عظماء في طفولتهم > مراجعات كتاب عظماء في طفولتهم > مراجعة أمل لذيذ

عظماء في طفولتهم - محمد المنسي قنديل
أبلغوني عند توفره

عظماء في طفولتهم

تأليف (تأليف) 3.8
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

في إحدى المرات وضع مهندس في موقع تويتر رسم لمبنى صممه وهو صغير ولمبنى صممه وهو كبير وأثنى على جهود أستاذه الذي أشرف على موهبته واهتم به ولقت هذه التغريدة إعجاب كبير،ففيها وهج الموهبة منذ الصغر ولمعة وفاء لمن ساعد على إبرازها،وهناك الفنان إلياس الرحباني الذي كان في التاسعة عندما عثرت والدته على بنطلون الجينز الخاص به لتغسل فإذا به تجد قصيدة كتبها ابنه عليه فاحتفظت به كما هو وبكل فخر وحتى يومنا هذا يتذكر هذا الفنان لمستها الحانية والداعمة وهناك الصغيرة كوكو شانيل وهي تحول قديم ملابسها إلى أجمل صيحات الموضة فجعلت من حولها من الفتيات والنساء يقلدنها،وهناك أمثلة أخرى في الحياة تدل على بزوغ الموهبة منذ سن مبكر ومع المبدعين بشكل مبهر لا يمكن إلا الالتفات لها،وكتاب (عظماء في طفولتهم) للدكتور محمد المنسي قنديل يتحدث عن بريق الموهبة في فترات العمر الأولى في أسلوب معتمد على الحكايات المشوقة.

وفي مطلع الكتاب كان هناك قول للدكتور طه حسين عن أهمية هذه السلسلة من الكتب في توعيه القراء العرب وهو قول قصير ولكنه يحفز على قراءة الكتاب،وبدأ الكاتب في سرده عن (الجاحظ) من خلال موقف طفولي طريف وفي الوقت نفسه فيه سخرية قد تكون قاسية بالنسبة لطفل،فالجاحظ الصغير دخل في مجادلة على مائدته التي تعب عليها مع بخيل متطفل غافله بكلامه وأسلوبه ولم يبق على شيء من طعامه،فكانت ردة فعل الجاحظ هي أن يكتب عن أمثال هذا الرجل بأسلوب فذ وفصيح في كتابه الشهير (البخلاء)،وبعد ظل سنلتقي بالصغير الحسن بن الهيثم وهو يحاول أن يسلم ويحادث العلامة ابن سينا وأن يعرف عن نفسه وعن علمه أمامه لتتشكل لدينا لاحقاً شخصية رائد علم البصريات ليس فقط في العالم العربي الإسلامي وإنما أيضاً في العالم بأسره،وفي الفصل التالي سنعرف البيروني في أول لحظات تألقه في صباه حينما استعان به السلطان لمعرفته بخطوط العرض والطول وقد برع البيروني في الرسم وفي التعامل الصبور مع السلطان وبتهذيب جم وقد استندت الرسوم والمخطوطات لاحقاً من جهوده ومن كتاباته،وفي الفصل التالي سيمر بنا الصغير صلاح الدين الأيوبي واعتداده واعتزازه بنفسه والشجاعة التي تحلى بها في قتاله لأعدائه وكرهه للظلم ورغبته الكبيرة في زواله حتى كرمته الكثير من الكتب التاريخية على بسالته،وهناك طفل لم يتجاوز الثانية عشر من العمر أنقذ والده وساهم في محافظته على منصبه لما وبحنكة شديدة عثر على من سرقوا أكثر من مخزن من المخازن المهمة في تونس ليغدو هذا الطفل وزيراً وكذلك كاتباً ومفكراً حتى الآن يتناقل ويناقش علمه وهو ابن خلدون،وهناك الصغير الموهوب الذي هرب من نظام الرق وأراد التحرر بموهبته وحروفه ومخطوطاته ورغبته العارمة في التعرف على كل البلدان فكان المخرج له هو العمل لدى وراق أثناء تواجده معه تم عتقه وتمت معاونته على السفر إلى كل بقعة أرض تمنى رؤيتها ولم يزرها وهو الرحالة المعروف ياقوت الحموي،وهناك جابر بن حيان الذي انبهر بتجربة كيمائية فتابعها بالصوت والصورة والحركة والملمس واشترك فيها حتى صار رائد الكيمياء الأول وكذلك الصناعات المعتمدة عليها،وسنسمع حكاية طفل صغير قرر الاختباء في سفينة والده لحبه للترحال ولروح المغامرة التي تملكته فلم ينصت لأوامر الأب الذي حينما علم بما قام به ابنه عاقبة حتى أن من على ظهر السفينة تعاطفوا مع الصغير ورأوا فيه صلابة وقوة وملاح في ريعانه وما شفع للابن عند الأب هو حمايته للسفينة من غرق مقبل من خلال دقة ملاحظته فكانت هذه بداية شهاب الدين بن ماجد،وفي صورة درامية كبيرة ومؤثرة سنسمع حوار بين عبدالعزيز الصغير وأخته نورة في حضور والده أثناء رحلة قاسية في صحراء مترامية الأطراف في الجزيرة العربية ورؤيتهما لمعارك ومصاعب حتى تمكن عبدالعزيز بن سعود من تأسيس مملكته،وسنرى الطالب الجزائري المتمرد على التعليم الفرنسي تحت وطأة الاحتلال وتأييد والده الشيخ الجليل لموقف ابنه وهذا الابن سيعرف بنضاله ودفاعه عن وطنه ودينه وهو عبدالحميد بن باديس حتى نالت الجزائر حريتها،وفي المغرب كان هناك المناضل عبدالكريم الخطابي وكفاحه الذي قاوم الاستعمار الأسباني وهو في العاشرة وبرباطة جأش تعجب منها الأسبان حينها وبالطبع لاحقاً حارب كذلك الاستعمار الفرنسي في بلاده،وسنلتقي بطفل حفظ القرآن بسرعة وبلهفة بالرغم من عمى بصره وكيف أن محفظ القران في بلدته لم يكن يرد سماعه لأن الصبي قد أثر بقصر وقته في الحفظ على عمله وعلى أجره فاستجمع الصغير حزنه ودمعه وتوجه لمنزله فإذا بطلاب الكتاب معه يقومون بتسميع أجزاء له دون الحاجة لصك من شيخ الكتاب وهذا كان النصر الأول لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي أحب العلم وأحب نشره فلما صار وزيراً للتعليم نادى بأن يتعلم الجميع في وطنه وبالمجان،وتأتينا حكاية فتى في الرابعة عشر من عمره جاء ليعمل في وظيفة في وزارة الأوقاف فما كان من رئيسه إلا أن حاربه ولكن هذا الفتى كان بالمرصاد دوماً وببراعة وذكاء وطلاقة قلم ولسان حتى الاستقالة كانت رداً مفحماً لمديره والفتى هو عباس العقاد صاحب العبقريات وغيرها من المؤلفات التي أدهشت من يحبون الأدب العربي والأدب الإسلامي،وسنرى الصغير جمال عبدالناصر وهو يساعد الطفلة البائعة ويتضايق ويحنق من الجور الذي لحق بها وظل يشن حملاته ضد الجور في كبره،وهناك إصرار نابليون بونابارات على النجاح والالتحاق بالعسكرية بالرغم من قصر قامته ولكنه واصل وبعزيمة كبيرة لينال مكانه فيه لقدرته الهائلة على التصويب ومن مسافة بعيد ليصبح القائد العسكري والإمبراطور الفرنسي،وفي يوم إكتشف العامل في قطار حديدي بأن هناك معملاً مصغراً في قطاره ويديره طفل يدعى توماس إديسون فلم ينهر الطفل ولكنه طلب منه الانتباه لكي لا يشعل حرائق وللأسف أحرق الطفل بالخطأ معمله الأول فقرر أن يؤسس معملاً ثابتاً فكان له ذلك وهكذا بدأت أهم اختراعاته،وهناك (فلورانس) الصغيرة ابنة العائلة المترفة التي تقمصت دور الممرضة وهي تداوي جريحاً اقترب من منزلها ومنذ ذلك اليوم قررت أن تلتحق بالتمريض بالرغم من معارضة عائلتها فصارت ممرضة معروفة خاصة في فترة الحروب وهي تمسك بمصباحها لتداوي المصابين وتم تقديرها لما بذلته من عطاء رحيم،وهناك "ليو تولستوي" ابن الطبقة الثرية والذي طالب في كتاباته ومؤلفاته بمحاربة الفقر فنراه في حادثة الحصان وما فيها عمق بالمناداة بالحرية،وهناك الصغيرة (ماري كوري) مع ابن عمها كارل لتراه في مختبره فتدعمه في اكتشافاته وأبحاثه لتكتشف هي عنصر اليورانيوم وتحصد الجوائز والمكانة العلمية المرموقة،وسنعرف الموقف الإنساني العائلي الذي هز روح الصغير (غاندي) حينما لدغت الأفعى أمع وعامله المستشفى الإنجليزي وأمه ومن معه من هنود بمنتهى العنجهية والقسوة فمقت الاستعمار وكرس طاقته لمواجهته.

كتاب (عظماء في طفولتهم) للدكتور محمد المنسي قنديل يخبرنا بأن الأطفال هم من سيحملون شعلات أحلام الغد ولهذا من الضروري ليد عوننا أن تمتد.

Facebook Twitter Link .
12 يوافقون
اضف تعليق