الإنسان والبحث عن المعنى "معنى الحياة والعلاج بالمعنى" > مراجعات كتاب الإنسان والبحث عن المعنى "معنى الحياة والعلاج بالمعنى" > مراجعة زينب مرهون

هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

على هذه الأرض لا يخلو العالم من المعاناة ولا يخلو الإنسان من الألم واليأس والاكتئاب الحاد. لكنك إذا أردت البقاء مع كل هذا الوجع ردد كما يقول درويش: " على هذه الأرض مايستحق الحياة ".

وأنت تقرأ هذا الكتاب سيفتح عليك أبواب من المعاناة. معاناتك في الحياة بشتى مجاميعها " سواءً على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي أو العلمي ...الخ، والأهم معاناتك وأنت تعيش في ظل الأزمات السياسية فكلما أدرت رأسك للخلف وجدت الإنسان يسيل خراباً وآخرون تجدهم منزويين مع أنفسهم مطحونين من البؤس والألم فاقدين في أرواحهم عن "معنى البقاء ".

انتهيت قبل يومين من هذا الكتاب الرائع والذي تحدث فيه الدكتور والعالم النفسي فيكتور فرانكل عن نجاته من الاعتقالات النازية وكيف استطاع من خلال إيمانه الاستمرار في مقاومة الحياة المرعبة في قعر السجون. متحدثاً في الفصل الأول عن التفاصيل الوحشية في سجن " آوشفيتز " وكيف أصبح هو ومن معه أرقاماً سهلة تحركهم سلطة الإحتلال كيفما يريدون. متنزعين كل معنى الحياة لهؤلاء المعتقلين، مما خلّف في أرواحهم فكرة الانتحار والإحساس بالعدم والبلادة. إذ من الصعب جداً أن تكون ميتاً جسداً لكنّ روحك حية وتعاني. أما الأمر الأصعب والذي لا يستطيع أي مخلوق على الأرض تجريدك منه الإرادة والغاية السامية التي تسعى من أجلها وتحملها في داخلك فكما يقول دوستويفسكي: ( يوجد شيء واحد يروعني، وهو ألا أكون جديراً بألآمي ). فالإرادة والغاية التي تسعى من أجلها لا يمكن فقدها طالما أنت تحمل في داخلك مقدرة التحمل من المعاناة من أجل عن معنى يبقيك. فكما نحن نستطيع أن نجد المعنى لحياتنا من خلال لحظات السعادة، كذلك نحن قادرين بإبجادها في سطوة المعاناة. إذ الألم والمعاناة جزء من الحياة ويتعذر الخلاص منهما، فشأنهم في ذلك كشأن القدر والموت، وبدون المعاناة والموت لا تكتمل حياة الإنسان. فكما يقول نيتشة: ( من يمتلك سبباً يعيش من أجله فإنه يستطيع أن يتحمل بأي طريقة وبأي حال ).

أما في الجزء الثاني من الكتاب فجاء الحديث عن المبادئ الأساسية للعلاج بالمعنى إذ يركز فيكتور فرانكل على المعاني التي يجب أن يتطلع بها الإنسان في مستقبله، والتي تؤكد على معنى الوجود الإنساني، " فـ لكي تعيش عليك أن تعاني ولكي تبقى عليك أن تجد معنى للمعاناة ". للأسف نحن كأمة لدينا الكثير من فراغ الوجود والمعنى فأبسط مثال حين تسأل بعض من البشر ماهي غايتكم؟ الإجابة التي تأتي سريعة ومن دون تردد: الإبادة والتطهير العرقي لهؤلاء الفئة. الإجابة التي تنم حقد وكراهية وعدم التسامح مع المذاهب. مؤلم جداً أن نرى من هؤلاء الشباب هذا التفكير ولا أعلم حقيقة يقع اللوم على من، هل على المنشآت التعليمية أم يقع على الآباء والأفكار التي يزرعونها في عقليات أبناءهم أم من الذين يدعون بأنهم علماء دين ؟؟؟!!.. مؤسف جداً خسارة الشباب أرواحهم وفقدانهم لمبدأ التسامح. ومن أجمل الأفكار التي طرحها فرانكل في هذا القسم " الحب ". فالحب هو أكبر مصدر قادر على أن يدفعنا في سبيل النجاة من كل المعاناة والألم فكما يقول يوحنا: ( الله محبة، ومن لم يعرف الله لم يعرف المحبة ).

أما في الجزء الأخير من الكتاب فقد جاء مكملاً عن الجزء الثاني وهو التسامي بالذات كظاهرة انسانية. فكما يقول آينشتاين: ( إنّ الإنسان الذي يعتبر حياته جوفاء من المعنى فهو ليس سعيداً فحسب ولكنه يكاد يكون غير صالح للعيش ). إذ يركزون الغربيون على أن التسامي بالنفس لأجل حب الحياة والتمسك بها وعدم التفريط بالحياة الباقية، بينما نحن المسلمين يأتي تركيزنا على الصبر والإيمان بكل ماهو مكتوب ومقدر لنا. فكما تقول الآية الكريمة: ( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) -سورة التوبة/ الآية ٥١.

مؤلم جداً أن تقرأ كتاباً يفتح عليك جروح لا تحتملها. آلمني جداً قراءة سيرة " فيكتور فرانكل " ومعاناته في قعر السجون. السيرة التي أخذتني إلى وجع بلدي وما نعانيه من أزمة سياسية خانقة وعن الكتاب الذي دونه المعتقل " أبو جهاد..جو " من شهادات موجعة جداً في حق المسجونين وماجرى عليهم في واقعة اليوم الأسود من ١٠ مارس، مفصلاً من ذلك التدوين عن انسلاخ الإنسان من الإنسانية وامتهانه في التعذيب جسدياً ونفسياً بكل سادية. والتساؤلات الكثيرة التي دارت فيّ عن أحوالهم ( هل هم بخير..وهل الأمل لا يزال يحيط بهم أم أن لكثرة التعذيب والقتل جعلهم يعيشون حالة من هالة اليأس تحيط بهم ).

الكتاب حقيقة عظيم جداً وملهم..ولا أعتقد قراءته مرة واحدة كافية.

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
اضف تعليق