في حضرة العنقاء والخل الوفي > مراجعات رواية في حضرة العنقاء والخل الوفي > مراجعة دعد ديب

في حضرة العنقاء والخل الوفي - اسماعيل فهد اسماعيل
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

أزمات مجتمع الوفرة والفورة النفطية يلتقطها الروائي العتيق المخضرم في الصنعة الأدبية إسماعيل فهد إسماعيل في عمله "في حضرة العنقاء والخل الوفي" بادئاً عمله برسالة يخطها البطل لابنته زينب..هذه الرسالة هي مجمل العمل حيث يتغلغل في نسيجه الروائي عبر مونولوج داخلي بين بطله الأساسي "منسي" وشخصيات الرواية الآخرين

منطلقاً من تركيز الضوء على الحلقة الأضعف- الإنسان الفاقد الجنسية والذي اصطلح على تسميته ب -البدون- التناقض المتضمن مستوى اجتماعياً أدنى وتناقضاً طبقياً كذلك..فقدان هوية الانتماء لوطن يسكن في الروح والوجدان هو محرك صراع البطل مع محيطه حيث يصفه ناجي العلي بحنظلة الكويتي ليتسع بالحالة مضيئاً على أزمة الهوية عند الإنسان الفلسطيني المحروم والمطارد والمنفي في بقاع الأرض.بطل الرواية كاتب له اسمه اللامع في الصحافة، وهو مسرحي معروف ساعده على تطوير ملكاته المتعدَّدة اثنان من الأصدقاء ينتميان للفئة المثقفة والواعية بالكويت وهو رغم استقلالية شخصيته وأهميتها يظهر استلاباً تجاه "عهود" المرأة الكويتية التي يستعرض الراوي تاريخها في الاضطهاد الذكوري والجنسي من زواج سابق رغم انتمائها لأسرة على قدر من العلم والانفتاح، عهود تختاره وتستبقيه في دمشق متخلفاً عن أفراد طاقم المسرحية، وتتجول معه في عاصمة الأمويين وتستحوذ اهتمامه وتفكيره وتتزوجه من دون أن تتيح له مجالاً للاعتراض..مرة لانذهاله بسحر المرأة ومرة لشعوره بدونيته تجاهها وهو الإنسان البدون- تعود لتشعره بموقعه في السلم الاجتماعي عند اجتياح الكويت عندما تنكر عليه إحساسه بأزمة بلده مشككة بوطنيته وانتمائه وهو الموجوع والراوي للحدث الجلل ألا وهو الاحتلال الذي أثقل بوطأته على الجميع بدءاً من الجندي العراقي المغلوب على أمره والمساق رغماً عنه إلى معركة ليست معركته وليس انتهاء بفئة المثقفين والقلة التي هبت لتدافع عن مقومات وجودها في المكان... صورة وجدانية جذابة يرسمها للموقف الوطني الغيور على حياض أراضيه عبر زمان ومكان الحدث الروائي مستخدماً ما يسمى التخيل التاريخي مزاوجاً فيها بين الرغبة بالحدث وبين ما حدث فعلا حيث إن الحدث غير البعيد نسبياً يوحي بمواجهة كانت خجولة ومتواضعة ضمن حالة عدم تكافؤ عسكري بين القوات الغازية والمقاومة الشعبية التي أخذت بعداً نفسياً ووجدانياً ومر كذلك مروراً خجولاً عن التجاء أولي الأمر خارج الأزمة لكن لم يفته تصوير استقبالهم استقبال الفاتحين مع العلم بأنهم استنجدوا بكل عتاة الأرض لهزيمة القوات المحتلَّة.لعل الشرخ العميق الذي أحدثه الاجتياح في منظومة المبادئ القومية عند إنسان المنطقة والقومية العربية التي تجمع أبناء الجغرافيا الواحدة يعيد التساؤل حول مقولة: العروة الوثقى التي تربط أبناء تلك التخوم الجغرافية، وماذا حلَّ بتلك الأواصر القريبة في لحظة مفصلية؟ فالشرخ كان مزلزلاً وأحدث انقلاباً في بنية المفاهيم والمسلمات الكائنة لديه، فالأخ أو الجار الذي يرتبط أفراده مع الطرف الآخر بوشائج القرابة والجيرة والتداخل العائلي، لم يعد كذلك فقد أصبح محتلاً، أسئلة كبيرة تمور في وجدان كل عربي ممثلة ببطله الذي بدا حائراً مرتبكاً بين موقفه المركب كمثقف وموقفه ك "بدون" وموقفه المركب كذلك حيال المرأة حيث يشابه اضطهادها من قبل الأعراف والقوانين السائدة باضطهاد الإنسان ال "بدون"..... وهو الإشكالية باعتباره ذكراً و"بدون" في وقت واحد.توغل الكاتب بعيداً في صلب المعاناة النفسية للبطل الأمر الذي جعله سلبياً في تردده ومواقفه المؤجلة، ولكنه في الوقت نفسه كان واضحاً وصريحاً بما يتعلق بالأزمة الوطنية للبلد الذي يعيش فيه، من دون تمتعه بحق المواطنة الكاملة!ورغم بعض المؤشرات على تفاصيل في العمل الروائي، إلا أنه لا يمكننا إلا الإشادة بالأسلوب السردي واللغة الخاصة التي يلعب بها ببراعة صاحب "الكائن الظّل" التي نرى بصماته واضحة فيها عبر ضمير المتكلم "اجاهدني- اصرفني- تلفتني..وغيرها" استجابة للمونولوج الداخلي للشخصية ما يخلق حالة سردية متكافئة بين الحدث العام والخاص والتجول بين الذاتي والموضوعي بخبرة نسَّاج عارف بأصول الصنعة الروائية ما يعكس تمكناً لافتاً من القبض على أعنة اللغة... ولِمَ لا وهو الأديب العتيق أدبا وعمراً؟هل يمكن أن ندرج هذا العمل ضمن سياق الرواية الذاتية من خلال تطابق حياة الراوي مع حياة البطل ومعايشته للأحداث المروية خلال ثلاثة عقود من الزمن..خاصة لجهة اشتغاله بالمسرح من جهة ومعايشته لحدث الاجتياح من جهة أخرى وحتى لو كان الأمر كذلك، فهو تصدى لقضية إنسانية على قدر عال من الأهمية ضمّنها عنوانه الجميل- في حضرة العنقاء والخل الوفي- بيقظة المستحيل وإعادة بعثه تأكيداً على بعث الحلم حياً في نفوس قارئيه. الرواية مشحونة بالأحداث التاريخية والمتناقضات التي يعانيها الكثيرون في المجتمع الكويتي بل والخليجي أيضاً من جراء مشكلات فرضت نفسها على هؤلاء الأفراد هناك، وهي بأمس الحاجة الأمس واليوم وغداً إلى حل جذري، ربما قرارات سياسية جريئة والرواية عمل أدبي إبداعي متميز تجسد في بنائها الفني وأسلوب كاتبها إسماعيل فهد إسماعيل القدرة البارعة على أسر القارئ وإثارة فضوله نحو متابعة أجواء السرد الذي يؤكد -من دون مجاملة- خبرته واقتداره على تمكنه من طرح مشكلة الرواية أو بالأحرى مشكلة المجتمع البارزة فيه والتي لم يعد السكوت عنها يفيد أحداً في المجتمع

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق