجعة Nàdjwá

الإخوة كارامازوف - الجزء الرابع - فيدور دوستويفسكي
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

هل يمكن أن تَقتُلَ أباَكْ .... ؟ هل يمكنُ أنْ تدفعكَ الظروفُ إلى قتلْهِ .....ِ ؟ أياً كانت هذه الظروفْ هل تفعلهاَ ...؟ حتماً ستقولُ لا و ألفُ لا... لا يمكن!!!

طيب السؤال بصيغةٍ : هل يمكنْ أن تتعاطفَ مع شخصٍ قتلَ أباه أو حتى فكّرَ أن يفعلْ ؟!!!! هنا ربما الأمر يختلف من شخصٍ لآخر ، و هذا باعتقادي ما حاول فيودور دوستويفسكي أن يقوله في روايته هذه #الإخوة_كرامازوف فماذا يعني بقتل الأب ؟!!!

أولا لمراجعة الرواية لابد لنا من إلقَاءِ لمحةٍ عن بعض جوانب حياةِ دوستويفسكي ، ولد فيودور دوستويفسكي في 11 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1821 بموسكو، وهو الابن الثاني لوالديه. وترعرع في منزل العائلة قرب مستشفى ماريانسكي للفقراء والذي يُعتَبر حيّاً فقيراً من الطبقة الدنيا على طرف موسكو ، كان دوستويفسكي خلال لعبه في حديقة المستشفى يشاهد المرضى المُتألّمين، والذين يُعتَبروا أسوأ المرضى حظاً حيث أنهم من الطبقة الدنيا، اطّلع دوستويفسكي على الأدب منذ صغره. في الثالثة من عمره، كان قد طالَع الملاحم البطولية والحكايات والأساطير الخرافية، كُلّ هذا كان عبرَ مُربيتِه ألينا فرولوفنا التي أثّرت عليه كثيراً في طفولته وعندما بلغ الرابعة، قامت أمّه بتدريسه الكتاب المقدس ليتعلم من خلاله القراءة والكتابة. وقد عرّفه والداه بمختلف أنواع الأدب، من ضمنهم الأدباء الروس مثل كرامزين وبوشكين.

إن دخول دوستويفسكي السجن مع الأعمال الشاقة في سيبيريا لمدة أربع سنوات (و هذا بعد ان نجى من عقوبة الاعدام بالرصاص) ربما كانت كفيلة لان يخرج لنا هذا الكم من البؤس و المعاناة في مؤلفاته حيث تركت أثرا عميقا عليه و تخلى بذلك عن أفكاره الراديكالية و أصبح اكثر تقبلاً و احتراماً الأفكار الدينية و المثل التي عرفتها روسيا ، لم يكن دوستويفسكي أبدا ملحداً .

بدأ دوستويفسكي روايته بسؤال جوهري (ما اللافت في أليكسي كرامازوف حتى أجعله بطلاً لقصتي ؟ ماذا إستطاع إنجازه ؟ ما الذي أشتهر به ؟ لماذا على القارئ أن يصرفَ وقتاً لمعرفةِ وقائع حياته؟؟)

إنه سؤال ذكي من دوستويفسكي يجلب بذلك القارئ حتما و يشده و يظل يشغله أيضا لما سيفعل هذا "البطل " حتى ينال هذا اللقب دوناً عن شخصيات الرواية الأخرى. (الحق الحق أقول لكم ان لم تقع حبة الحنطة في الأرض و ت ُمت فھي تبقي وحدھا. ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثیر».

يرى البعض أن تصدير دوستويفسكي كتابه بهذه الآية من الإنجيل ان النفس البشرية و الروسية لن تبعث من جديد الا بعد ان تجتاز أزمة عميقة ؟؟

تدور أحداث الرواية في أجزاءها الأربعة ، الحاسمة و المثيرة في مدة شهر تقريبا!! حول عائلة مشتة ، عائلة فيودور كرامازوف الأب و الأبناء: الأول من الزوجة الأولى ديمتري كرامازوف و الإبنان الآخران : إيفان و أليكسي و يطلق عليه أليوشا كرامازوف من الزوجة الثانية ، و الإبن غير الشرعي سميردياكوف إبن متشردة مجنونة ، حيث الأب فيودور كرامازوف رجل إنتهازي إلاهه المال و صلاته النساء ، عربيد متزلف مهرج في أحيانٍ كثيرة ، و هو أيضا أب غير مسؤول مستهتر سارق لميراثِ أولاده ، بحيث تخلى و بسهولة و عن طيب خاطر بأولاده الثلاث إلى عوائل أخرى لتربيهم و تأخذهم على نفقتها ، لكن ما إن يكبر الإبن الأكبر ديميتري أو ميتيا حتى يصبح عربيد يحب المال و النساء و الفجور تماماً كوالده فيعود إلى أبيه و يطالبه بميراثه بعد أن تم طرده من العسكرية لكن الأب يرفض و بكل حيلة و خساسة منحه شيء من ميراثه و تتعقد الأمور حين يقرر الإبن قتل والده إن منعه من المال و يزيد دوستويفسكي في حبك الرواية و يضيف تفصيل أو حدث آخر و هو وقوع الإبن و الأب في حب نفس المرأة اللآهية العابثة بهما معا من أجل المال للتطور أحداث الرواية و تصل إلى ذروة التشويق بقيام ديمتري بمحاولة قتل والدهِ لكنه يتراجع في آخر لخظة و يهرب متسللاً عبر سور الحديقة و يسرع إلى اللحاق بمحبوبته غروشينكا التي فضلت حبيبها السابق عليه و بينما هو لآهٍ في تحت تأثير الخمر و موسيقى الجوق حتى يظهر ضابط الشرطة و المفتش أمامه لإتهامه بقتلِ ابيهِ و إقتيادهِ للسجن.

