(هل الشعور بالوحدة هي رغبة الإنسان بالأمان وسط الحشود؟..)يشعر البعض منا بالعزلة أو الوحدة في مرحلة ما من الحياة، وقد تستمر لفترة طويلة وتصل بمن يشعر بها نحو حافة الاكتئاب والانتحار، وليس بالضرورة أن يشعر الإنسان بالوحدة لأنّه يجلس أو يعيش وحيداً؛ إذ يختلف تعريف الشعور بالوحدة عن مفهوم البقاء وحيداً، فمن أصعب ما قد يواجه المرء من أحاسيس هو أن يشعر بالوحدة رغم وجود الناس حوله..فكما يقول رفائيل ألبيرتي: ( وحدتك الآن، هناك، في عليائك

ليست وحيدة،

إنها تعج بالسكان،

بالأشياء والكائنات المرئية أبداً

والتي تؤرخها كل يوم

مانحاً إياها عمراً للمستقبل

أنت في وحدتك

بلد مزدحم.. )

في هذا الكتاب تسرد الكاتبة أوليڤيا لاينغ قصتها منذ مغادرتها من موطنها إلى انتقالها لمدينة نيويورك، حيث عشيقها الذي قرر فجأة التخلي عنها لتجد نفسها وحيدة وغريبة لا رغبة لها بالعودة إلى موطنها ولا بالبقاء وكأن هذا الكتاب أتى حصيلة هذه الرحلة التي دربتها على صنع مسافة شاسعة بينها وبين البشر. لاتكتفي أوليڤيا لاينغ عند هذا الحد، بل تتطرق إلى تجارب أربعة فنانين تشكيليين شكلّت موضوع الوحدة واحساسهم بالانفصال عن العالم ثيمة بارزة في أعمالهم.الكتاب بالنسبة لي قدّم تجربة تستحق القراءة كيف يتم التغلب على الوحدة لنجعل من مغامرتنا في البقاء وحيدين مغامرة لذيذة بالنسبة إلينا..في الحقيقة حين اخترت الكتاب لقراءته توقعت أن يكون هذا الكتاب فقط تجربة الكاتبة وليس التطرق لعدة اشخاص عانوا من الوحدة، لكن مع هذا استمتعت وهي تستعرض تجارب الآخرين وتعريفها بشخصيات ربما نعرف بعض من فنونهم لكن لانعرف عن المعاناة التي عاشوها. أكثر ما شدني في هذا الكتاب تطرق الكاتبة عن كارثة استخدام الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في شعور الوحدة.حقيقة هذا الكتاب هو من الكتب التي تجعلك ترغب في قراءة المزيد عن الوحدة وكيف يتم العلاج من الناحية النفسية. كتاب يستحق القراءة