كتاب ممتاز بكل المقاييس، ولكنه لا يصلح لكل قارئ، لأنه متخصص جدا ومتمكن في عدة مواضيع. فهو كتاب في الإيمانيات والإيمان بالله تعالى وصفاته العلى وأسمائه الحسنى ومعانيها، ومنها كلامه الآزلي سبحانه. وهو كتاب في العقيدة، حيث أنه يؤصل في معاني صفات الله تعالى وكلامه الذي يختلف عن كلام خلقه، وما يجوز أو يستحيل أن يوصف به سبحانه. وهو كتاب في الفلسفة الإسلامية، من حيث أنه يناقش موضوع خلق القرآن، وهو موضوع عجز الكثيرون عن الإنتباه له، ناهيك عن فهمه أو استيعابه. وهو كتاب في تفسير القرآن، حيث أنه يفسر آيات لها علاقة بتفسير وفهم آيات مختلفة. وهو كتاب في اللغة العربية وكلام العرب والنحو والصرف، وفهم كلام العرب ومقاصدهم في بعض الألفاظ ومحاملها. وهو كتاب في فنون المناظرة والإستعداد لها وتحمل تبعاتها والإنتباه لتفاصيل محاورها و زواياها. وهو كتاب في التاريخ، حيث أنه يؤرخ لحادثة كبرى حصلت في الزمان الماضي، والصراعات الفكرية و العقدية التي مرت بها الأمة الإسلامية. وهو كتاب في السياسة، حيث يفصل حوادث سياسية و مجالس الأمراء والحكام وما يحدث فيها من نقاشات و شد وجذب وقرب وبعد وثواب وعقاب ومنافع و مخاطر و متغيرات وقرارات وغيرها. فهو كتاب عجيب، و شخصيا، قرأته عشر مرات منذ 30 سنة، ومازلت متأثرا به و أشعر أنه يرد لي الحياة كلما قرأته. ولابد من التفرغ لقراءته والتركيز على الألفاظ و التلاعب بها من قبل المريسي، وثبات الإمام عبدالعزيز على منهجه و عدم خروجه عن الموضوع، والإنتباه لأهم حركة و احتيال في المناظرة، وهي "الحيدة"، ومعانيها في اللغة. فمن تفرغ لقراءة الكتاب و تفاعل معه، أظنه سيحس بما أحسست به من طاقة قوية وتفاعل مع الإمام عبدالعزيز والخطر المحدق به لو أخطأ أو ضعف عن الرد أو قصر في توضيح الحجّة والبرهان، و حرصه على عقيدة المسلمين و ظهور الحق للناس، وحماية الحقيقة من التلاعب و الضبابية و الأهواء. رحم الله الإمام عبدالعزيز الكناني، وتقبل الله من كل من شارك في المحافظة على هذا الكتاب و توصيله إلينا.