✔يظهر جليا من خلال أحداث الرواية و القصة عموما ما في نفس دوستويفسكي من قلق ينبئ عن مشكلات فلسفية و مسائل إنسانية تحيط بفكر دوستويفسكي فتراه ساعة ملحدا لا يؤمن بوجود الله و أحيانا في قمة الايمان و الرهبنة و يظهر ذلك من خلال الحوارات التي جاءت على لسان أبطال الرواية خاصة في حوارات إيفان في بداية الرواية عن علاقة الدولة و الدين (و في حواره مع الشيطان خاصة) ، أليكسي في حواره مع الراهب زوسيما و أيضا حوار سميردياكوف و إيفان ، كما يظهر من خلال أحاديث الشيخ زوسيما مع مريديه في ليلة موته، الأفكار التي ينادي بها في إعتقادي دوستويفسكي من حب الإنسانية و العدل و المساواة بين السيد و الخادم و نبذ العنف و الشر و حديث عن المحبة و الصلاة في قوله الصلاة على الميت تصل روحه فيفرح بها و يباركهما الرب ، أحبوا البشر رغم خطاياهم ، أحبوا خلق الله جميعا حتى النبات و الحيوان فهذا الأخير بدون خطيئة ، عليكم بالرفق و اللين لا يجوز للمرء ان يحكم على أقرانه أو يكون قاضي على من أخطا بل دعه لعذابه و سوف يدين نفسه لوحده ، حديث عن الجحيم و النار الأبدية و تأمل صوفي يتصور أن نار جهنم ليست مادية و لو كانت كذلك فانها تتيح للمعذب أن ينسى العذاب الروحي الرهيب ،حتى شخصية ديمتري ميتيا المتهم بقتل والده يكشف عن شخصية نبيلة محبة مضحية أيضا و هذا ما جعل البعض من المجمتع يتعاطف معه أثناء المحاكمة.

✔دمتري كارامازوف : أظن و حسب ما رود في حواش الرواية التي بين قوسين كانت مفيدة و رائعة إلى أبعد حد حيث يكون إسم ديمتري كرامازوف و هو ثوري حاول قتل القيصر الروسي فيما مضى في إعتقادي ربما تأثر دوستويفسكي به و نسج الرواية و أطوارها و حبكتها على هذا البطل اذن ديمتري ربما هنا يمثل إبن حاول قتل والده العاق و هناك هو بطل حاول قتل القيصر العاق لشعبه!!

✔شخصية الشيخ زوسيما أو الراهب الأكبر ربما هو شخصية حقيقية إلتقى بها دوستويفسكي في حياته الشخصية و أترت فيه بشكل ظاهر و عميق و يظهر من خلال قصة المرأة التي جاءت للشيخ الأكبر تبكي وفاة إبنها و هو نفس السن الذي مات فيه ابن دوستويفسكي و القصة التي رواها الشيخ لمواساة المرأة هي نفس القصة التي واسى بها الشيخ دوستويفسكي في موت إبنه الأصغر أليكسي حسب تصريحات زوجتهِ.

✔تعدد الشخصيات في الرواية و الحوارات الشخصية ، حديث النفس و الهلوسة أحيانا بذلك يُلبس دوستويفسكي نفسه و يتقمص كل شخصية بمواصفاتها الظاهرة ، بأطوارها ، أفكارها و أحاسيسها، يفهم من ذلك أنه غير متعصب لفكر معين بل متطلع و فاهم لكل هذه الأفكار و متسامح معها، بالإضافة إلى ذلك نجد دوستويفسكي الفيلسوف ، الراهب، الملحد ، الطفل ، العاشق ، المحامي و القاضي كله في شخص روائي خارق.

✔التسلسل السلس و الجميل و المثير للأحداث و الحبكة القصصية و الأسلوب الشيق لدوستويفسكي مما يدع القارئ متلهف لأحداث الرواية و ما سيحدث مع شخصياتها ، غير أن النهاية كانت تقريباً مفتوحة فلم نعلم هل نجح ميتيا في الفرار من السجن و الذهاب مع حبيبته إلي امريكا كما خطط له و ماذا عن بقية أبطال الرواية!!تركنا دوستويفسكي للغموض ؟!!

✔لم يكن دور ألكسي أو أليوشا كما أسماه دوستويفسكي بطلاً للرواية بمعنى البطل إلا في كونه كما أعتقد أنه قد نجى من صفات أو الجينات الوراثية لعائلة كارامازوف المشهورة بالعبث و حب المال و النساء .

🔰كانت بحق نادرة و ملحمة و ليست فقط رواية أودع فيها دوستويفسكي، و هي آخر أعماله ، كل إهتمامه عامين من العمر و لخص فيها ما جال في خواطره و في مجال سبر غور النفس البشرية حيث يظهر البؤس و الفرح الخير و الشر الجريمة و العقاب و التعاطف مع الجاني الإيمان و الإلحاد و حوار مع الشيطان كل ذلك عند فيودور دوستويفسكي .

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق