رواية رائعة أخذتني بعيدا في الزمان والمكان .. منذ بدأت في قراءتها وانا لا أعيش على هذه الأرض بل اتنقل مع الرواية من ادغال افريقيا الحارة الى اصقاع أوروبا الباردة ثم الى ارض المكسيك المدارية الحارة، مع مجموعة احداث متسارعة وحبكة درامية عالية لا تخلوا من التشويق مع التقاط الانفاس في مواقف إنسانية تلقى بظلالها على جوانب خفية في النفس البشرية.

الرواية تحكى قصتين يسيران معا ويتقاطعان في بعض الخطوط، الأولى قصة مجموعة من العبيد أُخذوا عنوه من ادغال افريقيا ليتم تجنيدهم اجباريا في الجيش المصري، وتكوين كتيبة من هذه الوجوه السوداء وكأن كل ذنبهم ان لون بشرتهم اسود؛ بل ويتم إرسالهم الى حرب غريبة في ارض مجهولة ليقاتلوا أناس لا يعلمون عنهم شيئا، مجاملة من حاكم مصر الى حاكم فرنسا.

القصة الأخرى هي قصة شارلوت الطامعة، او الاميرة شارلوت -سليلة الاسرة الباربونية-وزوجة الأمير ماكس –سليل اسرة الهابسبرج-اهم العائلات الملكية الأوروبية. تلك الاميرة التي أودت بزوجها في غياهب مغامرة مجنونة انتهت بمقتله في المكسيك. حيث قادهما الطمع لقبول عرش امبراطورية المكسيك تحت رعاية نابليون الثالث امبراطور فرنسا.

تلك هي القصة التي رسمها "المنسي قنديل" ببراعة ونسج خيوط احداثها بدقة متناهية، حيث استطاع التنقل بين القصتين في براعة، كما ان لغة الرواية وحوار الشخصيات كان سلس لم يشعرني بالضيق .. وأكثر ما أعجبني في الرواية هو تناول قصة (الكتيبة السوداء) في المكسيك وكيف استطاع الكاتب ببراعة ان يجعل من كل فرد في الكتيبة بطلا يسرد قصته بشكل منفرد، دون الانقطاع عن مسيرة الكتيبة في خوضها للمعارك في المكسيك وتقلباتها في الحرب.

كما ان "المنسي قنديل" له قدرة خاصة على اشراكك في الاحداث ويجعلك تعيش مع كل شخصية على حده وتتعاطف مع تقلباتها في الحياة.

الرواية يغلب عليها الكثير من المشاهد الجنسية الفجة كعادة روايات "المنسي قنديل" ومازالت عند رأيي انها حشو زائد لا طائل من ورائه ويمكن الاستغناء عن هذه المشاهد دون التأثير على سير الرواية